أسامة مهدي من لندن: عشية اعلان ممثل الامين العام للاممم المتحدة في العراق ستافان دي ميستورا عن مشروعه لتسوية مشكلة كركوك والمناطق المتنازع عليها ،عرض الرئيس العراقي جلال طالباني اليوم على وفد من المنظمة الدولية وثائق تؤكد (كردستانية) المدينة المتنازع عليها بين الاكراد والتركمان والعرب اضافة الى بحث اليات تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي المتعلقة بهذه القضية.

جاء ذلك خلال اجتماع عقده طالباني وهو الامين العام للاتحاد الوطني الكردستاني في بغداد اليوم مع وفد من الامم المتحدة ضم نيكولاس هايسوم مدير الشؤون السياسية والانسانية ومهمات حفظ السلام في المكتب التنفيذي للسكرتير العام للامم المتحدة يرافقه أندرو جلمور مدير الشؤون السياسية لبعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق quot;يوناميquot;. وناقش طالباني مع الوفد الاممي ايضا دور الامم المتحدة في العراق ومساعدة الشعب العراقي بالاضافة الى موضوع التغييرات التي طرأت على حدود بعض المحافظات نتيجة سياسات النظام السابق والسبل الكفيلة بانجاز التعديلات الدستورية. وقد سلط طالباني الضوء على مسألة كركوك والآليات الدستورية لتنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي المتعلقة بتطبيع الاوضاع في كركوك والمناطق المتنازع عليها بين عدد من المحافظات .

واستعرض الرئيس طالباني اثناء اللقاء quot;عددا من الوثائق التاريخية المهمة ومجموعة من الحقائق الدامغة التي تثبت الهوية الكردستانية لكركوك والتي يعيش فيها الى جانب الكرد التركمان والعرب والكلدوآشوريين مشدداً على ضرورة جعل كركوك مدينة التآخي القومي والتعايش الحضاري بين جميع المكونات الموجودة فيهاquot; كما نقل عنه مكتب اعلام الاتحاد الوطني الذي يتزعمه . واشار الى ان طالباني تبادل الرأي مع الوفد الزائر حول التعديلات الدستورية والعراقيل التي تعيق سير تنفيذها.. ومناقشة مسألة انتخابات مجالس المحافظات وخاصة في مدينة كركوك وشدد على ضرورة الالتزام بالقوانين والقواعد الديمقراطية لضمان حق التصويت والانتخاب للمواطنين.

ومن جانبه اكد الوفد دعم الامم المتحدة ومساعدتها للعراق quot;معبراً عن امتنانه للرئيس طالباني على شرحه الوافي لحقيقة الاوضاع في العراق وتسليطه الضوء على التغييرات التي طرأت على حدود وديموغرافية المحافظات نتيجة سياسات النظام السابق خاصة في كركوكquot; .

وعلى الصعيد نفسه نفت كتلة التحالف الكردستاني في مجلس النواب العراقي صحة معلومات ادلى بها عدد من النواب وتحدثت عن قيام الاكراد بتغيير التركيبة السكانية لمدينة كركوك من خلال الدفع بعشرات الالاف من الاكراد اليها .

وقال النائب الكردي سعد البرزنجي في مؤتمر صحافي في بغداد اليوم أن النمو الحاصل في السكان بعد سقوط النظام السابق يعتبر أمر طبيعي لأن عشرات الألاف من العوائل الكردية والتركمانية والمسيحية المرحلة من كركوك قسرا منذ العام 1968 قد عادت الى مناطق سكنها الاصلية حيث يقدر عددها بحوالي 90 ألف عائلة . واكد عدم معارضة الكتلة تشكيل لجنة برلمانية حكومية محايدة مكونة من جميع الكتل السياسية لزيارة كركوك والتأكد من صحة الحقائق عن قرب .

واقترح البرزنجي تأجيل انتخابات مجلس محافظة كركوك وذلك بسبب ما اسماها الظروف الخاصة التي تتمتع بها المحافظة وكونها خاضعة للمادة 140 من الدستور العراقي الدائم حيث لم يكتمل اجراءات التطبيع وتنفيذ المادة لحد الآن.

ومن جانبه بحث رئيس مجلس النواب محمود المشهداني مع رؤساء وممثلي الكتل النيابية في المجلس وأعضاء اللجنة القانونية والمالية اليوم عددا من القضايا بينهما كركوك .

واشار بيان للمجلس ارسلت نسخة منه الى quot;ايلافquot; ان موضوع كركوك قد طغى على النقاشات حيث دعت كتلة التحالف الكردستاني إلى تأجيل الانتخابات في المحافظة فيما طالب أعضاء آخرين من كتل مختلفة بوضع فقرة خاصة في قانون انتخاب مجالس المحافظات تتعلق بكركوك بينما دعا آخرون الى حل مسألة كركوك توافقياً . وفي ختام النقاشات تقرر تشكيل غرفة عمل سريعة برئاسة المشهداني وأعضاء من الكتل البرلمانية في المجلس وممثلي عن القوميات الموجودة في كركوك لحسم موضوع الانتخابات في المدينة . واوضح المشهداني انه سيقدم قانون انتخاب مجالس المحافظات للتصويت السبت المقبل بناءاً على ما يصدر من نتائج عن الغرفة.

وتأتي هذه التطورات في وقت يتوقع ان يعلن رئيس بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق دي ميستورا يوم غد توصياته حول تنفيذ المادة 140 من الدستور الخاصة بالمناطق المتنازع عليها وهي تتضمن مقترحاتها لحل مشكلة كركوك على ثلاث مراحل تبدأ بمعالجة الوضع في المناطق التي لا مشاكل بشأنها تليها معالجة الوضع بمناطق قليلة المشاكل ثم المرحلة الأخيرة التي تبحث في وضع المناطق المعقدة .

ويستند مشروع ميستورا على ثلاثة اسس تقضي بالإستغناء عن عملية الإستفتاء المقررة في المادة الدستورية 140 و اللجوء الى ثلاثة حلول بديلة لتحديد الطبيعية االقومية للسكان الأصليين في المناطق المتنازع عليها . ويقضي الحل الاول بالإعتماد على النتائج التي افرزتها الإنتخابات النيابية العامة عام 2005 والثاني الاخذ بنتائج الإحصاء السكاني لعام 1957 والثالث مراجعة القرارات التي أصدرها مجلس قيادة الثورة المنحل فيما يخص المناطق المتنازع عليها بما فيها مسألة توزيع الأراضي الزراعية على السكان العرب الذين استقدمهم النظام السابق الى كركوك .

ويقضي مشروع ميستورا كذلك تقسيم المناطق المتنازع عليها الى صنفين : المناطق السهلة والمناطق الصعبة. وتشمل المناطق السهلة كل مدينة أو قصبة أو قرية تفوق فيها نسبة فوز إحدى القوائم الإنتخابية القومية على 70 في المئة .. ثم المناطق التي تقل فيها نسبة الفوز عن 30 او 40 في المئة. وفي الحالة الأولى يمكن إعادة أقضية مثل خانقين في محافظة ديالى ومخمور في جنوب أربيل ودوبز في كركوك وسنجار شمال غرب نينوى وشيخان شرق نينوى الى الهيكلية الإدارية لإقليم كردستان العراق حيث كانت قائمة التحالف الكردستاني قد فازت في هذه المناطق بنسبة وصلت الى او زادت عن 70 في المئة. أما المناطق التي تدنت فيها نسبة فوز الأكراد الى اقل من 30 في المئة وهما قضائي مندلي وبدرة في ديالى ونواحي الزاب والرشاد في كركوك فإنها ترتبط إدارياً بالحكومة المركزية .

أما المناطق الصعبة فتشمل مناطق تراوحت فيها نسبة فوز القوائم الإنتخابية التركمانية والكردية والعربية بنسب تتراوح بين 30 الى 70 في المئة. ويقترح المبعوث الدولي تأجيل البت في هذه المناطق الى نهاية العام الحالي اذا ماتم تمديد العمل بالمادة 140 ستة اشهر اخرى ولما بعد الإنتهاء من معالجة المناطق السهلة.

ويعول الاكراد على تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي لإسترجاع أراض وممتلكات يقولون إنها استقطعت منهم خلال حكم النظام السابق وأعطيت ملكيتها إلى عوائل عربية استقدمت من محافظات العراق الجنوبية والوسطى بينما تتهم الحركات السياسية غير الكردية الاكراد بأنهم غيروا التكوين السكاني لتلك المناطق لصالحهم خلال الخمس سنوات الماضية.

ويرى الاكراد الذين يحكمون اقليم كردستان الشمالي ان كركوك عاصمة للاقليم ويجب ارجاعها اليه فيما يطالب التركمان والعرب فيها بجعل المدينة اقليما مستقلا بذاته. وكان من المقرر اجراء استفتاء بنهاية عام 2007 لتحديد مصير كركوك لكنه تأجل ستة أشهر لاسباب عدة من بينها منح الامم المتحدة وقتا للتوصل لمقترحات من أجل حل القضية حيث اجل العمل بالمادة 140 حولها ستة اشهر تنتهي بنهاية الشهر الحالي لكنه يبدو ان تمديدا اخر لستة اشهر اخرى سيعلن قريبا.