عوده لموضوع حكومه المالكي، فان الضغوط التي تمارسها بعض الاطراف العراقيه ربما اتت لتتوج جهود اخرى وضغوط مورست لمحاوله استباق مع استحقاقات الجدول الزمني الذي منحه الكونغرس للرئيس بوش و الذي يفترض ان يقدم تقرير ادارته عن الانجازات في العراق بموعد لا يتجاوز شهر ايلول. من هناكان مهما لدى الاطراف المنافسه للمالكي ان تظهر عجزه عن تحقيق اي تقدم في العمليه السياسيه على الاقل بعد كل الذي تحقق على الصعيد الامني والذي يشبه المعجزه وذلك املا من تلك الاطراف في ان هذا الفشل سوف يعزز حظوظها في الدفع الى تغيير امريكي يسعى له دعاه التعجيل بغلق الملف العراقي من الامريكان من خلال تعزيز الدعم لمجموعه الطرف المعارض للمالكي باعتباره فاشلا في طرح نموذج مناسب.
وبالرغم من منطقيه هذا التوجه فانه سيف ذو حدين. المالكي الذي حاول بكل ما يستطيع اداره دفه حكومه وحده عرجاء على مدى اكثر من ثمانيه عشر شهرا وفي ظرف داخلي و اقليمي ودولي غايه في التعقيد، سيكون له من المسببات ان يتقدم ليقول ان المشكله اساسا تكمن في مبدأ حكومه الوحده وانه سيكون مناسبا للمرحله القادمه
الانتقال الى واحد من نموذجين، اما حكومه تكنوقراط يقودها بعيدا عن الانتماء الحزبي والعرقي والطائفي وهو مايفضله، او ان يتقدم بحكومه اغلبيه برلمانيه متجانسه تحقق له اداره للدوله اكثر قدره وقوه.
كلا الخياريين لن يكونا قطعا في مصلحه جبهتي التوافق او العراقيه وسوف يسببا انقسامات في كلا الجبهتين اللتين تعانيان اصلا من التشرذم واختلاف المواقف. هناك بالطبع من يراهن على الصدريين في منع تحقيق الاغلبيه البرلمانيه للائتلاف، ولكن علينا ان لانمزج موقف الصدريين مع موقف التوافق او العراقيه. الصدريين انسحبوا من الوزاره لاحتجاجهم على المالكي بعدم تقديمه جدولا زمنيا لانسحاب القوات الامريكيه وهو امر تعارضه تماما كلا الجبهتين. كما ان الصدريين عند الانسحاب خولوا المالكي نفسه طرح اسماء وزراء مهنيين غير حزبيين وبالتالي فان انسحابهم يعطي المالكي قوه وليس العكس.
المالكي عرف كيف يسير فوق صفيح الوضع السياسي المعقد والساخن وهو يلعب اليوم واحده من اكثر كارتاته حذقا. فهو من ناحيه رد على موقف التوافق بكل ضراوه دفعتهم الى قطع اي محاوله للعوده للحكومه واعلان الانسحاب ولكنه في نفس الوقت يرفض استقاله الوزراء. اي انه من ناحيه يدفع تهمه الطائفيه والاستفراد التي
يحاول معارضوه لصقها به من خلال اظهار موقف رسمي منفتح ولكنه في نفس الوقت يدفع بالمتحدث باسمه الضغط نفسيا على التوافق لقطع طريق العوده عليهم.. وهو بالتاكيد بانتظار نفس اللحظه التي يراهن عليهامعارضوه المتمثله بتقرير ايلول ليقول للاداره الامريكيه ان لاحل يرتجى من حكومه الوحده الوطنيه التي ولدت ميته في مختبر السفاره الامريكيه. من هنا فان رد البيت الابيض المباشر على انسحاب التوافق من الحكومه والذي قلل من اهميته، انما جاء ليعكس قلقا امريكيا حقيقيا من تلك الخطوه الغير الموفقه وانه لن يفسرها ضد المالكي كما كان امل من اوحى للتوافق باتخاذها.
اعلان انسحاب التوافق لم يكن موفقا بالمره فداخليا كان توقيته اسؤ ما يكون حيث جاء متزامنا مع افراح شعبيه وطنيه عارمه ايقضت مشاعر الوحده و الامل مما شكل رد فعل سئ جدا حتى لدى جماهير تلك الجبهه متهمه اطراف معينه بالجبهه بمحاوله اعاده الشارع العراقي الى سابق عهد التشنج الطائفي حفظا لمواقعها التي غنمتها نتيجه لذلك الشحن. من ناحيه اخرى فان الوضع السياسي العربي العام بدا يكتشف ان لعبه الشد الطائفي في العراق لن تكون ذات نتائج ساره كما كان التوقع، فنتائجه كانت سيطره كرديه و شيعيه سياسيه شبه مطلقه على مقاليد الامور مستفيده هي الاخرى من ضرف التشنج الطائفي الذي يسود الشارع و نفوذ اكبر للايرانيين اللذين نجحوا في لعب كلا ورقتي المقاومه و الحكومه الوطنيه في ان واحد. مما يدفع بتلك القوى العربيه الاساسيه الى مراجعه جوهريه في اسلوب تعاطيها مع الملف العراق باتجاه لعب دور اكثر توازنا بين اطرافه وتخفيف حده الشد الطائفي بين عرب العراق ومحاوله جسر ما أنقطع مع الرموز الشيعيه السياسيه وتشجيع روح الوحده الوطنيه وقد تمثل ذلك جليا في موقف الاعلام والسياسه العربيه من التجاوب مع تفجر طاقه ضمير الوحده الوطنيه عند العراقيين الذي تم التعبير عنه في الانتصار الرياضي في دوره اسيا كل ذلك ياتي في وقت تزايد فيه نفوذ القوى السنيه الشعبيه العربيه من عشائر وتنظيمات مسلحه و المنافسه للتوافق وفتحها باب التحاور مع الامريكان والحكومه مباشره مما اخل بصفه التمثيل التي تدعيها الجبهه لسنه العراق وهو امر في غايه الخطوره على مستقبل الجبهه التي طرحت نفسها اصلا كواجهه طائفيه سنيه معادله للائتلاف كواجهه شيعيه، وما المعركه الانتخابيه الساخنه على مقاعد المجلس البلدي في الرمادي الا واجهه اوليه لذلك الصراع بين القوى الشعبيه و بين من يدعي الاستفراد بتمثيلها
اذا اضفنا الى كل ذلك موضوع الظرف المحرج للاداره الامريكيه التي هي بحاجه ماسه الى انجاز سياسي في العراق تقدمه كدليل على نجاح مسعى زياده القوات الذي يطالب بوش بدعمه ماديا، فان جبهه التوافق ربما تلعب ورقه خاسره قد يكون هدف من ورطها بها هو التخلص منها بدفعها للانتحار كما فعل بالامس القريب مع القاعده عندما اصدر فتاوي الجهاد في العراق لالشئ الا لقتل أعدائه الداخليين من خلال توفير مناخ اعاده تصديرهم بهائم تفخيخ الى بلد الرافدين و تفجيرهم بين اسوده بديلا عن ايذاء الصقور.