سيفان يتحدث في بغداد في شباط 2002
الامم المتحدة: بينون سيفان الموظف المخضرم بالامم المتحدة المتورط في فضيحة النفط مقابل الغذاء ويصف نفسه بأنه "أكثر شخصية ارتكبت خطأ سياسيا في تاريخ الامم المتحدة" وينظر اليه عادة على أنه رجل فوق العادة. ووقع الاختيار على سيفان وهو قبرصي من أصل أرمني ليدير البرنامج الذي بلغ حجمه 67 مليار دولار بعد أن أمضى 40 عاما من العمل المتميز مع الهيئة الدولية تورط خلالها في واحدة من أكثر الازمات العالمية التي يصعب تطويقها والخطرة غالبا. وكان سيفان (67 عاما) وهو رجل ضخم بشعر ابيض وحواجب كثيفة مثار اعجاب من زملائه لقدرته على حل المشكلات بسرعة ولردوده السريعة الفظة ولان لديه مخزنا من الحكايات لكل المناسبات التي يرويها بلكنة انجليزية واضحة. وقال موظف مخضرم بالامم المتحدة تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته "لديه قلب كبير كالكاتدرائية." وكانت الانتقادات الحادة التي وجهتها لسيفان لجنة مستقلة عينتها الامم المتحدة للتحقيق أكثر ايلاما لجميع الموظفين الذين عملوا معه في كثير من الوظائف التي تولاها. ووجهت لسيفان اتهامات في تحقيق أشرف عليه بول فولكر الرئيس السابق لمجلس الاحتياطي الاتحادي الاميركي بتخصيص تعاقد نفطي لصالح شركة تجارية مسجلة في بنما وهو ما وصفه تقرير لجنة التحقيق بأنه "تضارب خطير ومستمر للمصالح". ولا يزال التحقيق الذي تجريه اللجنة يبحث في كيفية تقويض صدام حسين لبرنامج النفط مقابل الغذاء كما أنه يبحث أيضا فيما اذا كان سيفان استفاد شخصيا من الصفقة التي حولت للشركة المتورطة في الفضيحة 1.5 مليون دولار. وينفي سيفان الذي تقاعد لكنه يرتبط مع المنظمة الدولية بتعاقد مقابل دولار واحد في العام طوال استمرار التحقيق الاتهامات قائلا انه "لم يحصل على بنس واحد" وانه تحول الى كبش فداء للمناخ السياسي المعادي للامم المتحدة في واشنطن. وقال كوفي عنان الامين العام للامم المتحدة "أعتقد أنني لست الوحيد الذي صدم مما قرأته في التقرير." واستطرد قائلا "كان هنا يعمل مع الكثير منا لفترة طويلة من الوقت ولم نتوقع منه شيئا من هذا القبيل." وسيفان الذي قامت بتربيته في قبرص احدى عماته متزوج ولديه ابنة ودرس الفلسفة اليونانية القديمة في جامعة كولومبيا بنيويورك قبل ان يلتحق بالامم المتحدة في عام 1965. وخدم خلال عمله المديد في الامم المتحدة في أفغانستان وأنجولا وبوروندي وكوسوفو ورواندا والصومال ولبنان في الكثير من الوظائف في مقر الامم المتحدة في نيويورك ومن الوظائف التي شغلها وظيفة المنسق الامني ومدير مجلس الامن.

وفي العراق نجا بأعجوبة من التفجير الذي استهدف مقر الامم المتحدة فياب (أغسطس)2003 عندما ترك مكتب البرازيلي سيرجيو فييرا دي ميلو ليدخن سيجارا قبل دقائق من حدوث الانفجار الذي أسفر عن سقوط 22 قتيلا. وتركت لسيفان مهمة أن يذكر الكلمات التي تفوه بها فييرا دي ميلو قبل وفاته اثناء نقل جثمانه على متن طائرة رئاسية برازيلية في مطار بغداد في رحلته الاخيرة لتراب الوطن والتي قال فيها "لا تسحبوا بعثة الامم المتحدة". وشهدت الفترة التي خدم فيها سيفان في أفغانستان فيما بين عامي 1988 و1992 انسحاب القوات الروسية في عام 1989. وأقنع نجيب الله رئيس الحكومة التي ساندها السوفيت انذاك بالتنحي مقابل تأمين خروجه من البلاد.

لكن الجنود أعادوه عندما حاول توصيل الرئيس السابق للمطار. ولجأ نجيب الله الى مبنى الامم المتحدة لاربع سنوات حتى اقتحمته عناصر حركة طالبان وشنقوه على عامود انارة. وفي أكتوبر تشرين الاول عام 1997 عين عنان سيفان لادارة برنامج النفط مقابل الغذاء الذي سمح للعراق الذي كان يرزح تحت العقوبات التي فرضتها الامم المتحدة بسبب غزوه للكويت ببيع النفط لشراء السلع التي يحتاجها شعبه. وقال مبعوث بالامم المتحدة "كان ينظر اليه على انه قاس يفتقر للاحساس وملم باللعبة السياسية. وقال سمير صنبر وهو مساعد سابق للامين العام للامم المتحدة "الناس تتعامل مع قيامه بهذه المهمة كأمر مسلم به." لكن صنبر قال ان الفضيحة كانت خيبة أمل كبيرة لاولئك الذين كرسوا حياتهم للهيئة العالمية. وقال "الشيء الوحيد الذي تمتلكه الامم المتحدة هو مصداقيتها. وماذا نمتلك غيرها؟"