انخفض العنف في العراق إلى أدنى مستوياته مُنذ احتلال العراق، حيث أفلحت هذه المرة الاحصائيات التي أظهرتها التقارير العسكرية الأمريكية في الكشف عن واقع أغفله الإعلام العربي، بل وحتى ذلك المتشدق بالمصداقية والحيادية والمهنية( الإعلام الغربي).


التقدم الأمني بدأ بحكومة أنتهجت نهج العقلاء في التعامل مع الحدث، اجتثت المليشيات بدلاً من التمسك بشعارات زائفة، ونظريات صعبة التحقق على الأرض(اجتثاث البعث)، والجميع يعلم ان العديد من البعثيين يتولون مراكز متقدمة في الحكومة والجيش الحالي، ولاغرابة في ذلك فهم ابناء هذا الوطن، إن لم تتلطخ أيديهم بدماء الأبرياء.. وهكذا بدأت الحكومة تقاتل على جبهات متعددة من البصرة جنوباً ومروراً بمدينة الصدر، وليس انتهاءاً عند معركة (أم الربيعين) في الموصل الحدباء، واليوم في العمارة، وربما غداً في مناطق اخرى ساخنة؛ لإعادة أمنها المفقود.


وبالتأكيد فقد رافق ذلك التقدم الأمني سلبيات على أصعدة أخرى، منها الخجل السياسي، لجهة التطبيع بين القوى السياسية، والتي بدت خلال الايام القليلة الماضية تضع رجلاً على بساط العملية السياسية وتسحب أخرى، وكأنها تنتظر حدثاً أو معجزة ما تقلب الأمور لصالحها، وكأننا في صراع من أجل البقاء وتحقيق مكاسب أكبر.


فبعد أيام من انفراج سياسي شهده العراق مؤخرًا، تأتي تحذيرات جبهة التوافق من إحتمال إنهيار مفاوضات عودتها إلى الحكومة.. والحال كذلك ينطبق على القائمة العراقية، التي تتمسك بالعملية السياسية، ولكنها لاترغب في المشاركة بحكومة المالكي؛ لأسباب غير واضحة تماماً..! أما الكتلة الصدرية فحكايتها حكاية...! وهي على مايبدو راغبة في بقاء الحكومة تسير بقدم واحدة، حيث تزداد اثقالها كلما ازدادت المسافة..!


الدور العربي في العراق علامات استفهام وتعجب..
قيل في الدور العربي في العراق الكثير، وكم كنا نتمنى أن يُشمر العرب عن سواعدهم؛ للعب دور على طريقة حل النزاع في لبنان، عندما انتفض العرب للم شمل الفرقاء اللبنانيين في دوحة قطر، والتي ساهمت بدورها في فك عُقد السياسة اللبنانية المستعصية، وتحطيم قيود الخجل، ومكافحة بوادر الانشقاق التي أحدثتها اطراف خارجية، والتعجيل في تشكيل مناخات التقدم، وارضية المصالحة التي ستكون مهيئة لاستقبال الطوارىء المستقبلية.


الدور العربي في العراق لم يرتق حتى الآن إلى مستوى الطموح، الأمر الذي ساهم ـ وكما هو معروف ـ في تشكيل قوة خارجية غير عربية، كان لها الأثر الكبير، وإن كان خفياً، لكنه ساهم في تأخير التقدم الأمني والتقدم في عمليات إعادة الإعمار المنتظرة منذ سنوات.
وعليه فالعربُ، مسؤولون إلى حد كبير، عن مأساة التدهور الذي مرً به العراق مُنذ الإحتلال وحتى اليوم، ويبدو أن هنالك شبه اجماع عربي على ترك الوضع في العراق على ماهو عليه، وعدم التدخل لامن قريب ولامن بعيد؛ لغاية في نفس يعقوب..!


قد لاتكفي المؤتمرات التي عقدت وتعقد هنا أو هناك، لمساعدة العراق على النهوض من جديد، فهي مجرد علاقات عامة لا أكثر ولا أقل، وهنالك عدة آليات وقنوات عمل يمكن انتهاجها على جميع الأصعدة، واعتقد أن الجميع على معرفة تامة بها، فمثلما سُوي الأمر في لبنان بسرعة البرق وعاد كل شيء كما كان، بل ربما أفضل، يمكن أن يكون للعرب كذلك كلمتهم في العراق، أم أن البعض ولمصالح ما، يخاف أن يرفع صوته؟!

معد الشمري

[email protected]