يقول الحكماء إن عدوا عاقلا أفضل ألف مرة من عدو جاهل، لأنه بالتأكيد سيتصرف كفارس يحترم أصول وقواعد الصراع، لا كالأحمق الذي يحرق الأخضر واليابس دون دراية بأنه ينتحر بجهله وحماقته، وهذا ينطبق أيضا على الرؤساء خاصة في شرقنا المريض، المبتلى منذ الأزل بالمزمنات من الدكتاتوريات الشيطانية منها والجاهلة العمياء، التي حولت بلدانها إلى جحيم ارضي يحرق أجيالا وأجيال من البشر، ويوصد كل المنافذ والأبواب أمام أي فرصة للتطور والتقدم والمدنية.

بعد صدام حسين ودكتاتوريته الهجينة بين الجهل والدراية، تأملنا أن نصنع بلدا لا يحكمه دكتاتور عاقل أو جاهل أو ما بينهما، لكن الأيام وسوء حظ العراقيين جاءت صناديق المغفلين والصفقات السياسية بدكتاتور جاهل ومتخلف وأجلسته على كرسي رئاسة حكومة العراق الاتحادي، انه الدكتاتور الجاهل، مختار العصر كما يحب أن ينادوه أو يستنسخوه الذي اعتلى كرسي رئاسة حكومة العراق من 2005 ولغاية 2014، بل وحتى اليوم من داخل الدولة العميقة!

هذا الدكتاتور منذ إعلان تثبيت موعد الاستفتاء جن جنونه وبدأ يتسابق مع قيس الخزعلي وجوقة الشوفينيين بالشتائم والتهديدات الجوفاء، ساعة ضد زعيم كوردستان البارزاني وساعة أخرى ضد الإقليم وقواته المسلحة، في بيئة شوفينية حاقدة لم يسبق للعراق أن شهد مثلها لإغراض انتخابية ليس إلا، دونما ادني شعور بان هذا السلوك يعد خيانة للقيم الإنسانية والأخلاقية، مكرسا بذلك مشاعر الحقد والكراهية بين المكونات!

دكتاتور جاهل افسد العراق وحكومته ومؤسساته، ونهب أكثر من 800 مليار دولار، كما أضاع اكبر حاضرات الشرق ومدن العراق، الموصل والانبار وصلاح الدين وغيرهم، حينما سلم جيشا جرارا من الفرق والدبابات والمدرعات وعشرات الآلاف من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة لعدة مئات من

عصابات داعش الإرهابية، لا لشيء إلا لاهانة السنة وزرع خنجر في خاصرة كوردستان!

رئيس حكومة العراق الديمقراطي الاتحادي، بعد أن دمر مدن المكونات الموصل وسنجار وسهل نينوى وأطراف كركوك، بتسهيله دخول داعش اليها وهزيمة جيشه المخزية، يدعي اليوم الدفاع عن السنة والايزيديين والمسيحيين والتركمان، بل والانكى من ذلك دفاعه وتشدقه بالنزاهة التي اغتالها مع سبق الإصرار والترصد، فكيف إذن لإنسان لا وعد له ولا عهد ولا يحترم دين أو مذهب لأجل السلطة والمال، أن يدافع عن حقوق من تسبب في سبيهم وانتهاك أعراضهم وتدمير مدنهم وقراهم؟

لقد شهد عصره ( الذهبي ) تصفية واغتيال مئات من خير أبناء العراق العلماء والأساتذة والأطباء والطيارين وكبار الضباط والأكاديميين بمنهجية مخابراتية دقيقة، فكيف له أن يتحدث عن السلام والأمان بلسان طويل، بل ويهدد ارض الشهداء والتضحيات وملاذ أبناء العراق، كوردستان الجود والكرم والغيرة التي احتضنته، هو وكل من يحكم العراق اليوم ويعمل على حصارها وتجويع أهلها، وخبزها ما يزال في بطونهم!

وخلاصة القول إن الدولة المخنوقة التي تم تصنيعها خلال عشر سنوات حولت البلاد إلى برك من دماء أبنائها وبناتها، وأشاعت اللصوصية وصناعة الأزمات والخوف، واستنساخ الجحوش حتى أصبحت البلاد من أفشل دول العالم وأكثرها فقرا وبطالة ورعبا وتخلفا، وأنتجت دولة خرساء مخنوقة تحكم أدق مفاصلها مخابرات الدكتاتور الجاهل وجوقته التي نشرها في كل مفاصل الدولة، حتى غدت العائلة في الجنوب والوسط تتلفت حينما تتحدث عنه وعن حزبه!

[email protected]