الدولة المغربية تترحم على أشد معارضي الحسن الثاني
ضحايا 1965 شكلوا منعطفا في تاريخ المغرب الحديث
أحمد نجيم من الدار البيضاء: في سابقة هي الأولى في تاريخ المغرب الحديث، ترحم اليوم الجمعة أعضاء من المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء على أرواح ضحايا الأحداث السياسية التي شهدها المغرب في العام 1965، فقد انتقل أعضاء المجلس، وغالبيتهم معارضون سابقون للعاهل المغربي الراحل الحسن الثاني، إلى المقبرة، بعد توصية من هيئة الإنصاف والمصالحة التي أنشأها العاهل المغربي الملك محمد السادس للمصالحة مع الماضي الدموي والأسود بين الدولة المغربية والمعارضة السابقة. وشارك في هذه المراسيم الرسمية أعضاء من المجلس الاستشاري وعائلات المتوفين وممثلي الجمعيات السياسية وضحايا سنوات الاحتقان السياسي بين الملكية والأحزاب اليسارية. أحداث 1965 كانت أسفرت عن مجموعة من الضحايا، توصلت هيئة الإنصاف والمصالحة إلى تحديد 55 ضحية، وأوضح عضو الهيئة والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان أن جهود الهيئة توصلت إلى تحديد مصير هؤلاء الضحايا البالغ عددهم 55 شخصا، موضحا أن هوية 21 شخصا مازالت مجهولة.
وأوضح في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية أن تنظيم مراسيم للترحم على هؤلاء الضحايا مناسبة لتمكين الأسر من التعرف عن مآل ذويهم ووضع شواهد على قبورهم في إطار تضميد جراح الماضي. الباحث جنين داوود، يقول أن الفتيل الذي اشغل برميل بارود الغضب الشعبي تمثل في قرار لوزير التعليم يحرم كل البالغين 17 سنة من الالتحاق بالسلك الثاني من الثانوي. وأوضح أن هذا القرار كان بمثابة quot;صفعة قوية لآمال تحسين الوضع الاجتماعي عن طريق التعليمquot;. هذه quot;الصفعةquot; ستسهم بعد شهر في اندلاع إضرابات التلاميذ بمدن عديدة ، وكانت أضخم الاحتجاجات بالدار البيضاء، وقد انضم إلى الطلبة عمال وعاطلون.
المتظاهرون سرعان ما حولوا مطالبتهم الاجتماعية إلى مطالب سياسية، إذ عبروا عن رفضهم quot;للسياسة العامة للدولة وطبيعة نظامها السياسي وقمعها للمظاهرات بالإقدام على إحراق الحافلات والبنوك ومحاصرة إدارات الشرطة ورفع شعارات ضد الملكquot; يضيف الباحث نفسه. اليساريون يؤكدون أن قمع تلك الحركة الشعبية كان بإشراف من الجيش ووزير الداخلية آنذاك أوفقير. الحصيلة الرسمية آنذاك تحدثت عن 7 قتلى و69 جريح و168 معتقلا في حين أن منظمات يسارية، بناء على شهادات من عاين وشارك في الانتفاضة، تحدث عما يفوق ألف قتيل و7 آلاف معتقل، هذا الرقم ستكذبه هيئة quot;الإنصاف والمصالحةquot; التي أنهت عملها أخيرا، إذ تحدثت عن 55 قتيلا في تلك الأحداث.
وكان لتلك الانتفاضة تداعيات سياسية أثرت في تاريخ المغرب الحديث، إذ حل العاهل الراحل الحسن الثاني البرلمان بعد فترة، ثم اغتيل القيادي اليساري المهدي بنبركة في باريس في ظروف مازالت غامضة لحد الآن، لذا يسميها داوود أولquot; عصيانquot; سيطبع تاريخ مغرب ما بعد الاستقلال.
وكانت هذه الانتفاضة الشرارة الأولى لظهور تيارات ماركسية لينينية في المغرب، فظهر التيار الأول quot;23 مارسquot; يخلد تاريخ الانتفاضة، وكان على رأسه محمد بن سعيد آيت يدر، أحد أبرز الوجود السياسية المغرب، في مارس 1970، ومن بين قادته، كذلك حسين الكوار ومحمد لحبيب الطالب ومحمد لمريني وحرزني أحمد وسيون أسيدون، أما التيار الثاني فأسس في أغسطس آب من السنة نفسها وأطلق عليه quot;إلى الأمامquot; بقيادة أبراهام السرفاتي ومن بين قادة التيار اليساري الراديكالي عبد الفتاح الفاكهاني وعبد اللطيف اللعبي. كان الفرق بين التيارين أن quot;23 مارسquot; يؤمن بانتفاضة المدن التي تؤدي إلى ثورة شعبية، ضد الملكية. أما quot;إلى الأمامquot;، فكان يدعو إلى الانطلاق من مناطق محررة بالمغرب ثم تعميم الثورة فيما بعد، ومن هنا، كان تأييدها لجبهة البوليساريو المطالبة باستقلال المحافظات الصحراوية. التياران معا طبعا كانا يحاربان الملكية ويطمعان لإزالتها وإنشاء جمهورية.
[email protected]
التعليقات