أكد السيد ( فاضل ميراني ) سكرتير الحزب الديمقراطي الكردستاني ونظيره السيد ( ملا بختيار ) مسؤول المكتب السياسي للإتحاد الوطني الكردستاني عقب إجتماع الحزبين في مدينة أربيل، مساء الثلاثاء المصادف ( 11/4/2017) على اجراء الإستفتاء بشأن استقلال إقليم كردستان خلال العام الحالي 2017 دون موافقة (أحد وبعدم العودة الى بغداد). 

ولمناقشة هذه التصريحات غير المسؤولة والتي تفتح الباب على مصراعيه للتدخل الخارجي في الشأن المحلي، ومن شانها ايضأ ان تخلق وتثير مشاكل وازمات جديدة للإقليم المثقل بالازمات اصلأ، ارتأيت اعادة طرح النقاط الاساسية التي طرحتها في سلسلة من مقالاتي السابقة لاعتقادي بانها هي اساس المشاكل والازمات التي نعاني منها في اقليم كردستان قبل الحديث عن الاستفتاء والاستقلال. 

لقد اكدنا مرارا كمراقب محايد للوضع الكردستاني بشكل خاص على عدة نقاط مهمة يجب ان نتعامل معها بجديه وموضوعيه منها : 
1 يعاني اقليم كردستان من تفاقم المشاكل الاقتصادية (البطالة - التضخم – الإسكان التقشق الغلاء التقليص والتأخر في صرف رواتب الموظفين، قلة الخدمات الاساسية ) اضافة الى تفاقم المشاكل الاجتماعية الكثيرة والمتنوعة والتي يعاني منها المواطن الكردستاني، الا ان حكومة إقليم كردستان او بالاحرى ( القلة القابضة على الحكم ) يفضلون عيش النعام ويضعون رؤسهم تحت الرمال حتى لا يواجهوا شمس الحقيقه، وبدل الانكباب على قراءة الدروس المستخلصة من عِبرة إرادة الشعوب يصرحون تصريحات غير مسؤلة وبشكل شبه يومي بان موعد اعلان الاستفتاء اصبح قريبا جدا، وينسون او يتناسون في ذات الوقت بان الاستفتاء يحتاج الى مشاركة جماهيرية عامة والى تفعيل البرلمان ومشاركة جميع الاحزاب بدون استثناء, ينسون بان بناء الدولة يحتاج الى عقول مستنيرة لإدارة موارد البلد الطبيعية، ينسون بان بناء الدولة يحتاج الى بناء الانسان وتحرير العقول من أفات حزبية والتعصب والغاء الاخر والشمولية والاستبداد تحت اي شعار....., نعم ينسون بان الحكومات المفلسة والمحتكرة لثروات البلد لاتستطيع ان تبني الاوطان، ينسون بان لا تبنى الدول بالفردية والمساومة والتمنيات والتبرعات والشعارات الرنانة والمزايدات، ولا بتبني سياسة المكاييل التي تزن الأمور بالمصالح الشخصية والحزبية وحدها, الدولة لاتبنى بالسياسة فقط بل بالاقتصاد والتنمية البشرية وتطوير الذات والوحدة الحقيقية بين ابناء الوطن، الدولة لا تبنى على الاستبداد والاثراء على حساب الشعب.. وهنا اسأل: أين نحن اليوم من هذا المنهج وهذا الفكر وهذا العمق في الإيمان بمشروع الاستفتاء والاستقلال الحقيقي؟ 

2 المواطن الكردستاني يعاني اليوم من الجوع والفقر وقلة الخدمات الاساسية ومن ضيق العيش في ظل ارتفاع الاسعار يوما بعد يوم، لاسيما غلاء الكثير من الأدوية ومن بينها الأدوية (المنقذة للحياة )، وكافة الاحتياجات والمستلزمات الطبية، و الزيادات الكبيرة في الضرائب واسعار جميع السلع والمنتجات الغذائية، اضافة الى ارتفاع معدلات البطالة ولا سيما فى صفوف الشباب، فالشعب سئم ومل وتعب من المهاترات السياسية امام المشاكل الاقتصادية التي تعترضه وتطحنه طحن الرحي، فالشعب يريد الخبز اولا، الشعب يريد لقمة العيش والمستشفيات والمدارس والكهرباء والماء، الشعب لايريد مع اشتداد التهديدات والمنافسة والتحديات الاقليمية والدولية ان تعود حليمة إلى عادتها القديمة وأسلوبها المعتاد.

3 لاتزال قضية رئاسة إقليم كردستان تتراوح في مكانها، وسط استمرار تبادل الاتهامات بين الأطراف الكردية المتنازعة على مسألة تمديد ولاية رئيس الإقليم من عدمها، وعدم التوصل إلى اتفاق لإخراج الإقليم من هذه الأزمة المستعصية والتي ادت الى تعطل البرلمان و اقالة أربعة من الوزراء حركة التغيير ومنع رئيس برلمان إقليم كردستان وعدد من اعضاء برلمانيي حركة التغيير، من دخول أربيل بقرار من الديمقراطي الكردستاني, وبهدف تهدئة الأوضاع السياسية في اقليم كردستان، تم انعقاد اول اجتماع بين المعارضة التي تضم حركة التغيير والاتحاد الاسلامي الكردستاني والجماعة الاسلامية الكردستانية من جهة، والحزبان الرئيسيان ( الاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني ) من جهة ثانية، وسميت حينها بـ(الإجتماعات الخماسية)، لكنها لم تدم طويلا بعدما رفض الحزبين الحاكمين تنفيذ مطالب المعارضة.

4 بالرغم من ان الشعب الكردي كغيره من الأمم والشعوب يملك حق تقرير المصير وحق الاعلان عن دولته المستقلة، الا ان المطالبات باجراء الاستفتاء وتحديدا في هذا الوقت العصيب الذي يمر به الإقليم والعراق والمنطقة بشكل عام ما هي الا زوبعة مصطنعة للهروب من مواجهة المشاكل الحقيقية التي تنخر في جسد المؤسسات والوزارات في الإقليم وفي مقدمتها الفساد الاداري والحزبي اضافة الى الازمة الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة والفقر وانخفاض مستوى المعيشة الناتج عن تراجع الأداء الاقتصادي( راجع تقارير دولية عن الوضع الاقتصادي المزري وارتفاع معدل الفقر والبطالة في العراق).

5 الاستفتاء يحتاج قبل كل شيء الى تفعيل البرلمان و خطوات متانية ومدروسة من جميع النواحي وليس الى اطلاق تصريحات وتهديدات تضر ولاتنفع، اذا كنا فعلا مقتنعين بفكرة الاستفتاء والاستقلال الحقيقي وتجسيد الحقوق الشرعية لشعبنا التي كفلتها المواثيق والأعراف والقوانين الدولية.

6 لا يمكن اجراء استفتاء بشأن انضمام محافظة كركوك الى إقليم كوردستان من عدمه مع وجود مناطق "مغتصبة" من قبل تنظيم داعش ( راجع تصريحات رئيس مجلس الوزراء العراقي السيد حيدر العبادي الذي اكد مجددا على هذه النقطة ).

7 تزامنا مع تصريحات القادة الكرد حول احقيقة الاستفتاء والاستقلال، أعلنت الدول (الصديقة جدا )(إيران وتركيا ) تحديدا معارضتهما لإعلان استقلال إقليم كردستان وتقسيم العراق في تصريحات متزامنة من طهران وأنقرة. وقال حسين أمير عبداللهيان، مساعد الشؤون العربية والإفريقية في وزارة الخارجية الإيرانية في مقابلة مع وكالة "إيرنا" الرسمية للأنباء، إن إيران تؤكد على "احترام استقلال وسيادة العراق ووحدته الوطنية".وأضاف عبداللهيان "نحن نعارض بقوة تقسيم العراق، ومن يتحدثون عن تقسيم العراق لا يعلمون تبعات هذا الأمر"، مؤكدا على أن "قادة الإقليم الكردي العقلاء لا ينوون الاستقلال الذاتي، وأنهم ملتزمون بدستور البلد".

8 اعلنت الولايات المتحدة الامريكية رسمياً رفضها لإجراء الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان واكدت من جديد على ضرورة الحفاظ على وحدة العراق والتعاون مع الحكومة الاتحادية لتجاوز الازمات السياسية والاقتصادية. 

9 اكدت الجامعة العربية على وحدة العراق وشعبه (راجع البيان الختامي لقمة البحر الميت). 

وعليه: ان المواطن الكردستاني يعانى الأمرين من سوء الأحوال المعيشية، وغلاء الأسعار فى الأسواق بشكل غير مسبوق مع تقليص الرواتب و إلغاء بعض الامتيازات وتأخير تسليم الرواتب، وفي في ظل هذا الوضع السياسي والاقتصادي المزري لن يحل الاستفتاء مشاكل الإقليم، بل بالعكس يعمق الازمة السياسية والاقتصادية في الإقليم من جهة، ويزيد شدة التوتر بين الإقليم وبغداد ودول المنطقة وخاصة تركيا وايران من جهة ثانية، في الوقت الذي نحن لسنا بحاجة إلى المزيد من الأعداء، يكفينا مشاكلنا، فالاستفتاء حسب الواقع الحالي الذي لا يبعد وصفه كثيرا عن الوضع الكارثي ( يجرنا إلى الوراء ويضعنا امام مشاكل وأحداث لا تحمد عقباها)، وان أزمة كركوك (الجديدة القديمة ) وخاصة بعد رفع علم كردستان الى جانب العلم العراقي فوق المباني الرسمية في المدينة والتي اثارت لغطأ كبير في البلاد خلال الأيام الماضية، خير دليل على ذالك.