خلف خلف من رام الله: من المقرر أن تفرد الحكومة الإسرائيلية جلستها بعد غد الأحد، لمناقشة قضية الحكومة الفلسطينية الجديدة التي تستعد لنيل الثقة من المجلس التشريعي الفلسطيني غدًا السبت. وحسب مصادر مقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت، فإنه سيتم خلال جلسة الحكومة الإسرائيلية الأسبوعية الخروج بقرار مقاطعة الحكومة الفلسطينية، وإغلاق كافة المنافذ أمامها. ونقل عن مسؤول رفيع في مكتب أولمرت قوله إن الحوار السياسي مع الفلسطينيين في الوضع الحالي سيكون محدودًا، ويضيف المسؤول أنه من الواضح أن في هذا الوضع سيكون من الصعب عقد أي إتفاق سياسي، وبالتأكيد ليس إتفاقًا حول الحل الدائم.
كما قال نائب وزير الدفاع الإسرائيلي افرايم سنيه إنه يتوجب على الحكومة الإسرائيلية عدم التعاون والتفاوض مع حكومة الوحدة الفلسطينية، بل فقط يتوجب أن يتم الحوار مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن سنية قوله: quot;إسرائيل يجب ألا تعطي أي شرعية لهذه الحكومة الفلسطينية عبر التعاون معها، بينما ترفض الحكومة من جهتها مبادئ اللجنة الرباعية ويجب أن تتفاوض مع أبي مازن فقطquot;. وتابع قائلاً: quot;لإفشال حماس نحتاج إلى بديل فلسطيني معتدل وافق سياسي، لذلك علينا أن نتفاوض مع أبي مازن فقط لنتوصل معه إلى اتفاقات نعرضها بعد ذلك لاستفتاءquot;.
كما قال مقربون من أولمرت إنه ليس صحيحًا ما يقال بأن عباس لا يملك السيطرة على هذه الحكومة. وإنضمام حماس إليه في حكومة الوحدة يعني أنه ليس قليل تأثير، ولديه على ما يبدو ما يقدمه. ولكن ما يجب عمله هو التأكد من أن الأشياء التي بإمكانه تقديمها تعمل لصالحنا، ولصالح الشعبين. ليس من الصواب قطع العلاقات معه في هذه الفترة.
أولمرت: أدرك تماماً أنني لا أتمتع بشعبية
وأكد أولمرت تصميمه على مواصلة أداء مهام منصبه بإخلاص على الرغم من الإنتقادات الموجهة إليه والتحقيقات الجارية بشأنه. قائلاً إن جميع التحقيقات التي تجري ضده، دُبرت من قبل أصحاب مصلحة ولكنه يتعاون مع جميع المحققين وليس لديه ما يخفيه. وعدد أولمرت المهام التي يجب الإعتناء بها بما في ذلك التهديدات الإيرانية. وجاءت أقواله في سياق كلمة ألقاها الليلة الماضية في إجتماع لمجلس حزب كاديما في بيتاح تكفا.
تأتي تصريحات أولمرت في وقت وجه مسؤولون في حزب كاديما الحاكم إنتقادات شديدة إلى وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني كونها الوحيدة بين أقطاب الحزب التي حادت عن صف الدعم الكامل الذي منحوه لرئيس الوزراء أيهود أولمرت خلال إنعقاد جلسة مجلس كاديما أمس. وقال هؤلاء المسؤولون إن الوزيرة ليفني تجنبت المجاهرة بدعمها لأولمرت لإعتبارات سياسية ضيقة، متجاهلةً أجواء التأييد العارم له التي إكتنفت أيضًا سائر خصومه في الحزب الذين يعتبرون أنفسهم مؤهَّلين لخلافته.
كما وجهت النائبة الليكودية ليمور ليفنات إنتقادًا إلى أولمرت على خلفية الكلمة التي ألقاها في إجتماع حزب quot;كاديماquot; الليلة الماضية. وقالت أن أولمرت تميز في تأليف خطابات إلا أنه فشل فشلاً ذريعًا في أداء مهام منصبه لا سيما في المجالين السياسي والاقتصادي. وأضافت أن رئيس الوزراء حاول من خلال خطابه أمس وبصورة مثيرة للشفقة إظهار إنجازات غير الواقعية، ووردت أقوال ليفنات هذه في مقابلة إذاعية صباح اليوم.
أما وزير الأمن الداخلي، آفي ديختر، فهو ملتزم الصمت. وتشير تقديرات كديما أنه لا يعتبر نفسه مؤهلاً للمنافسة على رئاسة الحكومة. والأمر نفسه بالنسبة إلى شاؤل موفاز. في حين لا يستطيع مئير شطريت، الذي يوجه الإنتقادات لأداء أولمرت في الأشهر الأخيرة، أن يشكل البديل ويقف على رأس كديما.
ومن جهتها تطالب المعارضة باستقالة أولمرت وبيرتس، إلا أن الهدوء النسبي لا يزال يخيم على الائتلاف. أما في كديما فهناك تهامس بأن المعنويات في الحضيض، وأن وزيرة الخارجية تسيبي ليفني، التي تحظى بنسبة عالية في الاستطلاعات، سوف تدع أولمرت يسقط لوحدة من دون أن تطعنه من الخلف.
أما في حزب العمل، فإن غالبية كبار المسؤولين على قناعة بأنه في كل الحالات سوف تتم إقالة عمير بيرتس من منصبه في الإنتخابات التمهيدية. وعلاوة على ذلك، تشير تقديرات العمل أن النتائج غير النهائية للجنة فينوغراد سوف تمس كثيرًا بمكانة بيرتس. وفي المقابل من الممكن أن يكون نشر النتائج غير النهائية للجنة من صالح أيهود براك، لكون التقرير يتناول عملية إتخاذ القرار في الفترة التي تلت الإنسحاب من لبنان عام 2000، من دون أن يناقش قرار الإنسحاب.
وفي سياق ذي صلة، كتب يوئيل ماركوس في صحيفة هآرتس أن حدثين متوقعان في نهاية الشهر، الأول هو مرور سنة على إنتخاب أولمرت، والثاني نشر التقرير غير النهائي للجنة فينوغراد. ونظرًا لكون الجيش قد تحمل نصيبه من المسؤولية بإستقالة دان حالوتس وأودي آدم وغال هيرش، فمن الممكن الإفتراض بأن لجنة فينوغراد سوف تتركز في المستوى السياسي.
وفي تلميحه إلى ما كتبته صحيفة معاريف بأنه ستحصل هزة أرضية، قال إن هذا المصطلح قد استخدم في حرب 1973، عندما كان quot;جيل العمالقةquot; في السلطة على حافة الفشل الأكبر. في إشارة إلى بن غوريون ومناحيم بيغين ويتسحاك رابين.
ويتساءل: ماذا حصل الآن؟ ولماذا فقط الجمهور ثقته بالقيادة؟ والجواب برأيه واضح، فإن جيل الورثة قد خيب الأمل الواحد بعد الآخر. فبنيامين نتانياهو هزم شمعون بيرس، أحد آخر الجيل القديم، وتعهد بتشكيل حكومة متميزة، وتعيين وزراء خبراء في مجالهم، ولكنه زرع بذور التفرقة والعدائية، وتورط في سلسلة من القضايا، وبعد ثلاث سنوات هزم من قبل إيهود براك.
ويشير أنه في هذه الأيام التي يحظى فيها أولمرت بنسبة دعم مخجلة ومذلة لا تتجاوز 2% في الاستطلاعات، يجدر التذكر بأنه عندما هزم نتانياهو حصل على 43% من أصوات الناخبين، أي ما يعادل مليون ونصف المليون من الأصوات. أما براك، الذي يعزف البيانو ويركب الساعات ويفككها، لم يتمكن من البدء في فهم كيفية تكتيكات الجهاز السياسي. وفي أعقاب أدائه المندفع فقد هزم بسهولة من قبل ارئيل شارون، الناجي الأخير من الجيل القديم.
ويقول إن أولمرت وصل إلى السلطة بالصدفة في أعقاب سبات شارون، وذلك كتعويض عن عدم حصوله على حقيبة وزارة المالية، حيث تم تعيينه وزيرًا للصناعة والتجارة، وتعهد له شارون بمنصب القائم بأعمال رئيس الحكومة في وثيقة موقعة، بفضل وساطة رؤوبين ريفلين.
ويعتبر ماركوس أولمرت رجل سياسي ذكي ومحنك، ولكن كرئيس حكومة صدفي لم يتبين أنه جبل من طينة قيادية. ويقوم بأداء دوره في الزمن المستعار بصفته كمن يواصل طريق شارون. ولم يتعهد بمواصلة فك الإرتباط فحسب، وإنما التجميع أيضًا. ولكن حرب لبنان الثانية قد قذفت به إلى أسفل سلم الشعبية التي لم يصل إليها أي رئيس حكومة من قبل. الأمر الذي يؤكد ليس فقط خيبة أمل الجمهور، وإنما الغضب من أدائه، ومن لجوئه بشكل يبعث على السخرية إلى تعيين عمير بيرتس كوزير للأمن.
في هذه الأثناء يعيش الجمهور على التسريبات الحقيقية أو الموهومة عن تحقيق لجنة فينوغراد. وحتى لو أصدرت اللجنة نتائج مخففة تجاه المستوى السياسي، فإنه لن يصبح نظيفًا بنظر الجمهور. فربما يطالب بإجراء إنتخابات وربما لا، وفي كل الحالات، من الممكن أن تطرح مطالب باستقالة أولمرت وبيرتس. ولا شك أن نتانياهو يستطيع تجنيد 61 صوتًا من أجل الوصول إلى منصب رئيس الحكومة من دون إنتخابات. ومن يؤيد عودة نتانياهو إلى السلطة فهو يعمل بموجب المثل القديم: quot;الأعور ملك بين العميانquot;، هذا ما قالهماركوس.
وأنهى ماركوس قائلاً إن الإستطلاعات تمنح نتانياهو غالبية نسبية، إلا أنه من غير المعقول أن يشكل حزب مكون من 12 عضو كنيست الحكومة التي لن تقود إلا إلى إعادة إنتاج نتانياهو الذي خسر السلطة قبل ثمانية سنوات، بذريعة أنه تغير، فبماذا تغير؟ توقف عن كونه يمينيًا متطرفًا؟ توقف عن تدخين السيجار الكوبي؟... إذا اضطر أولمرت إلى الإستقالة، فإن كديما، الحزب الأكبر في الكنيست، لا يزال قادرًا على إيجاد مرشح قادر على تشكيل الحكومة من دون انتخابات. ويبقى المهم ألا يكون نتانياهو...
التعليقات