ليلة رعب عاشها سكان مدينة وهران
مصرع 4 انتحاريين مفترضين غرب الجزائر

كامل الشيرازي من الجزائر: عاشت ولاية وهران الجزائرية (430 كلم غرب العاصمة)، ليلة رعب حقيقية، السبت، إثر أنباء تحدثت عن تسلل أربعة انتحاريين مفترضين إلى عاصمة الغرب الجزائري كانوا ينوون تنفيذ هجمات هناك، وما رافق البحث عنهم وقتلهم من لحظات هيتشكوكية استمرت على مدار تسع ساعات كاملة.

وفي وقت تفادت أجهزة الإعلام الحكومية الإشارة إلى الحادثة، أسرّت مصادر جزائرية لـquot;إيلافquot;، أنّ ليلة السبت كانت سوداء على السكان المحليين الذين عايشوا أوقاتا عصيبة أعادتهم إلى سيناريوهات مرحلة العنف الدموي أواسط تسعينيات القرن الماضي. وأفاد شهود عيان لـquot;إيلافquot; أنّ كل شيئ بدأ في وقت مبكّر من الصباح، عندما استفاق سكان الضاحية الغربية على وقع حالة الحصار الشديد الذي ضربته قوات الأمن الجزائرية، حيث شوهد عناصر الأخيرة وقد انتشروا بكثافة في كافة أحياء المدينة، وأحس سكان المنطقة أنّ شيئا ما ليس على ما يرام، خصوصا بعد مضاعفة الدوريات الأمنية ونقاط التفتيش على مستوى سائر الحارات والشوارع، ولوحظ لأول مرة تواجد ضباط الأمن على مستوى نقاط التفتيش، كما أن قوات الأمن فرضت طوقا أمنيا على البنايات الحكومية والممثليات الدبلوماسية، واستعان عناصر الأمن في عمليات تفتيش بالكلاب المدربة، فيما جرى التحقق من هوية المواطنين.

لكن الأمور أخذت بعدا مخيفا في نهاية المساء، بعد تردد معلومات عن تواجد الانتحاريين الأربعة بإحدى البنايات المنهارة بالحي الشعبي quot;سيدي الهواريquot;، وما تبعها من تبادل إطلاق نار بين قوات الأمن والمجموعة المذكورة في حدود الساعة السادسة مساءا بالتوقيت المحلي، وانتهت (المعركة المصغرة) بعد ساعة ونصف بمقتل المسلحين المذكورين.

لكن انتهاء الاشتباك لم يؤشر على استتاب الوضع، بل زاد من سخونته، إثر سماع طلقات نارية أخرى في مكان آخر من المدينة الساحلية الجميلة، وهو ما تسبب في حالة من القلق انتابت السكان المحليين، واستمر صداها إلى وقت متأخر من الليل.

ورأى متابعون أنّ سيناريو السبت، هو مناورة من المتمردين لفك الخناق عليهم، بعد التضييق الذي فرضته السلطات وضربها معاقل المسلحين خلال الشهرين الماضيين، بينما يتساءل الشارع عما إذا كان ما يسمى بـ(تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد المغرب الإسلامي) هو من وقف أمام التململ الأخير، أم أنّ تنظيما آخر يقف وراء الاضطراب.

وحصدت ستة تفجيرات انتحارية مدوية منذ ربيع العام الماضي، ما لا يقلّ عن ثلاثمائة شخص بين قتيل وجريح، ما جعل الظاهرة تحظى بنقاشات عديدة، بعدما صارت quot;معضلة الانتحاريينquot; مخيفة، منذ الذي فعله تسعة من انتحاريي القاعدة على مدار الأحد عشر شهرا المنقضية، ومع إعلان الجزائر عن معلومات متداولة عن 79 متمردا يستعدون لتنفيذ هجمات انتحارية، يحتدم القلق والإرباك، ويأخذ أبعادا هيتشكوكية.

وتبعا لعدم تمكّن الخطط الأمنية المعتمدة من استبعاد شبح العمليات الانتحارية، ارتفعت أصوات خبراء الشأن الأمني منادية بتبني استيراتجية مغايرة تنأى عن مجرد تكثيف آليات الرقابة ونشر الآلاف من عناصر الأمن ومضاعفة نقاط التفتيش، وتركّز بحسب خبراء الشأن الأمني على معالجة جذور الظاهرة، والسعي لاستيعاب الشباب والنأي بهم عن (الخفافيش)، بجانب تفعيل أدوار أجهزة الاستعلامات، من خلال تعقّب آثار المشتبه بهم، والسعي لاختراق المجموعات المسلحة، فضلا عن حتمية توصّل الشرطة الجزائرية إلى اكتشاف أسرار (ورش المركبات الانتحارية) ووضع يدها على (القواعد الخلفية للإرهاب)، و(ووحدات الدعم اللوجستي)، ما من شأنه تضييق الخناق على ناشطي القاعدة الميؤوس منهم.

من وجهة مغايرة، يذهب مراقبون إلى أنّ أجهزة الأمن باتت تتحمّل عبئا ثقيلا، من الواجب أن تشاطرها السلطة السياسية، في تسيير مقتضياته، طالما أنّ الجيل الجزائري الجديد لجزائر 2008، تمتاز كثير من مكوناته بـ(انفجاريتها)، احتكاما لنشوء هؤلاء في (جيتوهات الفقر) ومكابدتهم لـ(دراما الصفيح)، ما أنتج شبانا يائسين وآخرين أكثر عنفا، فيلجأ اليائس إلى الانتحار غير آبه، وهو سيناريو تشتد وطأته بشكل دراماتيكي، بينما يفضل الشباب العنيف إلى تفجير نفسه، وتلك معادلة تستلزم تجنّدا جماعيا لمحو مسببات العنف، خصوصا وأنّ القاعدة بزعامة المتشدد quot;عبد المالك دروكدالquot; تعيش وضعا غير مستقرا، وتلقى رفضا جماهيريا متعاظما ضدها مع مرّ الأيام.