إن لم اخطئ, فتعداد المسلمين في العالم يقارب المليارين. نصف هؤلاء ملتحون ويصومون ويصلون. ونصف هذا النصف أصحاب فتوى. ونصف من هذا النصف شيوخ وعلماء دين. ونصف من هؤلاءاصحاب مال ونفوذ. مع هذا لم اسمع ان شيخا واحدا من كل تلك الأنصاف, قام بزيارة الى بورما لبحث مشكلة طائفة الروهينجا المسلمة التي طردت وعذبت واغتصبت على مرأى من العالم الإسلامي. الحبر الأعظم, زعيم المسيحية الكاثوليكية في العالم,البابا فرانسيس, تحدث فيما صمت المسلمون. ولم يكتف, من يصفه بعض المتشدين فينا بزعيم الكفار في العالم, بالدفاع عن الطائفة المسلمة المقهورة, بل وصف أبنائها بأنهم "اخوتي الروهينجا" وقال ما نصه "باسم كل من اضطهدوكم وأذوكم أطلب منكم الصفح"..

وزاد على كل ذلك بزيارة لبورما, لمدة أربعة أيام, للقاء قيادات عسكرية وسياسية في محاولة لإنقاذ تلك الطائفة من كارثة مستقبلية أكبر مما واجهته حتى الآن.

لم أسمع خطبة جمعة واحدة تحدثت عن الروهينجا. لم اسمع من زعيم عربي او اسلامي واحد, هبة تتخطى التنديد والشجب, من أجل انقاذ الروهينجا. منظمة التعاون الإسلامي تندد وتعود لسباتها. تفيق من جديد لتندد ثم تعود لأخذ قيلولة. وعوضا عن ان تتجه هذه المنظمة الى حيث المأساة في الشرق, ذهبت الى نيويورك في أقصى الغرب لتندد بما يحدث في بورما, قبل ان تعود الى مقرها قريرة العين, وكأنها قد زلزلت الدنيا تحت اقدام الجلادين في ولاية راخين حيث المأساة الإسلامية مستمرة. فيما الحبر الأعظم يغادر مقره البابوي ويذهب الى مقر الأزمة, إلى عين المكان, من أجل قضية اسلامية محضة. إنها المحبة الإنسانية في أسمى صورها.

المنظمات الحقوقية, التي يتهمها بعضنا بعدم صدقها وحياديتها,ألقت بكل ثقلها للدفاع عن الروهينجا. وهي لم تفعل ذلك من وراء المكاتب الفارهة, بل من خلال زيارات ميدانية معززة بضغوط دولية تساندها. قناة البي بي سي, التي لم تسلم هي الأخرى من اتهام بعضنا لها بتوجهاتها الصهيونية, نشرت في تقرير مطول لها عن تلك الأزمة حلقة تلفزيوية تحت عنوان: هل تقاعس العالم الإسلامي عن نصرة مسلمي الروهينجا؟ وهو تقرير لم تكلف قناة تلفزيونية عربية واحدة نفسها عناء القيام بشيء مثله, وكأن الأمر لا يعنيها.

نتجاهل كل ذلك بخزي عظيم, ونعود الى كتبنا وقراطيسنا لنلقن أبنائنا في صفوفهم المدرسية بصوت عال "المسلم أخو المسلم" ونصرخ في الغرف المغلقة "انصر أخاك ظالما او مظلوما", ثم ننصرف الى مخادعنا متخمين بالعار, مطفئين الضوء وسادين الأعين والآذان عما يحدث لأخينا المسلم ظالما كان او مظلوما.

 

هاني نقشبندي

[email protected]