نفى علاقته بتنظيم القاعدة
الملا کريکار: التقيت الأخ اسامة رعاه الله

حاوره نزار جاف: الملا کريکار، شخصية إسلامية کردية مثيرة للجدل و لطالما أثارت المشاکل و القلاقل في أکثر من عاصمة و دولة، و هو يتمتع بحضور قوي بين الشباب المسلم الکردي ذوي النزعات الاصولية، مثلما يتمتع بذهنية ثاقبة و ثقافة واسعة في المناقشة و الرد على مناوئيه و تشهد له الغرف الصوتية الکردية بذلك. على خلفية صدور قرار إبعاده من النروج من قبل المحکمة العليا و صدور تصريحات کردية بالاستعداد لاستلامه تمهيدا لمحاکمته، إلتقتهquot;إيلافquot; عن قرب و أجرت معه هذا الحوار.

ـ الملا کريکار.. أنت في نظر العديد من الاوساط الدولية و السياسية و الاعلامية، إرهابي، لماذا؟ ما تفسيرك لذلك؟
بسم الله الرحمن الرحيم .. لأن إلصاق التهمة بي سهل ، التهمة تأتي من اميركا و من يواليها ولا دولة تحميني، و لي صور وانا ادرب الشباب الكردي المسلم للدفاع عن حرمات المسلمين في بلاده .. واعارض الاحتلال بكل ابعاده الاستعمارية هذا عن السبب اما ان تتهمني الابواق الموالية لأميركا بانني ارهابي؟! فلا ضير في ذلك .. ولماذا لم تكن لهم الشجاعة والدليل ليتقدموا الى محكمة نروجية ويواجهوني قبل أن تبرئني المحاكم هنا في 15/6/2004 بانني لست متهما بأي نشاط ارهابي، رغم أن سي آي أي و وبي اس تي ( الاستخبارات النروجية ) وجماعة الطالباني تآمروا ضدي و قدموا مثلما افتخروا نصف طن من الوثائق ضدي! فأين أرفع رأسا؟ ..

ـ ما علاقة الملا کريکار بتنظيم القاعدة و هل صحيح أنکم قد إلتقيتم أسامة بن لادن و أيمن الظواهري؟
لا علاقة لي بتنظيم القاعدة، والتقيت الاخ اسامة رعاه الله بمحبته في 1988 عندما كنت اجمع التبرعات لمن تبقى من اهل حلبجة الكرام و بقية ضحايا هجمات الانفال من شعبي المنكوب..

ـ هل هناك إختلاف بين رؤيتکم و رؤية تنظيمات مثل القاعدة أو ما يشابهها؟ و ماذا تريدون على وجه التحديد؟
الاختلاف مع القاعدة موجود .. هي تنظيم عالمي ويواجه الغرب عموما واميركا خصوصا و ساحتها مفتوحة و نحن فصيل اسلامي كردي وجزء من حركة التحرر الكردية، حالنا كحال اخوتنا في فلسطين و كشمير وغيرها من الساحات اضافة الى بعض الاختلافات في الرؤى.. والذي نريده على وجه التحديد هو ان يحكم شرعنا بلادنا وقد قدمنا في سبيل هذا اكثر من ألفي شهيد نسأل الله أن يتقبلهم، فهل يحق للكردي الماركسي اقامة ضيعة باسم النظام الاشتراكي ولليبرالي ضيعة اخرى باسم النظام الليبرالي، ونمنع في زمن تسيب القيم أن ننوح على قتلانا؟ .. فهل حرام على بلابله النوح ( وليس الدوح ! ) وحلال للطير من كل جنس؟

ـ بإعتقادکم، کيف سيکون مستقبل الوضع السياسي و العسکري الاميرکي في المنطقة لاسيما في السنوات القادمة؟
لا أرى لهما مستقبلا، لان احتلالهم بكل المقاييس فاشل.. الاحتلال الاميركي كان أغبى وأوحش واكثر غطرسة من الاحتلال السوفيتي لافغانستان عام 1979.. لئن كان للسوفيات بين حزبي خلق و برجم اربعة وستون ألف عضو شيوعي فالاحتلال الاميركي لم يجد بين خلق و برجم العراقيين ( جلبي و علاوي ) نصف هذا العدد اعضاء ينتمون باقتناع الى المشروع الاميركي ، والبقية عندما صفقت للاحتلال كان لقرونه حيث أصبح وحيد القرن!! ليزيح صداما و نظامه الذي مثل الشر كله.. واليوم لا صاحب رؤية متزنة يرى نجاح الاحتلال عسكريا لانه لم يستطع اخراج دائرة من دوائر حكمه المباشر وغير المباشر من المنطقة الخضراء، ولم يستطع أمنيا أن يثق باعضاء البرلمان أو الحكومات التي صادق على تعيينهما ولم يستطع توظيف البترول العراقي لديمومة احتلاله فما زال اعتماده الاول على الكونغرس ورضاه على دفع المزيد.. فاذا لم ينجح له مشروع سياسي او عسكري و او امني أو اقتصادي فهل نرقد سنين لنرى في أضغاث أحلام مشروع الشرق الاوسط الكبير الذي أصبح نكتة في مجالس الجمهوريين قبل غيرهم؟!
من صالح المنطقة ان لا يستقر الاحتلال، هذا الاحتلال جاء برؤية هانتنغتون واعتقاد فوكوياما بنهاية التاريخ داروينية اجتماعية في إدارة الصراع!! فان استقر خمس سنوات لا سمح الله فسيعيدون المنطقة قرنين استعماريين الى الوراء..

ـ کيف تنظرون إلى الوضع في العراق، وکيف تنظرون إلى الدور الايراني؟
الوضع العراقي أكثر من فاجعة ، في جانب لا ترى أثرا لدولة أو قانون أو نظام لأن الكل ادارة و شعبا تحت رحمة ميليشيات متحاربة، وفي الجانب الاخر تشعر ان الأواصر المتأصلة دينيا في المجتمع العراقي والتي رغم التنوع بنيت تاريخيا على التعايش والتراحم تتفكك كل يوم، و تحل محلها قيم الفردانية النفعية العدوانية وفي هذا خسارة في تصوري أكثر من أي خسارة أخرى، ان ترميم الخسائر الاخرى قد يأتي عند توازن المصالح أما هذه فحتى لو خرج الاحتلال باذن الله تحتاج العمل بين جيلين أو ثلاثة مع النية الصادقة وتحتاج فهما متعمقا للاخر من جديد وكبتا لجموح الذات لبناء ثقة تعين على التعايش ثانية. أما الدور الايراني.. وما أدراك فما الدور الايراني؟! دخول و تدخل وتحكم، تخطيط وتنفيذ ورقابة!! في عمق الجنوب وقمة الشمال!! فمثلما ينفذ آل حكيم القرار الايراني ينفذه الطالباني الكردي مع التحية!! وهذا لم يأت اعتباطا بل هو بكل تأكيد قطف ثمرة لجهد ايراني استمر بين العراقيين هادئا على الاقل ثلاثين عاما اعدادا وتأهيلا.. فمن الملام يا ترى. صفنا المتشرذم ام صفهم المتحكم؟

ـ حرکة أنصار الاسلام، التي أسستموها تعتبر بنظر مختلف المنابر الاعلاميـة و السياسية منظمة إرهابية، هل لکم أن تحدثونا بشأنها؟
عمر انصار الاسلام كان قصيرا جدا عندما اتهمت بالارهاب الذي أصبح موضة السياسة بعد وصول المحافظين الجدد الى الحكم، نحن اعلنا أنصار الاسلام في 10/12/2001 وأصبحت أميرها و قبل ان نرمي طلقة واحدة مددنا أيدينا لهدنة مع جماعة الطالباني التي ألغت اتفاقية عام 1997 بينها وبين الحركة الاسلامية التي كنا فيها و هاجمت هي المنطقة منذ شهر اغسطس / اب 2001 و رغم ذلك استمرت اجتماعاتنا حتى دونّا اغلب مطالب الطرفين في الاتفاقية وبقي ان نوقعها انا و الطالباني ولكن قبل موعد التوقيع بيوم، فوجئنا بمحاولة اغتيال برهم صالح رئيس حكومة الطالباني، رغم اننا قدمنا في حينه من الادلة ما أقنعتهم باننا لسنا خلف الامر لا تخطيطا ولا تنفيذا و لا علم لنا مسبقا بالامر واقتنعوا، واعتقد انهم سرعان ما عرفوا أن المدبر آخرون ممن كانت لهم اتفاقيات استراتيجية معهم، ولكنهم كانوا قد اتفقوا ربما مع الاميركيين ( الذين كانوا يستعدون لغزو العراق ) فانتهى زمن المفاوضات وبدأ القتال ثانية عندما كنت في سجن هولندا.. بعد ذلك كان من الطبيعي جدا ان يسمع العالم اتهامنا بالارهاب خصوصا ان الاحزاب الكردية اتفقت فيما بعد مع الاحتلال ووقعت على البياض!!

ـ ما هي رؤية و تقويم الملا کريکار للتجربة السياسية في کردستان العراق؟
تجربة اخفاقاتها قاتلة و لا تقاس نجاحاتها الضئيلة بها.. اول الفشل كان فشلا قوميا ذريعا عندما سنّ البرلمان الكردستاني قانونا جوز مقاتلة اكراد الشمال ( حزب العمال الكردستاني ) خدمة للجيش التركي!! و افتخروا بانجازهم عندما وضعوا جثث اكراد تركيا الخمسمئة على الطريق العام بين دهوك و حدود تركيا!! ولم يستطيعوا والى اليوم احتواء اكراد المناطق الاخرى ولو طلابا في جامعاتهم.. ثم فشلوا وهم قوميون في تدوين اللغة الكردية، مثلما فشلوا في توحيد رؤاهم القومية وهذه هي اركان القومية بنظر منظريها الالمان و الفرنسيين ومن بعدهم نامق كمال التركي و ساطع الحصري العربي، وفشلوا في ابطال مفعول الحدود الملعونة بين اجزاء كردستان كما فعل البشتون في مناطقهم الجبلية القبلية بين باكستان و افغانستان!! ثم فشلوا في إنشاء ادارة ذاتية تدير مجتمعا مدنيا، رغم ان في اكراد العراق ربما اكثر من خمسة آلاف تخصص في السياسة والاقتصاد و الادارة والاجتماع ولكن لم يكن لهؤلاء مكان في ظل حكومتين أميتين متقاتلتين. وخرج الالاف من الشباب الى بلاد الغرب دون ان يحصلوا على حق اللجوء وفوق ذلك اصيبوا لعدم وجود أي مناعة ذاتية عندهم بكل الامراض الاجتماعية الموجودة في بلاد الغرب!! ثم كان الفشل الاقتصادي .. في ظل حكومتي طالباني في السليمانية و بارزاني في اربيل توقف الانتاج الزراعي، ثم جاء الاحتلال وجعل كل الاكراديعيشون على الرواتب المغرية!! تخيلوا وجود 963 ألف شخص في كردستان العراق يتقاضون اليوم الرواتب الشهرية !! فاصبح شعبنا المنتج زراعيا مستهلكا تحت الظل كذكور النحل ينتظر شهريا رحمة الاحتلال والطالباني اعلن ان في السليمانية الفي مليونير .. وانتشرت ثقافة الاستهلاك بشكل مخيف، ثم ثقافة الغازي الاميركي وقيمه اللذين استقبلهما أكراد العراق بلهف غريب ! حتى أصبحت السليمانية واربيل أكثر انفتاحا على القيم الغربية الغريبة من بيروت و الاسكندرية!! فكثرت نسبة الطلاق و تفككت الاسر، و انهارت القيم الكردية الموروثة، والاخطر من كل ذلك تبجح القادة بكل صلافة الثورة على ثوابت شعوب المنطقة الدينية والسياسية و الاجتماعية!! واعلنوا علمانية سافرة بوجه الاسلام واعلنوا الكفر البواح وانشأوا لذلك سيلا من التوجيه الاعلامي و كأننا في طاشقند وفي زمن لينين ففي السليمانية وحدها فتحت 41 قناة تلفزيون و 41 محطة اذاعة و146 صحيفة و156 مجلة كلها تخرج من توجيه قومي علماني متطرف ولو ترجمت الى التركية لظن الاتراك انهم في غمرة الطورانية الاولى ولو ترجمت الى العربية لهاجت الجماهير وماجت لتهتف بالناصرية من المحيط الى الخليج!! حتى وجدنا بين الشعب الكردي الغيور على دينه سابقا عشرة آلاف متظاهر فقط يخرجون الى شوارع اربيل استنكارا للرسوم الكاريكاتيرية الدانماركية التي أصابتنا في سويداء القلب!! ومتى جرت ذلك ؟ بعد أكثر من شهر على نشر الصور ، فتظاهر الاكراد بعد مالي و بوركينافاسو!! وفوق هذا العار افتخروا باستضافة قنصلية اسرائيلية في اربيل! حتى صار الكردي عند جيرانه اسوأ مثال للغباء والجهل المركب، و قادتهم امثلة للانتهازية والعمالة، والبيشمركة مقاتلون بلا حدود وقد عينوا حرس حدود!!.. فضعف الولاء لديننا بين جيلنا الحالي الذي نحي عن الاسلام ولم يعرف حق المواطنة حتى في ظل حكمه القومي.. حتى غدونا في ندرة الشرفاء نشك في نسب جدنا صلاح الدين رحمه الله الى الاكراد؟!

ـ لماذا أنت مستهدف في کردستان؟
لأنني اقول على المنابر ما تقرأه الآن..

ـ کيف تنظرون إلى قرار إبعادکم من النروج و کيف تفسرونه؟
التهمة كانت باطلة كمثيلاتها السابقة، والتي قالت ان ملا كريكار يشكل خطرا في المستقبل على امننا الوطني!! وهذا هراء.. لانني في هذا البلد منذ ستة عشر عاما ولم اخنهم في دمائهم و اموالهم و اعراضهم، لا هم ولا من يعيش بينهم، ثم انني لم اختلط بالمجتمع النروجي لانني لم افكر يوما بالبقاء فيه، ثم قدمت الى المحاكم اكثر من خمس وثلاثين مرة، وحققت معي اكثر من عشر استخبارات دولية لم يستطع احد أن يثبت علي جريمة او مشاركة في جريمة لا في النروج ولا في بلادي، كل جرمي انني اصولي اسلامي، ولم اخف ذلك يوما عن احد فالاسلام بالنسبة لي رؤية فلسفية تعطيني الجواب المقنع عن الانسان و الكون و الحياة. ورؤية سياسية تعطيني تفسير الصراع في المجتمع وتصنف لي من حولي، وكيف يكون الموقف الحق من كل شيء.. فلاسلام عندي عقيدة و عبادة و شريعة ، ثم هو انتماء لأمة بنت حضارة حكمت بها نصف الكرة الارضية الف عام، وهو حركة تمثلت في دعوة الانبياء لتزكية النفس والتنشئة الاجتماعية لتوظيف طاقات المستجيبين في حركته العقائدية نحو التمكين للشهادة على الناس بتعبيد الناس لربهم واقامة القسط بينهم.. وتدينت بهذا الفهم وبلغته اماما و ماموما والحمد لله رب العالمين.