نزار جاف من بون: کانت هناک ثمة قناعة تولدت لدي و انا أفکر بإنجاز تحقيق بخصوص الشرقيين الذين يرتادون بيوت الدعارة في المانيا، ان الامر سيکون بدرجة من الصعوبة لاسيما عندما تريد استنطاق الذين يسعون إلى ارتياد هکذا أماکن بعيدا عن الانظار.
التحقيق هذا شرعت به قبل أکثر من سنة، وطوال المدة المنصرمة کنت في حالة سعي لاقتناص من أقتنصه من الشرقيين من أولئك الذين أبدوا نوعا من الاستعداد للتحدث معي، و قطعا لابد من الاقرار بأن ما أنقله قد يمثل جانبا من الحقيقة و ليس کلها، ذلك ان استعداد نسبةquot;ضئيلةquot;من کم quot;کبيرquot; نسبيا من مرتادي هکذا أماکن لن يکون بالامکان عده أمرا متکاملا أو مستوعبا لکل الجوانب و الابعاد، لکن بالامکان عده مؤشرا قد يحدد المسار العام للقضية.
بيوت الدعارة في بون و کولونيا.


واجهة احد المواخير في المانيا

لم يکن بالامکان لأسباب متعددة تناول بيوت الدعارة القانونية في عدة مدن في وقت متقارب نسبيا، لکننا وجدنا من المناسب جدا لو جعلنا الامر مقتصرا في البداية على مدينتيquot;بونquot; و quot;کولونياquot; لقربهما من بعضهما أولا، و لوجود جالية شرقية کبيرة نسبيا فيها. وعندما زرنا المبغى الرئيس في مدينة بون لأول وهلة، کان الوقت يشارف على لفظ النهار لآخر أنفاسه فطالعتنا الاضواء الحمراء المنبثقة من مصابيح بأطراف البناية حيث کان البعض منها و في واجهة المدخل الرئيس للبناية کانت شکل قلوب حمراء، ومن خلال بوابتين رئيسيتين إحداهما کبيرة و الاخرى أصغر، يبدأ عمل هذا الماخور من ساعات الصباح الاولى و حتى ما يقارب الساعة الثالثة بعد منتصف الليل.


أما في کولونيا، فإن مجرد ذکر کلمةquot;باشاquot;لأي سائق تکسي کافية لکي يأخذک فورا الى الماخور الرئيس في هذه المدينة المشهورة والذي يتکون من سبعة طوابق، رغم أن هناك أيضا مواخير أخرى بهذا الاسم نفسه في مدن ألمانية و أوروبية أخرى، لکن الفارق بين الماخورين هو ان الثاني أکبر من الاول الى حد ملحوظ نسبيا، ومفتوح طوال اليوم کما ان مرتاديquot;باشاquot;يجب أن يدفعوا خمسة يوروات کرسم دخول من غير الذي سيدفعونه عند اختيار المومس المناسبة، فيما بإمکان أي فرد أن يدخل الماخور الرئيس في بون من دون دفع حتى سنت واحد، وهناك فرق آخر وهو أن الطابق السابع من ماخور باشا، خاص بالجنس المحولquot;
Transsexeullquot; لکن في کلا الماخورين لم يکن مسموحا إلتقاط الصور و کانت هنالك لوحات تحذيرية معلقة تعلن ذلک، لکن الامر الذي يجب ان نشير اليه و نأخذهفي الاعتبار، هو انه هناک ايضا بيوت دعارة قانونية في المدينتين اللتين أشرنا إليهما وهي مبثوثة هنا و هناك و ليس من السهولة متابعة جميعها کما ان هناك أيضا ظاهرة المومسات اللائي يعملن بشکل غير قانوني في بعض من الشوارع والاماکن المحددة في بون و کولونيا و هن يمثلن رقما له دوره، وقد اقتصر تحقيقنا هدا کما أسلفنا على مرتادي الماخورين الرئيسين مع أخذ نماذج معينة من أولئك الذين يرتادون المواخير الاخرى أو يصطحبون بغايا الشوارع.


حصيلة مايقارب العام من الارقام
طوال المدة التي قضيناها في إکمال هذا التحقيق، تمکنا من التحدث بصورة أو بأخرى مع 123 مرتادا فقط في الماخورين الآنفي الذکر، وتمکنا من خلال المعلومات التي حصلنا عليها منهم تحديد الجوانب التالية:
من ناحية الاعمار: 76 أعمارهم بين 22 الى 30 عاما، 25 أعمارهم بين 31 الى 50 عاما، و 21 أعمارهم تترواح بين 51 الى 65 عاما.
من الناحية الاجتماعية: 45 متزوجا و عندهم أطفال، 11 متزوجا و ليس عندهم أطفال، 52 عازبا، 15 بين مطلق و أرمل.
من ناحية الحالة الجنسية للزوجين: من بين 56 متزوجا، قال 41 منهم إن زوجاتهم لا يعانين من البرود الجنسي، فيما أکد 15 منهم ان زوجاتهم يعانين فعلا من البرود الجنسي.


من ناحية العمل: 86 لديهم أعمال دائمية، 18 لديهم أعمال موقتة، و 19 هم من دون عمل و يعيشون على الاعالة الاجتماعية.
من ناحية أوقات التردد إلى المواخير: 42 منهم قالوا إنهم يترددون کل شهر أو شهرين مرة واحدة على هذا المکان، فيما قال 27 منهم إنهم يترددون أسبوعيا مرة بشکل منتظم، فيما أکد 17 منهم أنهم يترددون في الاسبوع لأکثر من مرة،أما منهم16 فقد قالوا إنهم يترددون إلى zwnj;هذا المکان في مناسبات و ظروف معينة، غير أن 21 المتبقين منهم ألمحوا الى انهم يترددون إلى هذا المکان لأول مرة.


من ناحية العرق: 47 من الاتراک، 26 من العرب، 12 من الهنود أو الباکستانيين، 22 من الإيرانيين، 16 من جنوب شرق آسيا.
من ناحية الاحساس بتأنيب الضمير أو الندم: 38 أشاروا الى إحساسهم بالذنب و تأنيب الضمير بعد الانتهاء من العملية، فيما قال 44 منهم إنهم أحيانا يشعرون بتأنيب الضمير من ناحية العائلة أو الناحية الدينية، أما البقية فقد قالوا انهم لا يشعرون بشيء من ذلك.
إنهم مرحون و ينجزون مهامهم بسرعة!


عندما التقينا مومسا من اللائي يتخذن من أحد شوارع مدينة بون کمکان عمل لهن و طلبنا منها أن تحدثنا عن رأيها بخصوص الشرقيين بشکل عام، فقالتquot;لاريساquot;کما سمت نفسها و إدعت بأنها من أوکرانيا:quot;الحقيقة أن الشرقيين مرحون و ظرفاء و لا يدعون الوقت يمر ببطء، فهم ينجزون مهامهم بسرعة و يتوارون بسرعة أکبر عن الانظارquot;.


أماquot;ناتالياquot;التي قالت انها تايلندية، فقد عبرت هي الاخرى عن انطباعاتها بخصوص الشرقيين بالشکل التالي:quot;الرجل هو الرجل لکن مع اختلاف بسيط، هو أن بعضهم يضايقک أکثر من اللازم لکن الشرقيين بشکل عام يساومون کثيرا قبل أي شيء آخر، وقلما تجد شرقيا لا يساوم على السعرquot;. و عندما سألناها عن السعر الذهzwnj; تأخذه مقابل کل مضاجعة قالت:quot;کبداية أطلب 50 يورو مقابل نصف ساعة من الزمن أنجز خلالها أوضاع جنسية مختلفة أقترحها على الزبون، لکن هذا السعر قابل للمساومة سيما إذا لم يرغب الزبون بأوضاع معينةquot; لکنها أردفت قائلة:quot;الشرقيون يساومون لکنهم زبائن شبه دائميين لذلك فإن خصم مبالغ لأجلهم أمر يستحقونه!quot;.


الشرقيون أفضل من غيرهم من بعض النواحي
quot;ليلىquot;هکذا سمت نفسها فتاة شقراء في مقتبل العمر إدعت إنها من أم ألمانية و أب مغربي وأشارت الى أنها متزوجة من رجل ألماني و کانت تتکلم بصورة تشم منها أن زوجها يعلم بمهنتها أشارت الى أنها تعمل لساعات طوال في هذا المکانquot;ماخور بونquot; و قالت بأنها لاتعرف أن تتکلم العربية غير أنها تجيد الانکليزية و تتکلم الالمانية بطلاقة، وعندما سألناها عن رأيها بالشرقيين قالت وهي ترسم ابتسامة عريضة على وجهها:quot;انهم أفضل من غيرهم من نواح عديدة، فهم بسطاء و بعيدون عن التکلف کما انهم لا يتصرفون بطريقة تشعر بتميزهم عنك، و لا تنسى بانهم من الاعمدة الاساسية لاستمرار عمل هذا المکان بشکل مستمر و جيد، رغم أن الوضع الحالي ليس کما کان في السنوات الماضيةquot;.


أماquot;ازميرالداquot;الايطالية من ماخور بون أيضا، فقد قالت بصدد انطباعاتها عن الشرقيين:quot;هم أناس طيبون و کرماء و اجتماعيون و يسعون إلى خلق جو مرح و لطيف، وهناك العديد منهم قد أصبحوا أصدقاء لي من کثرة ترددهم إلي، وهناك أمر أود أن أخبرک به، أن الرجل الشرقي صادق في وعده بشکل عام، إذ قلما وعدني رجل شرقي بشيء و نکث بعهدهquot; وعندما سألتها عن طبيعة تلک العهود، قالت:quot;الکثير من الزبائن لکي يحظى بمتعة أکبر يقول للتي يضاجعها انه إذا شعر بمتعة کبيرة فسوف يزورها مرة أخرى، ونحن نعلم أن هذه مجرد کذبة يدعيها الزبون لکي يحصل على أکبر قدر من المتعة، أما الحالة مع الشرقيين فمختلفة تماما، إذ انهم صادقون و ينكثون بوعدهم، کما أن البعض منهم قد وعدني بهدايا وقد جلبوها لي، علما بأن بعضها هدايا ثمينة جلبوها من بلدانهمquot;.


من حقنا أن نعيش حياتنا کما نريد
quot;م.بquot;الالماني من أصل إيراني و إدعى بأنه يملك محلا خاصا به، قال وهو يهم بالخروج من ماخورquot;باشاquot;:quot;أنا أعمل ليل نهار و أشقى من أجل ماذا؟ أليس من أجل أن أعيش حياتي کما أرغب؟ أنا لست مرتبطا بأي امرأة ولي صديقات عدة، لکن النساء ان إرتبطت بهن فسوف يصبحن مکلفات و مملات و يضايقن الرجل الى آخر حد ممکن خصوصا هنا في المانيا، ولذلك فإن دفع مبلغ 30 الى 50 يورو أفضل من أن تدفع طوال عمرك و أنت تئن تحت طائلة تبرم امرأة لا تکف عن مضايقتک ليل نهار!


لکنquot;ک.سquot;الجزائري فقد أجاب عن سؤالنا له بخصوص هل يشعر بأن ما يقوم به حلال أم حرام، قال:quot;لو تحدثنا عن الحرام و الحلال، فقد إشتبك الامر على الناس في العالم کله، صحيح هناك أناس خيرون لکن هناك أيضا غالبية تشابک الامر عليها و لم تعد تميز بين الحلال و الحرامquot; و عندما أردفنا لکن الامر واضح لمن يبتغي تمييز الحلال عن الحرام فأجاب متبرما:quot;حسنا، اذهب و طالب العالم کله بأن يترکوا الحرام و يجعلوا الحلال غاية مرامهمquot;.
الانسان هکذا!


quot;ع.خquot;من سوريا وهو رجل تجاوز الخمسين من عمره، قال وهو يشکک في مصداقيتي کصحافي:quot;الصحافة ماذا تفعل في هکذا أماکن؟ هل هنا قاعة سياسية أم مؤتمر فکري؟ إنه مکان لا يتمکن الجميع من الاشارة إليه بشکل طبيعي داخل المجتمعquot;، قاطعناه مستفسرين: إذن لماذا تذهب إذا کان مکان غير مرغوب إجتماعيا؟ فأجاب و هو ينظر يمينا و شمالا:quot;الانسان منذ طفولته يسعى لکل شيء سواء کان مسموحا أم غير مسموح، وهکذا کان و سيبقى الانسانquot; و عندما سألناه هل يشعر بثمة ذنب أو إحساس بتأنيب الضمير عندما يدخل هکذا أماکن ولاسيما وقد أشار الى أنه متزوج و أب لخمسة أطفال، فقال:quot;وما فائدة الإحساس بالذنب أو الندم إن لم يمنعني من المجيء أساسا الى هکذا مکان؟quot;.