رسالة من ناصر الحجاج
إلى السيد علي السيستاني

أنطق يا آية الله، أنطق يا أفقة العلماء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد فقد قال الله جل شأنه في محكم كتابه المجيد:
بسم الله الرحمن الرحيم
وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {14/4}
وقال الإمام علي بن أبي طالب:
وَ مَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَى الْعُلَمَاءِ أَلاَّ يُقَارُّوا عَلَى كِظَّةِ ظَالِمٍ وَ لاَ سَغَبِ مَظْلُومٍ لأَلْقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا وَ لَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِهَا وَ لأَلْفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هَذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْزٍ. نهج البلاغة: الخطبة الشقشقية
ليس حلما ما نمر به نحن في العراق، هو حقيقة، من رآها فقد رآها. لكنّ شرحها يطول وقد كفيته وإياك لأننا شاهدان على الدم الذي فاضت به محاجم الفقه، وبلغ العرش رائحته، وخجل الشفق من انهراقه.
ويك إنني أكتب إليك أخا في الدين والعقيدة، أجد سطوري إليك حجة الله عليك. فإن رددتها بقدرها فقد سقط التكليف، وإن وصلتك ولم تردُدْ فتقصير لا عذر فيه. وإن حيل بينها وبينك فلله الأمر من قبل ومن بعد، وهو علام الغيوب.
أخي الحبيب
كنت شاهدا على جرائم البعث وقد بلغنا أن أذاها قد بلغك، وأنك أوذيت كما أوذي غيرك. وها اليوم الطويل من القتل الذي ترعرع حتى طالت شظاياه قبر جدنا علي بن أبي طالب. فلم يبق في القوس منزع وليس بين السكين والوريد إلا التمتمة بسم الله.
فباسم الله أخاطبك أيهاذا الذي أكن لك احتراما كبيراً، فأنت أخي في الدين، إن تزحزحتُ أنا، فلن تترك أنت حبل الأخوة في الإسلام وفي مولاة من أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
أخاطبك لا كونك معلما في الحوزة العلمية، ولا كونك عراقيا، ولا حتى كونك معمماً. أخاطبك بصفتك آية الله العظمى المرجع الديني المجتهد الأكبر الأعلى لطائفة المسلمين الشيعة في العالم. بكل ما تحمّلك تلك الألقاب من ثقل الأعباء أما الله وعباده الذين ابتلاك بهم وابتلاهم بك.
أيها الشيخ الذي تجاوز وطنه وحمل لواء الإسلام، أنت في غربة، أقدر أنا جراحها في صدرك، لأنني تغربت مثلك في الثانية والعشرين من عمري، وحملت منفاي استشرافا لقدر الآية المباركة: وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {4/100}.
أقول لك أيها الأخ الحبيب في الإسلام مذكراً، ولعل قصوري شفيعي في الذي قصرتُ عنه. فالله نستعين ونعبد.
إنني ومذ وصلت إليك زعامة الحوزة العلمية بأنك المجتهد الأعلم بالشياع وبأهل الخبرة لم أجد منك ما يثبت علميتك، فأنت مقلد حتى في رسالتك العملية التي حملت خطأ إملائك في إقرار أن العمل بهذه الرسالة مجزئ ومبرئ للذمة إنشاء[هكذا] الله.
أنت لست عالما لأنك لم تصل بخطابك، إن ثبت أن لك خطاباً، حتى إلى المستنيرين من أبناء الطائفة الشيعة. أنت ليس لك أدنى اهتمام بقضايانا لا ببيتنا وأبنائنا، ولا بعملنا ومحل انشغالاتنا،بوطننا أوبمنفانا. لا تكتم علمك يا أخي.
•العالم ليس للفقه وحسب، بل لما أراده علي لجدنا الحسن والحسين :أُوصِيكُمَا بِتَقْوَى اللَّهِ وَ أَلَّا تَبْغِيَا الدُّنْيَا وَ إِنْ بَغَتْكُمَا وَ لَا تَأْسَفَا عَلَى شَيْ‏ءٍ مِنْهَا زُوِيَ عَنْكُمَا وَ قُولَا بِالْحَقِّ وَ اعْمَلَا لِلْأَجْرِ وَ كُونَا لِلظَّالِمِ خَصْماً وَ لِلْمَظْلُومِ عَوْناً أُوصِيكُمَا وَ جَمِيعَ وَلَدِي وَ أَهْلِي وَ مَنْ بَلَغَهُ كِتَابِي بِتَقْوَى اللَّهِ وَ نَظْمِ أَمْرِكُمْ وَ صَلَاحِ ذَاتِ بَيْنِكُمْ فَإِنِّي سَمِعْتُ جَدَّكُمَا ( صلى الله عليه وآله ) يَقُولُ صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ عَامَّةِ الصَّلَاةِ وَ الصِّيَامِ اللَّهَ اللَّهَ فِي الْأَيْتَامِ فَلَا تُغِبُّوا أَفْوَاهَهُمْ وَ لَا يَضِيعُوا بِحَضْرَتِكُمْ.
•لقد ضاع أيتام العراق بحضرتك أيها الشيخ فلا دار أيتام تؤوي من قتل ولا صدقة تصل إلى أطراف الهور، ولا لقرى ديالى، ولا أزقة مدينة الثورة..... وكيف لك أن تستشعر البطون الغرثى وأنت لم تصل إلى الحويش في النجف، ولا زرت عمرك مدينة إلا اللهم البصرة التي دلك عليها الطيران. لا تدري ماذا يأكل الناس في الحيانية، ولا كيف يخطب الرجال النساء في الحمزة، ولست تدري كيف يتعامل الطلاب في ثانويات العراق وجامعاته. ترى كيف ستفتي، أبغير علم أم بوضع عبارتك المذيلة بإن شاء الله [إنشاء].
•أنت لست عالما فكيف تكون أعلم الموجودين أم تظن أن اختباءك وراء عباءة القداسة سيحول بينك وبين عين الحق الذي ما ربح من صارعه. أثبت أنك أعلم الموجودين بعد المعصومين. ألست نائبهم!!
•ليت شعري يا أخي كيف تفتي الناس وأنت لا ترى الناس.
كيف ولم تكتب يوما مقالا في مجلة، ولا أعطيت حديثاً لصحيفة أو فضائية. ولم يسمعك العالم تلقي خطبة صلاة على الراديو، ولا شاهدوك تتحدث على التلفاز. ما أنت!! شبح يسمى زعيم الحوزة العلمية يا أخي.
•ماذا سيقول الشيعة للآخرين نحن فرقة باطنية لا يرى قادتها إلا في الأوهام.
•أ أنت آية الله، كل الخليقة آيات الله.
•لكنك لست العظمى إذ لا أحد يدرى ما هي أعظم آيات الله جل شأنه.
•أين أنت من كل ما يحدث للعراق، أين مركزك وقداستك يا سيستاني من قتلى المقابر الجماعية ومن قبلهم، هل خصصت لهم شيئاً من الزكات أو الصدقات أو النذور أو الكفارات أو رد المظالم أو الخمس. وأنت المعني بهم. هل تملك كآية الله العظمى جردا بأتباع علي الذين قتلوا ليذبوا عن دين الاسلام.
•ما حكم المال الذي يؤخذ من دم العراق ليوزع على الدول الذين تأثروا نفسيا من طاغية الرعاق، و أبناء العراق أمامك لا يجدون إلا الموت الزؤام. هل كتبت مقالا تحدد حقوق العراقي من عائدات الثروات المعدنية، أليس الخمس من نفط العراق واجب للعراقيين لأنه مصداق لآية الخمس في (ما غنمتم).
•أين لقاؤك بالشيعة، الذين لا ترغب بزيارتهم، وبالسنة وبالطوائف العراقية الأخرى، أليس واجبا عليك أن تكون أول العارفين بأبناء الوطن. (زر غبا تزدد حبا). يا أخي في الإسلام.
•أين صوتك من هدم قبر علي، ومن هدم بيوت الله، أليس بيوت اليتامى بيوت الله.
•لماذا لا تحدد موقفك من مقتدى الصدر، حدده ليرتاح الناس، وليس أجمل من أن تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر. إذن لم يكن لك دراية بالسياسة فإصلاح ذات البين.
•لماذا لا تبادر بزيارة العراقيين إلى ديارهم، لا يكن بابا الفاتيكان أحرص على أتباعه من حرصك على مريديك. فأنت مطالب كونك (أعلم الفقهاء الأحياء) أن تخطو نحو المقلِدين الجاهلين بأحكام الدين سبعين خطوة قبل أن يخوا نحوك خطوة واحدة: ((إنَّ اللهَ لَمْ يَأْخُذْ مِنَ الْجَاهِلِ مِيْثَاقَاً وَاحِدَاً عَلَىْ أَنْ يَتَعَلَّمَ إلاَّ وَقَدْ أَخَذَ مِنَ الْعَالِمِ سَبْعِيْنَ مِيْثَاقَاً عَلَىْ أَنْ يُعَلِّمَ)) نهج البلاغة.
•تحدث إلى العالم بما يتناسب وموقعك، فليس مبررا أبدا أن ترتفع الأصوات دون صوتك، وأن ترى الوجوه حتى الكالح منها دون وجهك. نحن بحاجة إلى أن تحمل لواء محمد وعلي والصحابة والتابعين. فكن عند حسن ظننا بك. تحدث ولو بلغتك الأم غير العربية وليكن حديثك مسموعا أو مصورا، أم هل إن نقل الصوت والصورة حرام، فنحن لم نر صلواتك ولا خطب صلواتك على الأقل.
كثيرة أيها السيد تساؤلاتي، قدر همومي. قدر الجراح التي يصاب بها المسلمون من مريديك في العراق. هم يعدونك أباهم الروحي. فلم لا تكون رباً حقيقيا لبيت العراق.
إنها رسالتي الأولى لك، لا مستفتيا، ولكن ناصحا ناقدا لأخ لي في الدين سنقف يوم الحشر معا، كلا مقلدا عمله.
أنا أسأل أين أنت أيها السيد السيستاني، وإن بنبرة المحزون الحائر، فليكن جوابك: ها أنذا يا أخي.
والسلام
السيد ناصر بن محي بن عبيد الحجاج العبادي. المعروف بـ ناصر الحجاج
‏السبت‏ في 28 آب‏، 2004 الموافق ل 13 رجب 1425