شاهدت يوم الثلاثاء الماضي 17/6/2008، جانبا من جلسة مجلس النواب العراقي في بغداد منقولة على إحدى الفضائيات ومن خلالها تبادل السادة النواب شتى أنواع التهم فيما بينهم وذلك لتفجر الخلاف حول منظمة (مجاهدي خلق) الإيرانية وتواجدها على الأراضي العراقية برعاية وحماية قوة الإحتلال الأمريكية،وكالعادة كانت تضاريس الخلاف سرعان ما عادت الى قعرها تاريخا وجغرافية !! لتصب في المصب العام لكون العراق أرضا لصراع الآخرين وشعبه ضحية للمتصارعين وأهوائهم وخططهم وذلك واضح مع تاريخ العراق أيام الحكم العثماني والصراع مع الدولة الصفوية الواقعة على حدود العراق الشرقية !!وإنقسام العراقيين فيما بينهم ولغير مصلحتهم يالمطلق!!


لقد وقع العراق مرة أخرى تحت الإحتلال الأجنبي منذ سقوط نظام صدام حسين قبل أكثر من خمس سنوات وبلا شك فإن الأمريكان بوجودهم العسكري والمادي هم سادة الساحة الفعلية على المسرح العراقي ودعونا ممن موجود على هرمية السلطة التي أقامها الإحتلال ببغداد ويمنحها الرعاية والحماية مشجعا إياها على فعل كل هذا الفساد والإجرام بحق العراق الوطن والشعب ومما يمكن الإسترسال فيه هو أن هذا الإحتلال الأمريكي لابد أن يكون قد خط آثاره على نهج الحياة السياسية والإجتماعية في العراق وعلينا في هذا المجال ألا ننسى ما قاله وكتبه حاكم الإحتلال السفير (بول بريمر ) الذي وضع الأسس لهذا الكيان القائم حاليا حينما شدد على وجوب تغيير البنية التحتية للإقتصاد العراقي وجعله (إقتصاد حر وإقتصاد سوق) وما تحمله هذه الركيزة من قيم وآثار تفرز مكوناتها على المؤسسات التي ينشؤها الوضع الراهن تحت لافتة (إعادة بناء الدولة) وليس هناك من ضير بأن نأخذ بعضا من النموذج الأمريكي المعتمد حتى يتمكن الحكام الوكلاء ببغداد من تقليد ومحاكاة سادتهم بواشنطن..


المعروف في الحياة السياسية الأمريكية وجود مصطلح (اللوبي)،لقد تتبعت هذا المصطلح وما له من تعريفات وممارسات وأشهرها على الإطلاق وأكثرها فاعلية هو (اللوبي الصهيوني) في الولايات المتحدة التي فيها (لوبيات) متعددة قسم منها يعود حتى الى الأصل العرقي الذي نزحت منه المجموعات السكانية الى أمريكا كما في الأمريكان من أصل أيرلندي أو من أصل إيطالي ووجدت أن أدق تعريف لمصطلح (اللوبي) يتمثل بالآتي (( اللوبي:- عبارة عن مجموعة ضغط سياسي وإقتصادي واجتماعي واعلامي تكونت بفعل ظروف خاصة للتأثير على مواقف خاصة وتقديم الدعم المادي والمعنوي لجهة هي بحاجة الى ذلك،وتعمل جماعة اللوبي في البلد القاطنة فيه على المستوى السياسي والاقتصادي والفكري وغيره وفق خطة وثيقة ومحكمة وعبر تخطيط شامل أسلوبا ومنهجا يتزامن مع مراحل تنفيذ الأهداف المرسومة)).


عليه لا أدري لم لا تنضم حكومة الوضع الراهن ببغداد وضع هذه المجاميع التي تتشكل للدفاع عن أمريكا وإيران وغيرهما من دول العالم وتضع لها قانونا ينضم إنحيازها وخدمتها لهذه الجهات ويعطيها العلانية حتى يعرفها بقية الشعب العراقي ويقوم موقفه منها ومن ممارساتها وأعود هنا الى واقعة حدثت في بداية الخمسينيات أيام السيناتور الأمريكي المشهور بتطرفه ضد الشيوعية آنذاك (جوزف مكارثي 1908-1957) والذي جعل الحكومة الأمريكية أن تشترط كي تجيز الحزب الشيوعي الأمريكي بأن يسجل رسميا في وزارة العدل الأمريكية بأنه منظمة (عميلة ) للإتحاد السوفيتي وبطبيعة الحال لم يسجل الحزب المذكور نفسه بهذه الصفة وبقي على وضعه السري..


ما رأيناه وسمعناه من خلال المشادة المذكورة بمجلس نواب الإحتلال الأمريكي ببغداد وهذا الهوس الـ(المكارثي المسعور) ضد البعث والبعثيين والقضية المطروحة للنقاش ليست معهم لا من قريب ولا من بعيد وجانب من المتكلمين ممن خدموا وترعرعوا أيام الحرب العراقية الإيرانية وقاتلوا في صفوف الإيرانيين ضد الجيش العراقي وصاروا أدلاء ونشطاء في إنتزاع الإعترافات من الأسرى العسكريين العراقيين وقتلهم وساهموا بعمليات إجرامية بعد عودتهم للعراق مع الأمريكان في 2003 في تعقب وتصفية العناصر المختارة من الضباط العراقيين من أبناء العراق الأبطال من الطيارين والصنوف الخاصة، هؤلاء أصبح بعضهم (نواب الشعب!!) هذه الأيام ويتهمون الناس بوطنيتهم،لذا أرى بأن يشرع قانون وعلى الطريقة الأمريكية لتنظيم عمالتهم لإيران وكذلك لمجاميع العملاء الآخرين حتى نستطيع في العراق أن نفرز الوطني غير المرتبط بآجندة أمريكية أو إسرائيلية أم إيرانية وغيرها ممن قرروا عن طواعية ووعي وتضحية الإرتباط بتربة العراق الوطن والإنحياز التام لمصلحة الشعب العراقي فقط وعبر هذه الظروف المستحيلة!.
وأعود الى الملاحظات التي أثيرت في موضوع (مجاهدي خلق) حبث تاريخيا أنهم جزء أصيل من حركة الشعب الإيراني ومناضلين حقيقيين ساهموا بكل وطنية وتضحية الى جانب الفئات الإيرانية الأخرى في إزالة حكم الشاه العميل العام 1979 وحينما شرع الخميني وأتباعه بالإستيلاء على السلطة لصالحهم وحدهم أختلفت حركة (مجاهدي خلق) مع أصحاب العمائم بطهران وأضطر زعيمها السيد مسعود رجوي الى الإختباء ومن ثم الهرب من إيران جوا بمعية أول رئيس جمهورية لإيران بعد العام 1979 السيد أبو الحسن بني صدر!! وقد نال الألوف من مناصري الحركة خلال العقود الماضية القتل والموت تحت تهمة ضالة ومضللة من نظام طهران الحاكم بأنهم من (المنافقين!!)..

اسماعيل القادري

لنــدن

في 19/6/2008
[email protected]