جميل اني لست وحدي من يلاحظ أننا ندمن التناقض، ونستمتع به أحياناً كثيرة.

في التسعينات الميلادية عملت في صحيفة تصدر عن الشركة السعودية للابحاث والنشر، هي (الصباحية). كانت الصباحية جريدة يومية لا تتعاطى مع السياسة الا من خلال عامود واحد يجمع اخبار السياسة في سطور قصيرة. باقي الجريدة تتعاطى مع الاحداث اليومية والحياتية. كانت (الصباحية) نبتة في غيرغير تربتها، ولذلك انتهت التجربة مبكراً. ما يهمني هنا هم من كانوا ينتقدونها مع انهم يقرأونها، لكنهم كانوا يضعونها في وسط صحيفة يعتبرونها رصينة.

حول هذه الفكرة تلقيت رسالة الكترونية من قاريء اكتفى بتسمية نفسه بابي وليد، ولا ادري لم لم يذكر اسمه كاملاً، يعلق فيها على مقال: "آه ونص... يا متعجرمين"، وفيها يقول:

كثيراً ما أسال نفسي:ماذا نريد نحن العرب بصفة خاصة والمسلمون بصفة عامة؟

- نلعن أبو العجرمية وغيرها في الصحف والمجلات والخطب والمحاضرات الدينية ونستمتع بقدها الميّاس ولفتاتها الغزالية وصوتها الدافئ بل "وطشتها" الرومانسي في خلواتنا معها في الفضائيات .

- نسب الغرب والغربيين وندعوا عليهم في صلواتنا ومساجدنا ونتسابق للسفر الى بلادهم ونمتدح , في أحاديثنا الخاصة , كل ما له صلة بهم من أمانة وإخلاص وبساطة ونظام وحقوق ووعي ومستشفيات وجامعات...

- ننكر على شبابنا وشاباتنا سلوكهم وتصرفاتهم بل وملابسهم ونتشدق في كل مناسبة بأن مجتمعاتنا هي الأمثل في الأخلاق والسلوك والمثالية والمحافظة.

- نهاجم القنوات الفضائية وبرامجها ومذيعاتها ونتسمّر أمامها لنرى من يفوز في " الستار آكادمي " و " السوبر ستار " وغيرها.

- نتمنى ونطالب بشنق صّدام حسين وأعوانه وسحلهم حينما نرى المقابر الجماعية وحلبجة ووضع العراق والعراقيين ثم نحتج على محاكمته بحجة عدم شرعية المحكمة نظراً لوجود الاحتلال وفي نفس الوقت نتهم جميع الدول العربية بأنها تحت الاحتلال وتحت السيطرة الأمريكية وأنها مسلوبة الإرادة ومع ذلك لم نأبه ولم نحتج على شرعية محاكمها إذا كان الأمر كذلك .

- وهناك الكثير والكثير من هذه المتناقضات . فماذا نريد ؟ .. والى متى سيضل الوضع على هذا الحال ؟

ماذا نريد ؟ .. أعلم أنه ليس هناك إجابة على هذا التساؤل . أما الى متى؟ ففي نظري أنه الى أن يرث اللـه الأرض ومن عليها.

انتهت رسالة ابو وليد، ولم ينته تناقضنا. واختم بدعوة تعلمتها من جدتي رحمها الله: "يا الله سترك... وستارٍ من خلقك".

صحافي سعودي
الرياض، المملكة العربية السعودية
Turki Aldakhil