تعقيبا على خبر إيلاف حول تصريح الدكتور شوقي علام مفتي مصر أن علي بن أبي طالب، تنبأ بظهور تنظيم داعش قبل 1400 سنة. تبعها خبر إيلاف في 31- يناير 2017 حين فاجأنا عالم أزهري آخر الدكتور سالم عبد الجليل بفتوى؟؟؟ تصريح؟؟؟ بأن النبي محمد سيتزوج السيدة مريم في الجنة؟؟ نفس العالم الذي أصدر في السابق فتوى ’تحرم محادثات الشباب في الفيس بوك والشبكات الإجتماعية الأخرى وإعتبار هذه المحادثات درجة من درجات الزنى؟؟ لأن الزنا لا يقتصر على الجماع بل إن النظرة الآثمة أيضا درجة من درجات الزنا؟؟؟؟ المؤسف أن فتوى زواج النبي بالسيدة مريم العذراء لم تكن الأولى في هذا الموضوع، بل أطلقت دار الإفتاء في شهر فبراير من العام 2010 فتوى مماثلة حملت رقم 37869 وعنوانها "" من ازواجه في الجنة "".. في كلتا الحالتين يؤكد علماء الأزهر بفتاويهم وتصريحاتهم تلك عدم الإحساس بالمسؤوليته الأخلاقية حين جرح مشاعر الأقباط المصريين المسيحيين في أمور غيبية لا يعلمها إلا الله.

خلال السنوات الماضية وصلت مأساة مصر في معركتها بين الحداثة أو الإستبداد الديني لتنافس واضح على السلطة أسس له وجذره وجود مواد في الدستور المصري تؤكد بأن الأزهر هو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشئون الإسلامية.. وأن الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع وبذلك وضع الدستور الأزهر على رأس المؤسسة الدينية والجهه الوحيدة المخولة بتطوير وتجديد الخطاب الديني... ولكن الأزهر تخطى أية حدود حين آمن علماؤه ومشايخة، بأنه حقهم الطبيعي أن يتكلموا وعلى الشاشات الفضية والتي فاقت 130 قناة فضائية دينية.. في كل قضايا الأسرة, والفن والثقافة والتعليم. وربطوا حياة المسلم المصري بكل صغيرة وكبيرة سياسية أم إجتماعية, حتى وفي العلاقات الخارجية والدولية بغيبيات, تهدم كل مساعي الدولة للتحديث. وساهمت التكنولوجيا الحديثة التي إستغلها نجوم الأزهر للخروج من الحدود الجغرافية المصرية, وإستعمال الأموال السعودية, خاصة حين عيّن الأزهر نفسة كسلطة دينية سنية بدأت كظاهرة فكرية وإجتماعية، تجعل من المذهب والفكر الحنبلي المتشدد, رؤيا إسلامية سنية جامعة. توافقت مع الرؤية الوهابية لمواجهة السلطة الدينية الشيعية، التي تمكنت من السيطرة على عقول البسطاء بعد عودة الخميني.. كلاهما يتنافسان للسيطرة على المجتمع..

خلالها سمعنا وشهدنا شيوخ وعلماء من مصر الحبيبة، كلهم يحملون شهادات الدكتوراه بفتاوي مسمومة تنزل على رؤسنا كالطوب تجرح القلوب ولا ’تضمّد العقول؟؟ من مثل فتاوي إرضاع الكبير لتحليل الخلوة المحرمة؟؟ إلى فتوى الداعية المصري أسامة القوصي بجواز إختباء الخاطب لرؤية خطيبته تستحم بشرط أن تكون نيته في الزواج منها صادقة؟؟ ومنها أيضا فتوى مفتي مصر السابق الدكتور الجليل علي جمعة الذي شجع سياحة العري.. ’مبررا ذلك بالطواف حول الكعبة عرايا قبل الإسلام؟؟؟؟ بعد حادثة الطائره الروسية.. وحين ’سئل إن كان يقصد تشجيع السياحة.. أجاب نعم كل أنواع السياحة حتى السياحة الملوخية والسياحة الهبابية على حد تعبيره؟؟؟؟
وتكررت وتغيرت فتاوي ودخلت في الصيام والإفطار.. منها أن الأذان ليس شرطا للإفطار وعلى الصائم الإنتظار للتأكد من غياب الشمس.... إلى فتوى تقر بأن إستعمال دواء الربو من البخاخة من المفطرات؟؟
وغيرها من الفتاوي التي لا ’يقرها عقل ولا منطق. كلها تصب في هدف واحد تجهيل المواطن المصري من خلال التلاعب بالغيبيات.. وكلها تؤكد للمحلل السياسي بأن هناك حالة من التنافس الغير مرئي ما بين سلطة الأزهر الذي يرفض التحديث وسلطة الدولة ومحاولتها التحديث في الخطاب الديني لإخراج المواطن من سيطرة السلطات الغيبية والتي قد تحثه ضمنيا على كره المختلف وعدم إحترام شعور الآخرين. لنقل المواطن إلى الواقع الحقيقي لما تعانية مصر والواقع العالمي الذي يؤكد بأن فصل الدين عن الدولة هو الطريق الوحيد الصحيح لإستقطاب الإستثمارات العالمية وحمايتها كإحدى مسئوليات الدولة للحماية الإقتصادية للمواطن..

حقيقة أن هناك إعادة نظر من الدولة المصرية بدور الأزهر.. خاصة وبعد أن خاب أملها في رفضه لطلبها النظر في موضوع الطلاق الشفهي وتحريم وقوعه إلا أمام المأذون؟؟ وحين رفض وزير أوقافة مختار جمعة تطبيق قرار الحكومة بالخطبة المكتوبة ولم يلتزم بها سوى 40% من الأئمة والخطباء.. إضافة إلى رفض الدكتور أحمد الطيب تكفير داعش.. الذي قال أمام طلابه "" لكي ’تكفر شخصا يجب أن يخرج من الإيمان و’ينكر الإيمان بالملائكة وكتب الله التوراة والإنجيل والقرآن؟؟؟ وأضاف أن الأزهر لا يحكم بالكفر على شخص طالما يؤمن بالله وباليوم الآخر حتى ولو إرتكب كل الفضائع؟

قد تكون هذه الأسباب مجتمعة هي ما جعلت الحكومة المصرية تشعر بطموح الأزهر ليصبح مؤسسة أكبر من محلية وقطرية يرافقها طموح للنجومية العالمية وفي تسلطه ليصبح قوة إجتماعية لا ’يستهان بها؟؟

كل ما سبق ومع تصريحات علماؤه اللا مسؤولة أكّدت للحكومة المصرية أن الأزهر بقيادة الدكتور أحمد الطيب لم يقم بأي خطوة حقيقية وجادة لتجديد الخطاب الديني.. ومن هذا المنطلق قررت الرئاسة المصرية تشكيل مجلس أعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف.. خاصة وبعد أن نشرت جريدة اليوم السابع نتائج إستطلاع حول قدرة الأزهر على مواجهة الأفكار المتطرفة.. وجاءت النتيجة أن 79% ممن إشتركوا في الإستطلاع قالوا بأن الأزهر ليس بمقدورة مواجهة هذه الأفكار.|

إن وقوف الأزهر وعلماؤة حرّاسا وأوصياء على المجتمع بأسرة حين حولوا النص الديني إلى ’مطية للتراث وللتقاليد في عصر كان يجب أن ترتبط فيه بتغييرات العصر والتغيرات المجتمعية اللازمه والضرورية لدخول العصر رسّخ لتربة جاهلة وقادرة على الإستبداد الفكري أقصت كل معنى أو مفهوم للحريات الفردية والمجتمعية..شلت قدرة هذه المجتمعات على التحديث والتطور.

من هذا المنطلق أعتقد بأن وجود الزهر والكنيسة في هذا المجلس لن يحل المشكلة على الإطلاق.. في كل الأحوال الحكومة المصرية تواجه أخطر إمتحان لها.. في كيفية إستعادة قدرتها وتوعية المواطن المصري بأن حقوقة هي مسؤولية الدولة وحدها ولا ولن تتم بمعجزات الغيبيات وشعوذة رجال الدين.. بل تتم فقط من خلال سيادة القانون وتطبيقة على كل محرضي الإرهاب سواء من خلال التبريرات الفقهية أم من خلال الفتاوي أو نبش ما يتعارض من قصص التراث مع السلم المجتمعي..