فنتازيا عربية (2 -6)

من تحدثنا عنه في المقال الاول من هذه السلسلة هو جاري الأستاذ quot;مستعـد علي مستعـدquot; الذي أنهكه التفكـير في شئون الامة على مدا ر السنين ولم يستطع صبرا على ما يجري في ا لساحة وهو يرى أبناء العروبة يتلاعـبون بمصائر بلدانهم ويتبادلون الاتهامات والشتائم.... وا لكراسي (كراسي الحكم وليست تلك ا لموجودة في المقهى او الحفلة)، وبلدانهم في ا لنازل، كل يزعم بأنه الأجدر والأولى بقيادة ا لبلاد وصاحب ا لحق ا لتاريخي والجغرافي في ذلك (والآخرين ولا حاجة). الكل شكل حزبا او تنظيماً او ارتكب انقلاباً، وصار زعيما وزعم انه صاحب ا لحـل وا لعـقـد وا لوحيد ا لذي يستطيع ان يخرجنا من عنق الزجاجة، ولكن ما ان يضع يده على ا لسلطة سرعان ما تتبدل الرؤيا وتتغير الاجندة ويبدأ ا لتسويف وا لمماطلة والكلام الكثير ويختفي العمل. تُعقد الاجتماعات ت لتباد ل الاتهامات ومناقشة : هل البيضة من الدجاجة أم ا لدجاجة من البيضة؟وكل اجتماع لا يؤدي إلا إلى الاجتماع التالي. تُشـكل ا للجان لا لسبب إلا انبثا ق لجان عنها، تُوضع الخطط لكي تعدل أو تلغى، يُعـيَّن الأشخاص في المناصب ليفـصلوا منها ولا احد يعرف لماذا تم تعيينه او فصله، واخيرا نجد أنفسنا في قاع الزجاجة التي كنا في عـنقـها، هذا اذا لم تكن الزجاجة قد ضاعت ونحن بداخلها.
كل هذا والأستاذ مستعـد يراقـب وينتظر لعـل وعسى،ولكن بعـد أن فاض به الكيل صارحني بأن لا فائدة ترجى من هؤلاء ولا وقت للانتظار أكثر من ذلك وبما أنه الوحيد الذي لم يشكل حزبا بعـد فـقـد رأى ان يدخل المعترك بنفسه ويشكل حزبا يختلف تماما عن الأحزاب ب القديمة التي سادت في الوطن العربي، ويبتعـد كل ا لبعـد عما اتصفت به تلك الأحزاب من ا لوعود والتسويف والمماطلة وتقديم رجل وتأخير أخرى في أي موضوع، ورؤية أ لفيل وطعن ظله وفي أحيان كثيرة يكون الطعن في أثر ظل ا لفيل بعد أن يكون الفيل قد ابتعد مع ظله.
أعجبتني أفكار الأستاذ مستعد وطرحه الجديد على الساحة السياسية العربية، فما كان مني إلا الموافقة على الانضمام لذلك الحزب المزمع إنشاؤه، وإن كان الإعجاب هو سببي المعلن للانضمام فإن أجندتي المخفية هي اغتنام الفرصة لكي أكون الرجل الثاني في هذا الحزب وهذا ما يضمن لي أن أكون أحد القيادات التاريخية فيما بعد، بل وقد اكون الرجل الاول ضمنياً اذا تصادف ان كان الرجل الاول طرطوراً وديكوراً يحكم ويتحكم من خلاله الرجل الثاني، وهناك شواهد كثيرة في التاريخ على ذلك. ايضاً قد اكون الرجل الاول في حالة تدخُل عزرائيل لدى الاستاذ مستعد في اي لحظة، او اذا قويت شوكة الحزب ووصل الى مرحلة حبك المؤامرات ونسج المكائد. قمنا على الفور بالدعوة لتلك الأفكار تمهيدا للانضمام لعضوية ذلك الحزب وما هي إلا أيام وعمت الدعوة البوادي والحضر وتقاطر الناس للانضمام للحزب وحادات وزرفانا(زرافات ووحدانا في الأحزاب القديمة) فما كان من الأخ مستعد والحال كذلك إلا ودعى لانعقاد جمعية عمومية وحدد لها الزمان والمكان، على أن تكون مهمتها بلورة تلك الأفكار في برنامج محدد وواضح وملزم وأيضا اختيار اسم للحزب، واختيار القيادات على جميع مستوياتها وهذه هي الممارسة الحقيقية للديمقراطيةخلافا لما كان سائداً في العالم العربي حيث كان الزعيم يتكوَّن اولا ثم يكوِّن حوله القيادات (من الكومبارس)،ثم بعد ذلك قد يفكرفي وضع برنامج لحزبه وقد لا. واذا فكر، فانه قد يضع ذلك البرنامج وقد لا. واذا وضعه فقد يكون برنامجاً حقيقياً وهادفاً وقد لا. واذا كان حقيقياً وهادفاً فهو غالباً ما يهدف الى تحقيق وتكريس سلطة ذلك الزعيم وجعله الاول والاوحد في كل شئ، ويتحول الى القائد الملهم والزعيم الضرورة والرياضي الاول وهكذا اول في كل شئ ، وقد ينبثق عنه ابن يكوش على كل ذلك ويستمر الامر عائلياً. هذا ما كان يحدث في العالم العربي طيلة السنين الماضية ، وهو ما يريد الاستاذ مستعد تغييره. وعموماً سنوافيكم بمحاضر اجتماع الجمعية العمومية والاجتماعات اللاحقة لهذا الحزب في حينه لتروا الفرق بام اعينكم، وان لم تكن موجودة فبأبيها.