في كل مرّة، عندما يقوم الأتراك بإصابة أيّ مواطن كوردي من غربي كوردستان، ولو بخدش بسيط، حتى ينتفض الأوجلانيون ويبدأون بتوزيع الأدوار على حركة المجتمع الديمقراطي (Tev-Dem) وحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) ووحدات حماية الشعب (YPG) وبقية أدواتهم الأخرى، فكل منهم له مهمة محدّدة ويجب تنفيذها على أكمل وجه وفي مختلف الأصعدة، فحركة المجتمع الديمقراطي تبدأ بتوجيه اتهامات الخيانة والعمالة لإدارة إقليم كوردستان وحزب الديمقراطي الكوردستاني (PDK)، وأنها تتواطأ مع إدارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بهدف القضاء على حزب العمال الكوردستاني (PKK)، فيما PYD تستلم مهمة تضييق الخناق على المجلس الوطني الكوردي وإغلاق مكاتبه واعتقال أعضاءه، وأنهم أردوغانيون ويحاربون ضد مقاومة أبناء شمال سوريا (بحسب آخر تسمية لهم على منطقة غربي كوردستان)، واضعين أيديهم مع الائتلاف السوري المعارض، فيما مهمة الـ YPG تنحصر فقط بمحاربة قوات البيشمركة التي تتدّرب في إقليم كوردستان، وممنوعة من العودة إلى أراضيها الأصلية بطلب أمريكي، ولحساسية الوضع الكوردي السوري. 

عند الدخول إلى صفحات أنصار ومؤيدي أوجلان، نقرأ مع كل منشور أو تغريدة لهم عبارة: (#NoFlyZone4Rojava)، وهو «هاشتاغ» من أجل دعم طلب منطقة حظر الطيران في غربي كوردستان، كَردّ فعلي مباشر على القصف التركي للمناطق الكوردية، والاصطدام العسكري المسلح مع وحدات حماية الشعب، الأمر الذي انعكس سلباً لدى أوساط سياسية في أقبية الائتلاف السوري المعارض، وهنا أتساءل بحيرة: 
ألا يجدر بهم أن يطلقوا حملات (الهاشتاغ) إن جاز التعبير، من أجل تبييض السجون والمعتقلات من الوطنيين والسياسيين والإعلاميين الكورد الشرفاء، القابعين في سجون الإدارة الذاتية؟؟ لم لا يطلقوا العنان من أجل تحسين الأوضاع المعيشية والاجتماعية والسياسية بدل استغلال قوت وعقول الناس؟ 
هنا ينتقد الكاتب الكوردي عماد يوسف ممارسات أبناء مقاومة شمال سوريا وأخوة الشعوب، والذين لا همّ لهم سوى تشويه تاريخ مسعود بارزاني وإقليم كوردستان، فيقول "مَن يقتل ويعتقل وينفي شعبه، ويقطع عنه الماء والهواء، ويحرّض ضده القاضي والداني من أنصاره بمختلف أنواع الشتائم لا يختلف عن العدو في شيء، في المحصلة عدواننا على بعضنا هو الذي سهّل للعدو الاعتداء علينا".

يقول الكاتب الكوردي عمر كوجري: "لقد تبيّن أن الوجودَ العسكريَّ الأمريكيَّ باعتباره مُتواجداً في المنطقة الكردية ليس بذي أهمية كبيرة إن اُعتُبِرَ هذا الوجودُ حمايةً للكرد، فقد حدثت اختراقات عديدة لقوات النظام وحتى من جانب النظام التركي دون أي اعتبار للتواجد الامريكي. هذا ما يعني أن لا اتفاقات رسمية بين هذه القوة والقوات التابعة للإدارة الذاتية".
هذا الكلام يؤكد بأن القصف التركي لم يأتِ عن عبث، بل بعد الحصول على ضوء أخضر من إدارة ترامب، فبدل أن يندّد الأوجلانيون البُرُولِيتاريون بالقصف التركي والتخاذل الأميركي، راحوا يخوّنون إقليم كوردستان بشكل مباشر وبطريق معيبة مسيئة للكورد، ولا عجب من هؤلاء الذين في الأمس القريب كانوا يصفون أميركا بالإمبريالية، واليوم يعتبرونها حليفتهم، ويهللون لها تصفيقاً وتهريجاً من خلال وسائلهم الإعلامية والمظاهرات وحملات «الهاشتاغ»، لمجرّد وصول بعض الآليات العسكرية الأميركية على الحدود التركية، بأمر من البنتاغون.

حقيقة؛ ودون شك، ولو راجعنا الأحداث والتطورات التي جرت في غربي كوردستان منذ الثورة السورية وحتى الوقت الراهن، سنرى بأن إدارة مسعود بارزاني كان لها الدور المحوري والفعّال في ردّ العدوان التركي والإسلامي على الكورد، من حرب داعش والقصف التركي وضغوطات النظام السوري والإيراني والإغراءات الروسية، حيث لم يتواطأ مع محور الممانعة والمقاومة (دمشق – بغداد – طهران) منذ اندلاع الثورة السورية، رغم ضغوط حكومة نوري المالكي وإيران، والذي ثبّت موقفه المؤيّد للثورة السورية، بعد أن رفض وساطة روسيا لقبول دعوة الأسد لزيارة دمشق، وقبلها لم تقنعه رسائل المالكي التي طلبت منه وقف دعم الثورة السورية، مقابل إبرام تسويات ترضي المصالح الحيوية للكورد، فلولاه لأمحى أردوغان الكورد في غربي كوردستان عن بكرة أبيهم، لأبادهم كما يُبيد حالياً كورد الشمال، المستسلمين المنشغلين بأمور حياتية في أنقرة واسطنبول وميرسين وإزمير، والذين اندهشوا بوجود مدن كوردية مثل عفرين وكوباني وكري سبي وسري كانييه..، حيث يتكلمون اللغة التركية حتى في منازلهم وعلى طاولة الطعام وفي غرف النوم. 

مختصر الحديث: 
إن الهدف الرئيسي من تنظيم الأوجلانيين للتظاهرات والاحتجاجات في المدن والانتقادات على وسائل التواصل والتفاعل الاجتماعي ليس من أجل التنديد بالقصف التركي، بل لاتهام مسعود بارزاني وإدارته، وأنه يقف وراء هذا القصف، ووضع يده في يد الأتراك، للتخلص من حزب العمال الكوردستاني، وأكبر دليل على هذا الكلام الصور التي حملوها في مظاهرة الدرباسية، المليئة بالحقد والكراهية والازدواجية، والتي تسيء للشهداء، قبل أن تسيء إلى دور وشخصية مسعود بارزاني، فمن لا يحترم قادة الكورد فكيف لغيرنا أن يحترمنا وشهدائنا.