مع اتفاق الحزبين الرئيسين في إقليم كوردستان، الديموقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني، اصبح في حكم المؤكد اجراء الاستفتاء الشعبي العام خلال هذه السنة حول البقاء في العراق الاتحادي او الاستقلال، ومع انه اجراء ديموقراطي سلمي تلجأ اليه شعوب العالم والمجتمعات البشرية لا فقط لحسم القضايا المصيرية ذات الأهمية القصوى وانما حتى في الملفات المتعلقة بالحياة اليومية والقوانين المتعلقة بالبيئة والمرور و......الخ، الا ان الامر مختلف تماما فيما يتعلق بالاستفتاء في كوردستان اذ هناك حملة عدائية شعواء ضد الشعب الكوردي وقياداته الوطنية، لم تنحصر في الجهات المعروفة بعنصريتها وطائفيتها مع انها كانت ولا تزال السبب الرئيس وراء انفراط العقد الاجتماعي والإنساني في العراق وتقسيمه الى شيعة وسنة وكورد وانما أيضا تدخل بعض دول الجوار بما لديها من وسائل اكراه وطابور خامس لإجبار الشعب الكوردي على التنازل عن حقه المشروع في تقرير مصيره بنفسه بعد ان اثبتت احداث ما يقارب قرن من الزمان على فشل الشراكة المزيفة والوحدة القسرية القائمة أساسا على الانفراد بالسلطة وإلغاء الاخر والعنف المنظم

الاستفتاء في كوردستان حول الاستقلال واضح المعالم ويستهدف الى:

ـ ممارسة الشعب الكوردي لحقه المشروع في تقرير مصيره بنفسه سواء كان الاجماع على البقاء في العراق او اختيار الاستقلال

ـ الاستفتاء ليس ضد الشعب العراقي ولا الاخوة العرب ولا أي طرف إقليمي وهو اجراء سلمي حضاري متفق مع أسس الديموقراطية وحقوق الانسان

ـ الاستفتاء هو، حصرا وتحديدا، لتعريف العالم الخارجي بإرادة شعب كوردستان كوسيلة سلمية من بين عدة خيارات أخرى لتحقيق وحماية حقوقه المشروعة والحصول على دعم وتأييد كل المحبين للحرية والسلام

ـ الاستفتاء ليس مشروطا بموافقة الحكومة العراقية ولا اية جهة إقليمية او دولية وليس هناك أي قانون محلي او دولي يشترط ذلك، ولكن القيادة الكوردستانية والشارع الكوردي مصران على ان يكون تطبيق نتائج الاستفتاء عبر الاتفاق مع الدولة العراقية والقوى السياسية الوطنية حماية لمستقبل العلاقات بين الشعبين العربي والكوردي ولضمان حسن جوار وتعاون وثيق مثمر ولمنع الوقوع في مطب الحروب والعنف والدماء والدموع كما هو الحال في اغلب المعالجات التي تناولت قضايا الشرق أوسط

الضجة المفتعلة ضد (بعبع) الاستفتاء الشعبي العام في كوردستان بقدر ماهي ضد الكورد فهي أيضا ضد عرب العراق ومصالحهم الاستراتيجية لإلهائهم عن الازمات الحقيقية التي يعيشونها والانقسام الحاد والعدائي بين الشيعة العرب والسنة العرب والمخاطر الناجمة عن ذلك والتي هي في التحليل الأخير تعني ترسيخ الهيمنة الإقليمية والأجنبية واستغلال العراق لتحقيق اجندات لا تتعارض مع مصالح شعبه فقط وانما تقف تماما ضد المصالح الاستراتيجية للامة العربية

الاستفتاء ونتائجه، بما فيها اختيار الاستقلال، لا يعني قطعا نهاية للعلاقات التاريخية العربية الكوردية وعلى الاغلب سيكون بداية موفقة وناجحة لتحقيق التآخي الحقيقي والتعاون المثمر وبما يمكن الشعبين الجاريين من المساهمة بشكل فعال في إرساء دعائم السلام والامن والاستقرار في الشرق الأوسط ويبقىالاستفتاء اجراء حضاري وديموقراطي سلمي يحوز على احترام وتقدير كل المدافعين عن الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.

[email protected]