آخر الروايات من غرفة إعدام الرئيس العراقي السابق
مسؤول : الى جهنم .. صدام : خدمة للعراق


صدام هاتفا ضد إدانته بينما يحاول أحد حراسه منعه من الكلام
أسامة مهدي من لندن : في اخر الروايات عن تفاصيل مجريات عملية اعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين والحوارات التي جرت بينه وبين مسؤولين عراقيين كبار اكدت ان صدام قال لمحاوريه (ليس من العدل والانصاف اعدامي وقد خدمت العراق وقمت ببنائه .. ان العراق سيهوى من دوني) .. وانه هتف ضد الاميركيين والفرس وحيا المقاومة .. ثم تفاصيل عملية فك وثاق يدي صدام من الامام وربطهما من الخلف وابدال السلسلة الحديدية التي كانت تتدلى بين ساقيه بوثاق اخر يستخدم في عمليات الاعدام .

وفي داخل غرفة الاعدام جرى نقاش حاد وتلاسن غاضب بين صدام ومسؤولين كبار حضروا عملية اعدامه رواها بتفاصيلها ونصوصها quot;سعد الاوسيquot; رئيس تحرير صحيفة quot;الشاهد المستقلquot; الاسبوعية العراقية في عددها الاخير بدءا من تسليم الاميركيين له الى فريق quot;الحماية القصوىquot; العراقي وحتى تدليه من حبل المشنقة . وقد تم تنفيذ حكم الاعدام بالرئيس السابق في الثلاثين من كانون الاول (ديسمبر) الماضي بعد ان ادانته المحكمة الجنائية العليا في قضية اعدام 148 مواطنا من ابناء بلدة الدجيل شمال بغداد اثر تعرضه لمحاولة اغتيال فاشلة فيها عام 1981 .

واكدت الصحيفة انه خلافا لكل الروايات فان رجل الدين الشاب مقتدى الصدر لم يحضر عملية الاعدام .. واشارت الى انه عندما التف حبل المشنقة حول عنق صدام قال احد المسؤولين الكبار (الى جهنم) فأجابه صدام (خدمة للعراق) .. وعندها كانت كاميرات الهواتف النقالة لاثنين من كبار المسؤولين تسجل نهاية رجل حكم العراق ثلاثة عقود من الزمان غيرت اخطاؤه وانجازاته خارطة العراق والمنطقة بحاضرهما ومستقبلهما .. ونترك الصحيفة تحكي قصة هذه النهاية :

البسوا صدام سترة واقية من الرصاص


حطت طائرة اميركية في معسكر اميركي يقع داخل منطقة مديرية الاستخبارات العسكرية (سابقا) الواقعة في منطقة الكاظمية حيث ان هذه المديرية تم تقسيمها الى ثلاث مناطق احداها معسكر اميركي والثاني تابع لقوات حفظ النظام والقسم الاخر تابع الى دائرة تسمى (الحماية القصوى) وهي دائرة تابعة الى وزارة العدل، ترجل صدام من الطائرة في المعسكر الاميركي قادما من مطار بغداد (معسكر كروبر) يرتدي سترة واقية ضد الرصاص ونظارات محاطا بعدد من الاميركيين التابعين الى الشرطة القضائية الاميركية الذين يسمون (Marshal.. US)، تم ادخال صدام من المعسكر الاميركي الى دائرة الحماية القصوى.

انتهاء الدور الاميركي

هنا انتهى الدور الاميركي عند اول بوابة من بوابات هذه الدائرة.. دخل صدام بعد نزع السترة الواقية والنظارات الى اول قسم من الدائرة المذكورة يسمى (مكافحة الارهاب) وهو مختص بتنفيذ الاعدام بحق من يصدر ضده حكم الاعدام، كانت الساعة حينها الخامسة والنصف فجرا، عندما دخل صدام الى القسم المذكور شاهد على جانبيه اقفاصا حديدية كان فيها رجال صادرة بحقهم احكام اعدام وهم من السودان وتونس وغيرها، نظر الى الزنزانات باعتزاز ويبدو انه عرف اسباب الاحكام.. وأكمل مسيره نحو احدى الغرف الاخرى.

صدام يهتف داخل غرفة الادارة

صدام لحظة اعدامه
ما ان انتهى صدام من السير داخل ذلك الممر الذي تتواجد فيه الزنزانات حتى دخل الى احدى الغرف محاطا ببعض الحراس العراقيين من دائرة (الحماية القصوى) التي ذكرناها، وحال دخوله وجد امامه القاضي منير حداد يجلس خلف مكتب وبجانبه يجلس نائب المدعي العام (منقذ ال فرعون الفتلاوي) هنا.. طلب القاضي منير حداد من صدام الجلوس على الكرسي المهيأ له مسبقا! وما ان جلس صدام حتى بدأ القاضي منير حداد بتلاوة قرار حكم الاعدام وتصديق الحكومة عليه، حينها بدأ صدام يهتف.. وقال ما نصه.. (يحيا الشعب.. عاش الجهاد.. تعيش الامة.. يسقط العملاء)! في اشارة منه الى الحكومة، ثم اضاف صدام قائلا (نحن في الجنة.. واعداؤنا في النار) ثم عاد وهتف بوجه القاضي والمدعي العام (يسقط الفرس والاميركيون والعملاء) وبعد الانتهاء من تلاوة قرار الحكم في غرفة تابعة الى الادارة في دائرة الحماية القصوى تم ادخال صدام من هذه الغرفة الى غرفة (مقصلة الإعدام).

صدام .. يهدئ المسؤولين

دخل صدام الى غرفة الاعدام فوجد امامه اكثر من (20) شخصا وهم مسؤولون في الحكومة وبعض القياديين في قائمة الائتلاف العراقي من بينهم سامي العسكري وخضير الخزاعي وموفق الربيعي وصادق الركابي وعلي الاديب وهم جميعا ينتمون الى (حزب الدعوة) الذي قام بعملية الاغتيال في حادث الدجيل حينها وبعض المسؤولين الاخرين الذين جاءوا من المنطقة الخضراء عبر طائرة مروحية اميركية، كذلك حضر عملية الاعدام بعض الاشخاص الذين لم يتم التعرف إليهم لحد الان .

مقتدى الصدر لم يحضر الاعدام


اشارت بعض وسائل الاعلامإلى ان السيد مقتدى الصدر قد حضر ساعة تنفيذ حكم الاعدام بصدام بل ذهب البعض منها الى ابعد من ذلك حين ادعت ان السيد الصدر هو الذي قام بلف حبل المشنقة حول رقبة صدام واشارت بعض الوكالات الاخبارية الى ان الذي كان يرتدي (القمصلة الجلد) السوداء اللون هو السيد مقتدى الصدر وللحقيقة والتاريخ والامانة الصحافية نقول ونؤكد ان السيد مقتدى الصدر لم يحضر تنفيذ الحكم ولم يرسل مبعوثا عنه ولم ينوب عنه اي شخص مطلقا، وهناك حقائق ومبادئ لا يمكن للصدر ان يتنازل عنها منها انه لم ولن يحضر اي مكان فيه اميركيون، كما ان اخلاق ومبادئ وقيم اهل البيت والسلالة الهاشمية العلوية الطاهرة لم ولن تسمح بالتشفي بأي كان حتى وان كان المعدوم هو الد اعدائها، وكان المفروض بالحكومة ان ترد على هذه الاساءة وهذا التلفيق الباطل الذي حدث، ولكن وكما يبدو لنا من سير الاحداث ان ما يجري على ارض الواقع في واد والحكومة (النائمة) في المنطقة الخضراء في واد آخر.

لحظات في غرفة الاعدام

ما ان وصل صدام الى الغرفة حتى استقبل بالهتافات المعادية له من قبل الحاضرين قبل ان يرتقي سلم (مقصلة الاعدام) بكل شجاعة ورباطة في الجأش، واراد بعض المسؤولين الاعتداء على صدام وضربه واهانته وهو مكبل بالاصفاد مما دعاه الى الرد عليهم بكلام عنيف قال فيه (انتم خونة.. انتم عملاء.. انتم اعداء الشعب) واضاف (تسقط اميركا وعملاؤها واومأ برأسه في اشارة الى المسؤولين الحاضرين في تلك اللحظات لأنه كان مكبل اليدين، وجرى حديث بينه وبين موفق الربيعي حيث قال صدام للربيعي (لماذا انت مرتبك؟! لا تخف) وعندما التفت الى الاخرين الذين كانوا يهتفون ضده قال صدام ما نصه (انتم ارهابيون.. ارهابيون) ثم اضاف قائلا (تعيش المقاومة.. يعيش الشعب.. يعيش العراق). ثم اضاف صدام ان ما يجري ليس بالعدل والانصاف وانه خدم العراق وقام ببنائه وان العراق سيهوى من دونه .. وقال ان هذا الطريق هو الذي اخترناه لنا، وهنا بدأت عدسة (علي المسعدي) المصور الخاص لنوري المالكي بتسجيل اللقطات التصويرية سبقتها عملية فك وثاق ايادي صدام من الامام ووثقها من الخلف وابدال السلسلة التي كانت تتدلى بين رجلي صدام بوثاق اخر يستخدم في حالات الاعدام. .. وصل صدام امام مقصلة الاعدام وقف خلافا لما اعلنه موفق الربيعي من انه كان مرتبكا وخائفا حيث ظهر من اللامبالاة ورباطة الجأش ما لم يكن يتوقعه الحاضرون على الرغم من عدم نومه الليلة التي سبقت اعدامه حيث انه اخبر قبل يوم من اعدامه سوف يكون فجر يوم عيد الاضحى حيث انه قال لا يأخذ الروح الا من وضعها وانا لله وانا اليه راجعون .

حديث صدام والجلادين

تشير معلومات (الشاهد المستقل)إلى ان احد الحراس الذين صعدوا معه (مقصلة الاعدام) خاطبه قائلا (.. سأضع هذا الكيس في رأسك)! فقال صدام (لا ارغب في ذلك)! فأجابه (ان الكيس سوف يقلل من الم الشنق)! فأجابه صدام بأنه لا يريد وضعه في رأسه، فقال له الحارس اذن نضعه حول رقبتك تحت الحبل! فتقبل ذلك صدام! ووضع الحبل في رقبته وتقدم نحو المقصلة ووقف فوق الباب الافقي والذي تبلغ مساحته 80 سم في 80 سم وهنا هتف احد المسؤولين الكبار وليس احد الحراس بالصلاة على (محمد وال محمد) ثم هتف اخر باسم الشهيد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر ثم هتف الحاضرون باسم السيد مقتدى الصدر.. بعد ذلك جرى سجال ما بين الحاضرين وصدام مما دعا صدام الى الرد فقال.. (هي.. هاي المرجلة) ثم قال احد المسؤولين الكبار (الى جهنم) فأجابه صدام (خدمة للعراق)! عندها كانت كاميرات الهواتف النقالة لاثنين من كبار المسؤولينتصور ما يجري من احداث.

وللحقيقة والتاريخ اراد منقذ ال فرعون ان يقوم بايقاف الهتافات والتجاوزات ضد صدام حيث قال بالنص (اخوان.. ارجوكم الرجل في حالة اعدام).. الا ان نداءات ال فرعون لم تنفع ابدا مع من كان حاضرا! هوى صدام من خلال تلك الفتحة واصبح جثة متدلية بالحبل الذي قام بصناعته شخص اميركي من اصول يهودية اسمه (جاك) -وهو معروف لدى وزارة العدل العراقية يعمل في المعسكر الاميركي الواقع في مديرية الاستخبارات العسكرية السابقة وهو الحبل الذي تم فيه اعدام (13) شخصا من بينهم المدعو (شقير)!- فجعله بطول (39) قدما وهو بعدد الصواريخ التي اطلقها صدام على اسرائيل في العام 1991 هنا قام الحاضرون بـ(الهوسات)! والهتافات حول الجثة التي كانت تتدلى وابقي على هذا الوضع لمدة سبع دقائق! تم انزاله بعدها والاعتداء على جثته مما اصابها بالخدوش والكدمات وبدت واضحة للعيان، بعد ذلك اخذ الحاضرون بالهتافات و(الهوسات) حول الجثة وهذا الامر اكده كذلك مستشار الامن القومي موفق الربيعي وعللها بانها عادات وتقاليد عراقية تقام حول المتوفى وانتهى الامر .

كذبة رأس السنة

قبل عرض شريط الفيديو الخاص بالاعدام ظهر تصريح لموفق الربيعي يقول ان صدام بدا مرتبكا وخائفا الا ان الصور جاءت بما لا تشتهيه احلام الربيعي فاعتبرها البعض كذبة رأس السنة وعيدية للعراقيين تيمنا بـ(كذبة نيسان) .

الليلة التي سبقت الاعدام

عندما عرف صدام بساعة اعدامه طلب لقاء اخوته فكان له ما اراد فالتقى بهم من الساعة السابعة مساء حتى الساعة الثانية عشرة ليلا. بعد الانتهاء من لقاء اخوته برزان وسبعاوي عاد الى زنزانته وبدأ بالصلاة وتلاوة القرآن الكريم من خلال المصحف الشريف الذي يحمله دائما (المحروق من الاطراف) ما ان فكوا وثاق يديه من الامام وارادوا ان يوثقوه من الخلف قام بتسليم هذا القرآن الى نائب المدعي العام منقذ ال فرعون الفتلاوي طالبا منه تسليمه الى بدر عواد البندر وهو محامي ونجل عواد البندر المحكوم بالاعدام كذلك، وسأل فرعون صدام اذا تعذر مقابلته لبدر، فقال له صدام سلمه لاحد افراد عائلتي.

تخبط حكومي وفشل ذريع

اثارت التصريحات المتناقضة للمسؤولين في الحكومة وفي وزارة الداخلية ومستشار الامن القومي والمسؤولين في حزب الدعوة وقائمة الائتلاف العراقية ردود فعل عربية وشعبية كبيرة بعدما بدأ الجميع يصرح كل على هواه والطريف ان التصريحات تختلف بعضها عن البعض الاخر مما جعل الحكومة محل انتقاد كبير من قبل قوات الاحتلال الاميركية والبريطانية واستياء الدول الكبرى وردود الفعل القوية التي صدرت من الدول العربية والتي قد تشكل عزلة تامة للحكومة العراقية التي تبحث عن قشة للتمسك بها من قبل العرب والاعتراف بها او بالعملية السياسية، وهذا قد يصيب الحكومة بالنقمة جراء اعدامها صدام الذي تعتبره الكثير من الدول والشعوب العربية بطلا قوميا وزعيما للامة العربية وهذا دليل واضح وكبير على ان ادوات الحكومة العراقية ضعيفة جدا بل وهزيلة قد لا تصلح حتى في ادنى درجات السلم الوظيفي وليس الامساك بدفة الحكم.

صدام.. والاسرار

بانتقال صدام الى العالم الاخر تبقى اسرار كثيرة ومهمة وخطرة في حياة هذا الرجل الذي شغل العالم رغم ان حياته طويت وتوارت بعدما اراد الاميركيون ذلك! ولكن الله هو الذي اختار ان تطوى صفحة صدام بهذه الصورة والحال لعلها تكون موعظة امام من يحكم العراق اليوم او غدا.
وهنا لابد ان نقول ان كان صدام قد خسر عبر مسيرته العديد من الجولات والنزالات والمواقف التي اثارت اصدقاءه واعداءه فانه استطاع ان يكسب الجولة الاخيرة من حياته وان ينتزع الاعجاب من عيون اعدائه واصدقائه ايضا وذلك في اللحظة الاخيرة من حياته عندما وقف بشجاعة كبيرة وارتقى حبل المشنقة.