ورد في نص المادة السادسة من الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر في العام 1948 ان لكل انسان في كل مكان الحق بان يعترف له بالشخصية القانونية، وهذا الأعتراف القانوني يضع الأنسان مهما كانت قوميته أو دينه أو مذهبه أو لونه أو فكره في وضع شرعي وقانوني متميز من ناحية حقوقه الأنسانية والقانونية الوطنية المشروعة.
وليس الاعلان العالمي وحده من جاء بهذه الصياغات، بل اكدتها العهود والمواثيق الدولية وأعتبرت هذه بمثابة النصوص النافذة في القوانين الداخلية الوطنية حماية للأنسان من تعسف السلطات ومن الخروقات التي تقدم عليها الحكومات ضد حقوق الأنسان.
وأكدت جميع الأديان السماوية على تكريم الأنسان وحمايته من الظلم والتعسف والغبن، وكان القرآن المجيد قد أورد في محكم آياته ضمن سورة الآسراء (( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً )).
وحيث أن الخالق الأزل كرم الأنسان وأعلى شأنه وقدره وأعتباره الانساني، فأنه أمر أيضاً بأحترام وصيانه أدميته وحقوقه.
وعلى هذا الأساس فأن الدولة تمنح المواطن جنسيتها لكون هذه الجنسية تعني العلاقة العقدية أو الرابطة القانونية بين المواطن والحكومة يكتسبها بالولادة او بالزواج او بالأقامة حيث اكدت المادة ( 15 ) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان ان لكل فرد حق التمتع بجنسية ما، ولايمكن بأي حال من الأحوال حرمان أي شخص من جنسيته ، ولايمكن أيضاً منعه من ممارسة حقه في تغيير جنسيته وفق القوانين المرعية والطرق القانونية المشروعة.
ومن ذلك دعت البشرية الى عدم السماح للسلطات بأن تجرد الانسان من جنسيته وتحوله الى شخص دون جنسية، حظي المبدأ على موافقة المنظومة الدولية بالأجماع والتأكيد على الألتزام بعدم المساهمة في خلق وأيجاد حالة أنعدام الجنسية المذكورة لأنها تشكل تجريد أنساني وخرق قانوني وأنتهاك للقيم والأعتبارات السماوية والأنسانية .
وزيادة في التأكيد على هذا الأمر فقد اكد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر بتاريخ 16 كانون الاول 1966 من الأمم المتحدة، حيث أورد نفس المباديء في عدم جواز تجريد أحد من جنسيته أو مواطنته.
أن الأصل أن تمنح كل دولة متعاقدة جنسيتها للشخص الذي يولد في اقليمها ويتم منح الجنسية اما بحكم القانون لدى الولادة او بناء على طلب خطي يقدم الى السلطة المختصة من قبل الشخص المعني او بالنيابة عنه بالطريقة القانونية ووفق الشروط التي ينص عليها القانون ولذلك فأن الاتفاقية الدولية الخاصة بشان خفض حالات انعدام الجنسية المعتمدة بتاريخ 4 كانون الاول 1954 تؤكد على امتناع الدول المتعاقدة عن تجريد أي شخص من جنسيتها أذا كان من شأن هذا التجريد أن يجعله عديم الجنسية دون الاخلال بالضوابط القانونية التي تمنح السلطة صلاحية سحب الجنسية اذا حصل على هذه الجنسية بناء على معلومات كاذبة او بالاحتيال او اذا تصرف الشخص على نحو يناقض واجبه في الولاء للدولة المتعاقدة او تصرف على نحو يلحق اذى خطير بالمصالح الحيوية للدولة.
ونصت المادة التاسعة من الاتفاقية منع الدول من اسقاط الجنسية عن اي شخص من الاشخاص لاسباب عنصرية او اثنية او دينية او سياسية.
أن العراق من بين الدول الموقعة سواء على الأعلان العالمي لحقوق الأنسان أو على الأتفاقيات والعهود اللاحقة لذلك، وأقدمت السلطات العراقية البائدة على أرتكاب خروقات أنسانية راحت ضحيتها شرائح كبيرة من أبناء الشعب العراقي جراء هذه الخروقات بسبب سياسة شوفينية وعداء سافر قومي وأثني ومذهبي ضاربة عرض اتلحائط النتائج الوخيمة جراء ذلك وتعريض المجاميع الأنسانية لأنتهاك وخلق حالة اللاجنسية في مجاميع كبيرة من ابناء العراق.
لذا فأن ما أقدمت عليه السلطة العراقية البائدة في الزمن الصدامي يعد خرقاً للمواثيق واللوائح القانونية الدولية وأنتهاكاً صارخاً بحق الشعب العراقي وبحق المواطن الذي يحمل الجنسية العراقية قانوناً، وأرتكبت السلطة العراقية البائدة هذا الخرق المتعمد مدفوعة بالعماء الشوفيني المنغلق والعداء الطائفي بشأن الأقدام على خرق النصوص وخلق حالة اللاجنسية لمجموعة كبيرة من شرائح الشعب العراقي ومنهم الكرد الفيلية والمسفرين من ذوي الأصول الأيرانية.
أن ارتكاب السلطة هذه المخالفة لايعد خرقاً للقوانين الدولية والأعراف القانونية فحسب، بل يتعدى ذلك الى الأضرار بالمواطن العراقي والعمل بكل الوسائل والطرق والأساليب من اجل خلق حالة اللاجنسية، وذلك بتجريدة من جميع الوسائل والمستمسكات والأسانيد التي تثبت مواطنته مما شكل خرقاً دستورياً وانتهاكاً لمباديء العدالة وحقوق ال،سان مع أصرار السلطة العراقية على تكرار هذا العمل والامتناع عن تلافي نتائجة الوخيمة بحق الشعب العراقي.
وبعد أن اقدمت السلطة العراقية البائدة على تجريد مواطنيها من الكرد الفيلية وذوي الاصول الايرانية من جنسيتهم العراقية ورميهم على الحدود الأيرانية دون غيرها بأعتبارها تعتقد انهم من رعايا الدولة الآيرانية التي أنكرت تابعيتهم وانتسابهم لها وابقتهم دون جنسية ودون أن تمنحهم السلطات العراقية فرصة ممارسة حقوقهم الأنسانية وحرياتهم الأساسية، ودون أن تمكنهم السلطات الأمنية الأستفادة من أموالهم المنقولة على الأقل بل سيطرت عليها دون قرار قضائي ودون وجه حق مطلقاً.
لم تتوفر لهذه الشرائح اية حماية دولية واية مساعدة توفرها لهم هيئات الامم المتحدة او وكالاتها، ومما يشعر الأنسان بالآسى مالقيته هذه الشريحة من نسيان وغض النظر وعدم الاهتمام والألتفات بالرغم من حالتهم العسيرة والصعبة ووضعهم المأساوي والمخالف لأبسط القواعد الأنسانية، ودون أن يكون هناك قرار دولي أو أهتمام انساني يحفظ لهم حياتهم ويخفف معاناتهم.
واستمرت حالة اللاجنسية سارية عليهم لحين منح بعضهم جنسيات البلدان الأوربية التي وصلوا اليها ومنحتهم هذا الحق دون غيرها من البلدان العربية والأسلامية و من غير السلطات العراقية التي حرمتهم من العودة الى اهلهم وحرمت عليهم الأتصال والأستفادة من اموالهم باية صفة كانت.
الضرر الذي لحق بالعراقيين الذين صيرتهم الحكومة العراقية دون جنسية كبيراً وعميقاً مادياً ومعنوياً بليغاً.
وأزالة الضرر للمخالفة القانونية والمواثيق الدولية والفعل الضار يتم بأستعادة المواطن العراقي لجنسيته أولا وبتعويضه عن أمواله المنقولة وغير المنقولة التي صادرتها واستحوذت عليها السلطات في حينها وبقيمتها في وقتها ثانياً، وتعويضه عما لحقه من ضرر مادي ومعنوي طيلة فترة بقاءه ضمن حالة اللاجنسية ومعاناته الرهيبة والتي لم تلتفت اليها البشرية ثالثاً.