مقديشو: إندلع قتال لليوم الثاني في العاصمة الصومالية يوم الأحد في الوقت الذي اشتبكت فيه القوات الأثيوبية مع الاسلاميين في أعنف معارك منذ أسابيع. واحتمى السكان الذين يشعرون بالخوف بمنازلهم في الوقت الذي سعت فيه قوات الحكومة الصومالية المؤقتة المدعومة من اثيوبيا والامم المتحدة للقضاء من جديد على المقاتلين.

وذكر مراسل أن اشتباكات بالاسلحة ونيران المدفعية اندلعت في مقديشو قبل الفجر يوم السبت واستمرت بقوة. وتقول وسائل إعلام محلية ان 15 قتيلا على الاقل سقطوا حتى الان وبينهم ما يصل إلى سبعة جنود اثيوبيين. وأصيب عشرات المدنيين من جراء الاعيرة النارية والشظايا الطائشة.

وتواجه حكومة الصومال الهشة أنشطة مسلحة على غرار ما يحدث في العراق من انفجارات قنابل مزروعة على الطرق واغتيالات وهجمات انتحارية منذ أن أطاحت بمجلس المحاكم الاسلامية المتشدد في يناير كانون الثاني بمساعدة دبابات وطائرات اثيوبية. وتأتي المعارك الجديدة مع المتمردين والذين تقول الحكومة ان بينهم متطرفون أجانب على صلة بتنظيم القاعدة في الوقت الذي تهدد فيه الخلافات السياسية بين الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء بانقسام في الحكومة الضعيفة.

ويقول محللون ان الخلاف دب بين الرئيس عبد الله يوسف ورئيس الوزراء علي محمد جيدي منذ توليا منصبيهما بنهاية عام 2004 بعد عامين من محادثات السلام في كينيا. لكن نطاق الخلافات اتسع في وقت سابق من هذا العام في الوقت الذي أيد فيه الرجلان شركات مختلفة على أمل استغلال ثروة البلاد النفطية المحتملة.

وقال شهود عيان ان ثلاثة مدنيين آخرين قتلوا عندما اطلق المقاتلون الصوماليون قاذفات على القوات الاثيوبية التي تحرس ضاحية مضطربة جنوبي العاصمة مقديشو. وقال اسامة دايب من السكان المحليين quot; إن اشخاصا آخرين اصيبوا من بينهم اختيquot;. وتعد هذه هي المعارك الأعنف منذ بضعة أشهر، بين القوات الإثيوبية، التي تتواجد على الأراضي الصومالية منذ ديسمبر / كانون الاول الماضي، ومقاتلين صوماليين.

وما تزال المواجهات دائرة بين الجانبين جنوبي مقديشو. وقال محرر الشؤون الإفريقية في بي بي سي مارتن بلوت، إن المعارك الأخيرة اندلعت بعد أن نقلت القوات الإثيوبية تعزيزات عسكرية ومصفحات ودبابات إلى داخل المدينة يوم الجمعة. وتقوم القوات الاثيوبية بدوريات عسكرية في عدد من الاحياء في محاولة لتشديد الخناق على المقاتلين الإسلاميين المعارضين للحكومة الصومالية. وقالت الشرطة الصومالية ان قائدا في الشرطة ومدنيا قد قتلوا فيما اصيب 7 مدنيون في القتال الذي اندلع بين الجانبين في ميناء ميركا الواقع على بعد 100 كيلو مترا جنوب العاصمة.

وكانت اثيوبيا قد ارسلت آلاف القوات الى الصومال العام الماضي لمساعدة الحكومة الصومالية في نزاعها مع قوات المحاكم الاسلامية التي كانت تفرض تنشر سيطرتها في ارجاء واسعة من البلاد التي مزقتها الحروب. ومنذ ذلك الوقت شرع المقاتلون الاسلاميون، الذين تتهمهم الولايات المتحدة بصلتهم بالقاعدة، في شن حرب عصابات في العاصمة مقديشو اجبرت عشرات الآلاف من سكانها على الرحيل والحياة في ظروف بائسة. وقد اعاق القتال ايضا اعمال الامدادات الانسانية التي تشرف عليها الامم المتحدة في جنوب الصومال وخاصة في مقديشو.

مئات العائلات تهرب من مقديشو بعد موجة من العنف

وغادرت مئات العائلات صباح الاحد مقديشو اثر مواجهات بين اسلاميين من جهة والقوات الصومالية والاثيوبية من جهة أخرى. وتسببت موجة العنف الاخيرة في العاصمة الصومالية بحركة نزوح في عدد كبير من الاحياء. وشوهد عدد كبير من المدنيين يستقلون شاحنات وعربات تجرها حمير ومحملة بمحتويات منازلهم. وقال احد سكان جنوب العاصمة عبد الرحمن نور بينما كان يستعد للمغادرة مع اولاده في سيارته الرباعية الدفع لوكالة فرانس برس، quot;لا احد يمكنه تحمل ما يحصل في مقديشو: انه عنف مستمر يتسبب بموت بشر كل اسبوعquot;.

وشاهد صحافي مئات الاشخاص يخرجون من احياء علي كامين وحمر جديد في جنوب مقديشو. وتوغل المتمردون الاسلاميون والجنود الصوماليون والاثيوبيون داخل الاحياء خلال الموجة الاخيرة من المواجهات التي بدأت السبت. وقتل ستة مدنيين صوماليين على الاقل السبت في مقديشو، في وقت بدأت القوات الاثيوبية عملية تهدف الى تهدئة العنف في العاصمة الصومالية، بحسب ما ذكر شهود.

وقال شاهد ان الجنود الاثيوبيين فتحوا النار وقتلوا ثلاثة اشخاص بعد تعرضهم لهجوم قرب ملعب في المدينة. كما قتل ثلاثة مدنيين آخرين في اطلاق قذائف صاروخية من طراز quot;ار بي جيquot; على جنود اثيوبيين كانوا يقومون بدورية في جنوب مقديشو. واصيب مدنيون آخرون بجروح. ونفذ الجنود الاثيوبيون دوريات مؤللة صباح السبت.

وتشهد الصومال حربا اهلية منذ الاطاحة بنظام محمد سياد بري في 1991. وكان الجيش الاثيوبي الذي يدعم الحكومة الانتقالية الصومالية اطاح في نهاية كانون الاول/ديسمبر 2006 ومطلع كانون الثاني/يناير 2007 بنظام المحاكم الاسلامية الذي سيطر على مدى اشهر على القسم الاكبر من وسط البلاد وجنوبها ومن ضمنها مقديشو. ويشن الاسلاميون منذ ذلك التاريخ حركة تمرد وهجمات ضد اهداف حكومية او جنود اثيوبيين، الا ان ضحايا هذه الهجمات غالبا ما يكونون من المدنيين. وهناك مليون ونصف مليون صومالي يحتاجون الى مساعدة دولية اليوم. ويوجد 750 الف نازح في البلاد، بحسب المنسق الدولي للشؤون الانسانية اريك لاروش.

مئات المتظاهرين يحتجون على الانتشار الاثيوبي

من جهة ثانية سار مئات المتظاهرين الاحد في شوارع مقديشو منددين بانتشار القوات الاثيوبية في حين تجددت المعارك في العاصمة منذ السبت. وسار المتظاهرون وهم يرددون quot;الله اكبرquot; ويرفعون هراوات من جنوب العاصمة الصومالية الى حي علي كامين وحي الملعب الذي يقع قرب قاعدة للجيش الاثيوبي. وقال المتظاهر عبدي عدنان سومان الذي كان يردد quot;فلتسقط اثيوبيا! فلتسقط الحكومة الصومالية!quot; quot;لسنا في حاجة اليهم هنا. يجب ان ترحل اثيوبيا والا فلا مفر من اراقة الدماءquot;.

وقتل ستة مدنيين السبت في مقديشو في معارك بين الاسلاميين والقوات الصومالية والاثيوبية. وقال متظاهر طلب عدم ذكر اسمه quot;انها انتفاضة ضد المستعمرين الاثيوبيين وعملائهمquot; مضيفا quot;سنواصل تحركنا حتى يغادرون البلاد. لسنا في حاجة اليهمquot;. وفيما كان المتظاهرون يسيرون في جنوب العاصمة كانت المعارك تدور بين اسلاميين مسلحين بقاذفات ار.بي.جي والقوات الصومالية المدعومة بالمدرعات في حي هودان الواقع ايضا في القسم الجنوبي من مقديشو.

وفي غياب معظم المنظمات الدولية وغير الحكومية يتعذر وضع حصيلة دقيقة بعدد القتلى في مقديشو لكن يرجح سقوط مئات المدنيين منذ حزيران/يونيو. وتشهد الصومال حربا اهلية منذ الاطاحة بنظام محمد سياد بري في 1991.