إيلاف من أمستردام: يهيمن اسم السياسي الشعبوي خيرت فيلدرز، زعيم حزب من أجل الحرية، على الاخبار المتداولة داخل هولندا مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في الخامس عشر من شهر&مارس المقبل.

فحزبه يعتلي المرتبة الأولى في استطلاعات الرأي، حيث بلغ الاسبوع الماضي نسبة 30% متقدمًا على حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية، الذي&يتزعمه رئيس الورزاء الحالي مارك روته، نال 24% قبل أن يقل الفارق بينهما الى 4% بعد صعود حزب روته الى 25% هذا الاسبوع وتراجع حزب فيلدرز الى 29%.&

وعلى الرغم من الثقة الواضحة لدى فيلدرز الذي اشتهر بعدائه للاسلام، الا إنه لن يستطيع تشكيل حكومة بمفرده، حيث عادة ما تتشكل الحكومات الهولندية من قبل إئتلاف بين حزبين أو أكثر. ولا يؤيد برنامج فيلدرز الانتخابي حالياً أي من الاحزاب الهولندية. لكن لو حقق فيلدرز مفاجأة كتلك التي حققها ترامب في أميركا فقد يشكل الحكومة لو نال 76 مقعداً برلمانياً أو أكثر من مقاعد البرلمان الهولندي البالغة 150 مقعداً، وهو ما يستبعده المتابعون، أو لو قنع أحد الاحزاب المنافسة بالائتلاف معه، مقابل تقديمه تنازلات عن وعوده الانتخابية حسب تلمحيات بعض المقربين منه.

داعش والاسلام

&تنامي شعبية فيلدرز ساعده صعود تنظيم داعش والعمليات التي قام بها حول العالم،&إضافة إلى دخول أعداد كبيرة من طالبي اللجوء من دول إسلامية، يرى فيلدرز أن المواطن الهولندي أحق بما يدفع لهؤلاء اللاجئين،&الذين يؤكد أنهم قدموا لأسباب اقتصادية فأخذوا فرص الهولنديين في السكن الاجتماعي الذي ينالونه بسرعة على حساب قوائم المنتظرين من الهولنديين.

ويعيش فيلدرز محمياً بواسطة الشرطة الهولندية منذ نحو 12 عاماً بعد مقتل المخرج الهولندي "ثيو فان خوخ" على يد "محمد بويري" المتطرف من أصل مغربي بسبب اخراجه فيلمًا أعدته الصومالية "أيان هيرسي علي"، "خضوع"، يربط فيه بين الاسلام والاغتصاب واضطهاد النساء عام 2004.&

ويأمل فيلدرز بخلو هولندا من المغاربة، الذين يرى أنهم يسببون عدم الأمن في شوارع هولندا. وكان قد وصف انتخاب النائبة عن "حزب العمل" خديجة عريب ذات الاصل المغربي برئاسة البرلمان العام الماضي بأنه "يوم أسود في تاريخ البرلمان الهولندي".&

أصل أندونيسي

وينحدر فيلدرز من أصول أندونسية من جهة الأم حيث ولد العام 1963 في مدينة "فينلو" قرب الحدود الألمانية. ويشير مجايلوه من تلك المدينة الى أنه كان يعاني في طفولته من ازدراء الاطفال له بسبب أمه الأندونيسية القادمة من مقاطعة سوكابومي شرق اندونيسيا. واعتنقت اسرته مذهب الروم الكاثوليك، لكنه أصبح ملحداً فيما بعد. وقد درس وعمل في التأمين الصحي والاجتماعي. وسافر بعد إنهاء دراسته إلى إسرائيل وبقي فيها سنتين.&

إدانة وتحقيق

أدين فيلدرز العام الماضي بتهمة التمييز وشتم مجموعة من الناس فعوقب بدفع غرامة بلغت 5000 يورو. لكن القضاة لم يجدوا في خطابه تحريضاً على الكراهية والعرقية التي تبلغ عقوبتها السجن سنتين وفق القانون الهولندي. وكان فيلدرز هتف مع مجموعة من انصاره في تجمع حاشد في 2014 للمطالبة بعدد أقل من المغاربة في هولندا.

واعترض فيلدرز على الحكم بتغريدة على حسابه بتوتير قائلا: "ثلاثة من القضاة الذين يكرهون حزب الحرية أعلنوا أن المغاربة يمثلون عرقًا، وبالتالي أدانوني، وأدانوا نصف الشعب الهولندي"، مضيفًا أن الحكم لن يمنعه من الاستمرار في الحديث عن الحقيقة حول ما أسماه بالمشكلة المغربية، وأن "لا القضاة، ولا السياسيين، ولا الإرهابيين، سيقدرون على إيقافه".

وكان فيلدرز تعرض للتحقيق معه من قبل المخابرات الهولندية عامي 2009 و 2010 حسب صحيفة الشعب (فولكس كرانت) واسعة الانتشار بسبب علاقاته الوثيقة مع رئيس الموساد الإسرائيلي السابق عاموس جلعاد، وتردده على السفارة الاسرائيلية في هولندا وحضوره المتواصل لفعاليات المنظمات اليهودية في أمستردام ودعمه احتفالات أنصار اليمين الاسرائيلي خاصة حزب الليكود في هولندا، مما تسبب في التحقيق معه بتهمة الولاء لدولة أجنبية ونشر نفوذها داخل البلاد من قبل المخابرات الهولندية. لكن منظمات يهودية هولندية أكدت، مؤخراً، أن علاقات فيلدرز معها ومع دولة اسرائيل قد هدأت وقلّت كثيراً.

برنامج انتخابي

وكان فيلدرز أعلن أمام المئات من أنصاره برنامج حزبه الانتخابي يوم السبت 18 فبراير الجاري مهاجماً غالبية المغاربة الهولنديين عبر وصفهم بـ"الحثالة": "هناك الكثير من حثالة المغاربة في هولندا، وهم الذين يجعلون شوارعها غير آمنة"، قبل أن يستدرك بأنه &لا يستطيع تعميم صفة "حثالة" على جميع المغاربة.

ويعرض الموقع الرسمي على الانترنت لـ"حزب من أجل الحرية" PVV الذي يتزعمه فيلدرز برنامجه الانتخابي للهولنديين ويتضمن:

"ايقاف أسلمة هولندا ووضع حد للهجرة الجماعية واللجوء، اللتان تسببان الارهاب والعنف وانعدام الامن.

خطتنا: بدلاً من ضخ الاموال لبقية دول العالم ولناس لا نرغب بأن يكونوا هنا معنا، يجب أن تكون هذه الاموال لمستحقيها من الهولنديين العاديين. وبالتالي فإن حزب من أجل الحرية سيعمل على:

وقف الأسلمة عن طريق: صفر طالبي لجوء ووقف الهجرة من الدول الاسلامية وإغلاق الحدود. وسحب جميع تصاريح الاقامة الموقتة الممنوحة للاجئين الحاليين. وإغلاق معسكرات اللجوء. ومنع ارتداء الحجاب في الوظائف العامة. ومنع أي تصرفات أو تعابير اسلامية تتعارض مع السياسة العامة للبلد. وفرض حصار وقائي للتطرف الاسلامي. وإبعاد مزدوجي الجنسية من المجرمين الى خارج هولندا مع سحب الجنسبة الهولندية منهم. ومنع المقاتلين في سوريا من العودة الى هولندا. وإغلاق جميع المساجد والمدارس الاسلامية. وحظر تداول القرآن (اعتبر فيلدرز القرآن كتابًا نازيًا أكثر من كتاب كفاحي لهتلر). واستقلال القرار الهولندي من خلال الخروج من الاتحاد الاوروبي واستعادة العملة الهولندية الخلدن. والغاء المبالغ المضافة للتأمين الصحي (مع العلم أن فيلدرز كان قد صوّت لصالح إقرارها). وتخفيض مبالغ الايجار، وتقليل سن التقاعد من 67 الى 65 سنة. وايقاف الانفاق الحكومي على مشاريع التنمية والفنون والتطوير. وزيادة الإنفاق على الدفاع والأمن. وتقليل مبالغ &الضريبة على الدخل.

تحالفات

ولم يعلن فيلدرز عدم تحالفه مع أي حزب منافس على العكس من منافسيه خاصة مارك روته رئيس الوزراء الحالي زعيم "حزب من أجل الحرية والديمقراطية" الليبرالي الذي شكل الحكومة مع حزب العمل بعد فوزهما في انتخابات عام 2012 بأكبر نسبة من المقاعد، 80 مقعدًا، لـ"حزب العمل" 39، وللحزب الليبرالي 41، بعد تراجع حزب "من أجل الحرية" الذي يتزعمه فيلدرز الى 15 مقعداً فقط.&

ويتشدد روته بعدم التحالف مع حزب فيلدرز رغم تصريح النائب "مارتن بوسما"، الذي يعتبر أهم مساعدي فيلدرز، أن حزبه سيسعى إلى عقد تحالفات إن فاز في الانتخابات. لكنه أقر بصعوبة ذلك نظرًا إلى رفض أغلبية الأحزاب الهولندية الكبرى وبينها حزب رئيس الوزراء التعاون مع حزبه منذ إدلاء فيلدرز بتصريحاته بشأن المغاربة وإدانته قضائيًا.&

لكن ترجيحات المتابعين ومراكز استطلاعات الرأي ترجح فوز &حزب "من أجل الحرية" بزعامة خيرت فيلدرز بـ 29 الى 32 مقعداً من مقاعد البرلمان البالغة 150، وترجح فوز حزب "من أجل الحرية والديمقراطية" الليبرالي بزعامة رئيس الوزراء الحالي مارك روته بـ 25 الى 28، وتكتل "اليسار الأخضر" بـ 18 مقعداً و"الحزب المسيحي الديمقراطي" بـ17 مقعداً وحزب "ديمقراطيي 66" بـ 15 مقعداً، و"حزب العمل" و"الحزب الاجتماعي" بـ 11 مقعداً لكل منهما.&

وقد تأتلف بعضها لتشكيل الحكومة التي قد يفاجؤها&حزب فيلدرز بفوز ساحق فيها، مما قد يشجع أحد الأحزاب على الإئتلاف معه اذا ما قدم تنازلات لمح لها هو ومساعدوه مع اقتراب موعد توجه نحو 13 مليون هولندي الى صناديق الاقتراع منتصف الشهر المقبل، حيث يبلغ تعداد السكان 17 مليوناً، منهم نحو مليون مسلم، يشكل المغاربة والاتراك نحو 800 ألف منهم، يليهم الافغان والعراقيون والصوماليون والباكستانيون والايرانيون.