طغيان لون عربي على اجندة البي بي سي سبب في تراجعها وإنحسار تأثيرها

عدنان ابو زيد من امستردام: يصاحب إنطلاق فضائية بي بي سي الاخبارية العربية غدًا، قلق مشترك من الإعلاميين والمشاهدين بأن تنتقل أمراض الفضائيات العربية الإخبارية إلى القناة الجديدة، لا سيما أن البي بي سي شهدت تراجعًا واضحًا في الفترة الأخيرة في اجندتها الفنية ونوعية الأخبار المقدمة إلى المشاهد العربي، ويعزى إعلاميون متخصصون سبب ذلك إلى طغيان لون عربي واحد على القناة فرض أجندته وأفكاره، ولعل السؤال الآن عما ستضيفه الفضائية الجديدة وهل ستعيدإلى المشاهد العربي الجودة التي اشتهرت بها حين كان يديرها فريق عربي متنوع وعالي المهنية لا يحمل أجندة مسبقة. الفضائية الجديدة تنضم الى باقة من حوالى
280 محطة تلفزيونية متنوعة تبثها محطات عربية وأوروبية وغربية باللغة العربية في محاولة لعرض ما تعتقد أن من الضروري توصيله للمشاهد العربي. ولا شك في أن الفضائيات اليوم الوسيلة المفضلة للحصول على المعلومات لما تتميز به من قدرة على الوصول الى المشاهدين بسهولة وسرعة، إضافة إلى انحسار المشكلات الفنية والقانونية مقارنة بالراديو.

بي بي سي .. سبعة عقود
والقناة الجديدة هي اول اطلاق لقناة تلفزيونية بغير اللغة الانكليزية في بي بي سي منذ اكثر من عشر سنوات، وهو تطور مهم في مسيرة بي بي سي العربية التي بدأت منذ نحو سبعين عامًا، حيث بدأت الهيئة تقديم خدماتها الاعلامية إلى العالم عام 1932 عبر الراديو. ثم ما لبثت ان انطلقت بي بي سي العربية عبر الراديو عام 1938 وهي أكبر وأول إذاعات بي بي سي العالمية بلغة غير الانكليزية.


وكانت موجة الفضائيات المثيلة قد بدأت بمحطة تلفزيون quot;الحرةquot; الفضائية الأميركية، ثم دويتشه فيلا الألمانية وروسيا اليوم الروسية وفرانس 24 الفرنسية وأخيرًا بي بي سي العربية.
وعلى الرغم من إنتشار الفضائيات العربية فإن الفضائيات الاخبارية تظل محدودة مقارنة بالفضائيات المنوعة البرامج.
وكان حسام السكري، رئيس بي بي سي العربية قال في وقت سابق، إن بي بي سي لم تقرر التحول إلى وسيلة إعلام متعددة الوسائل، بل إن هذا تغييرًا فرضه المستمع والمشاهد ومستخدم التكنولوجيا المتاحة بشكل عام.
وكانت بي بي سي قد أطلقت قناة تلفزيونية عام 1994، إلا أنها لم تستمر وأوقفت عام 1996.
وتعتمد القناة الجديدة في فلسفتها كما صرح مسؤوليها على التغطية المتنوعة والمرنة القادرة على استيعاب الافكار والاراء المختلفة.

وبعد سبعين عامًا من عمر بي بي سي العربية، يبدو ان القناة قررت البدء في تغيير جذري في نوعية الخدمات التي تقدمها لمتابعيها باللغة العربية، فلم تعد تقدم خدماتها الإعلامية على الراديو والانترنت فقط، بل على التلفزيون والهواتف والكمبيوترات النقالة.

حسن معوض ينتقل الى الاذاعة البريطانية

وكان حسام السكري قد إنتهز فرصة انطلاق التلفزيون العربي معلنًا عودة حسن معوض إلى بي بي سي بعد سنوات من عمله كمذيع في قناة العربية ومدير لمحطتي إم بي سي وبانوراما إف إم في دبي، وأعرب حسام عن سعادته بانضمام حسن معوض لفريق بي بي سي، وقال: quot;أنا سعيد بانضمام حسن إلينا كشخصية إعلامية مرموقة. لقد عرف حسن لسنوات طويلة كمذيع في بي بي سي وكرئيس لقسم شؤون الساعة فيها وعودته تمثل إضافة قيمة لفريق العمل الذي يعمل الآن على انطلاق خدماتنا التلفزيونية.


وقبل عقد من الزمن شهد الاعلام العربي فضائيات اخبارية متخصصة، بعد ان ظلت مقتصرة على قنوات ال (سي إن إن) والـ (بي بي سي) لفترة طويلة.


وكانت قناة الجزيرة، قد بدأت انطلاقة قوية في مجال الاعلام المتخصص تلتها العربية التي اضافت دفقًا جديدًا إلى الاعلام الاخباري المتخصص، ثمّ بدأت قنوات أخرى بالظهور تباينت في جودة خدماتها وقدرتها على التواصل الحي مع الخبر والمشاهد.

الفضائيات العربية... تشابه واختلاف

وأغلب الفضائيات الاخبارية العربية تشابهت إلى حد كبير في برامجها الاخبارية التي اشتملت على نشرات إخبارية، وبرامج إخبارية ووثائقية.
ويتزامن انطلاق فضائية البي بي سي العربية مع إصدار وثيقة لعمل الفضائيات وفق إطار محدد، واجهت انتقادات واسعة من قبل اعلاميين رأوا فيها اطارًا محتملاً لقيود محتملة على حرية الرأي او كمحاولة لتدجين الإعلام لصالح توجهات وأفكار معينة.


يمكن القول إن بعض الفضائيات الاخبارية العربية نجحت الى حد كبير في تقديم بديل عربي ناضج في سوق الاعلام الذي سيطرت عليه الاجندة الغربية لفترة طويلة لما تمتلكه من تقنيات وامكانيات، واستطاعت استقطاب جمهورًا عربيًا عريضًا الى شاشاتها، بل ونجحت في نقل وجهة النظر العربية الى العالم الغربي الذي كان يجهل الكثير من القضايا العربية. لكن هناك فضائيات اخبارية عربية احادية في نظرتها وتعثرت في مسيرتها لانكفائها على تغطية الجانب الرسمي من الاحداث وتبنيها وجهة نظر معينة محاولة تسويقها الى الجمهور.
وعبر عقد من الزمان فإن بعض الفضائيات العربية الاخبارية استطاعت ان تنال ثقة المشاهد العربي، وان تصبح مصدرًا رئيسًا للاخبار، وتفوقت في مواقف كثيرة على منافساتها الغربية كما حدث في العراق وافغانستان وغزة والضفة الغربية.


ان ازدهار صناعة الفضائيات يعولم بلاشك الخبر الذي يصل المشاهد العربي الذي بات لا يعرف ما يدور في مجتمعه المحلي في ظل عجز محطات التلفزيون الوطنية عن إبداء أي قدرة تنافسية جدية بحكم الافتقار للموارد المالية والبشرية.