إيلاف من بغداد: قال مصدر سياسي عراقي رفيع إن تحضيرات أمنية ولوجستية يجري إعدادها في بغداد تهيئة لزيارة متوقعة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

وذكر المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته أن وحدة أمنية سعودية وصلت إلى مطار بغداد الدولي، مساء الأربعاء، وتمركزت في قاعدة قريبة يتواجد فيها عسكريون أميركيون تحضيرًا لزيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان .

وأشار إلى أن الوحدة ستجري متابعة ـمنية وتهيئة لوجستية للزيارة ينتظر أن يعقب وصولها فريق تشريفات ملكي إلى بغداد.

وستعمل هذه الوحدة، بحسب المصدر، بالتنسيق مع قوات النخبة العراقية وقوة من اللواء الرئاسي وجهاز المخابرات العراقي وقوة أميركية لوضع الترتيبات الأمنية في بغداد ومحافظة النجف.

أبعاد سياسية وإقتصادية

وتنشغل الأوساط السياسية العراقية بزيارة ولي العهد السعودي إلى بغداد وأبعادها السياسية والاقتصادية، فيما تجري الترتيبات في بغداد لاقامة حفل رئاسي كبير.

وستشهد الزيارة إعلان افتتاح معبر عرعر والسفارة السعودية في بغداد التي باتت تتخذ من مقر وزير الخارجية العراقية السابق مقرا دائما لها وتوقيع معاهدات استيراتيجية واستثمارية، فيما سيبقى افتتاح القنصلية السعودية في النجف مرهونا بإقرار ذلك في جلسة مقبلة لمجلس الوزراء العراقي وهو أمر أعلن عن الاتفاق بشأنه لدى زيارة وزير الداخلية قاسم الاعرجي إلى السعودية.

وأول من كشف عن هذه الزيارة المرتقبة كان وزير الدفاع السابق النائب الحالي سعدون الدليمي الذي غرد على صفحته في تويتر قائلا "ولي العهد السعودي محمد بن سلمان سيزور بغداد رسميا ليومين، الاول في بغداد لتوقيع اتفاقيات مع رئيس الوزراء والثاني زيارة النجف الأشرف واللقاء بزعامات دينية".

ولم يشر الدليمي إلى افتتاح القنصلية السعودية في النجف التي ستكون ضمن أجندة الزيارة بحسب مصدر رفيع في رئاسة الوزراء والتي تمسك بملف الزيارة بعيدا عن وزارة الخارجية العراقية التي تتابع مسألة التحضيرات التشريفية.

زيارة تاريخية

ولكن الدليمي أكد أن زيارة ولي العهد السعودي إلى العراق "ستكون تاريخية تبشر المنطقة والمسلمين جمعاء بمرحلة جديدة من السلم والتعايش بين المسلمين بعيدا عن التكفير والصراع الطائفي".

وأكد "عانينيا الكثير في هذه المنطقة بسبب توريث الكراهية وزراعة الحقد ضد بعضنا البعض ولم نجن الا الضعف والهوان وطمع الأغراب فينا فاحتلونا تارة وفتنونا تارة أخرى".

وأضاف "حان الوقت لكي ندرك ضرورة نبذ الكراهية وتعليم محبة الاخر في بيوتنا ومدارسنا والتي بدونها لا يتحقق السلم ولا العيش المشترك".

وقال مصدر حكومي عراقي إن "الزيارة ستاتي باستثمارات هائلة وان منسقة اممية تتولى ملف الخليج العربي ناقشت قبل نحو شهر الزيارة المرتقبة مع المسؤولين العراقيين".

وأشار المصدر وهو مستشار رفيع في الحكومة العراقية إلى أهمية الزيارة مبينا ان "الرياض باتت تعي جيدا ان كسب العراق ومن يسهم في استقراره وامنه واحياء بنيته يعني كسب كل المعارك الأخرى الأمنية والاقتصادية في المنطقة".

وأردف أن "كسب العراق رهان استراتيجي تتعامل معه السعودية بهذا الاتجاه وهذا ما عبر عنه صراحة السفير السعودي في بغداد لدى لقاءاته معنا".

وأشار أيضا إلى انه على السعودية العمل على "تحييد العراق عن أي محور في المنطقة بوصف ان ذلك امر مهم وحتمي أيضا، اذ جربنا معنى اني يكون العراق بوابة شرقية وحجم الخسارات التي تبعت ذلك واليوم نجرب خطر ابتلاعه من قبل ايران ".

وتابع "الاستراتيجية الأهم هي يجب ان يكون العراق قوة بذاته وينبغي تحييده وعندما تعمل السعودية على ضمان تحييده عن صراعات المنطقة فانها تحقق جزءا من نظرية الصد" لافتا إلى ان "الانفتاح الاقتصادي مهم وواضح وجزء من ترسيخه هي الشراكات الاقتصادية التي يتوقع ان تكون حاضرة بقوة في زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان".

أهمية الاستثمارات

من جهته قال الخبير الاستراتيجي فاضل أبو رغيف لـ"إيلاف" ان "اهم ما في زيارة بن سلمان إلى العراق هي سلة الاستثمارات الكبيرة، وان الزيارة ستثبت الاسس العميقة في التفاهامات الثنائية"، مبينا ان "الاتفاقات خلال الزيارة ستكون تأصيلية متجذرة غير قابلة للتبديل او التغيير وان تبدلت الحكومات".

وأضاف "السمة الغالبة في هذه الزيارة هي سمة الاستثمارات"، لافتا إلى ان اكبر مصنع في الشرق الأوسط لشركة المراعي "سيشيد في محافظة واسط جنوب العراق قريبا".

وتابع "الموضوع الجديد فيها هو ترسيخ الصلح التاريخي والتذكير للعالم والمنطقة بعروبة شيعة العراق". وقال أبو رغيف إن "السعودية تعول كثيرا على العراق لان يكون دكة اصلاح بين الدولة المتناوئة".

خطوة بالاتجاه الصحيح

فيما قال الباحث واستاذ العلوم السياسية في جامعة الكوفة اياد العنبر ان "الزيارة خطوة بالاتجاه الصحيح، لكن يبقى السؤال: هل لدى العراق رؤية واضحة باتجاه علاقتها مع السعودية؟".

وأضاف "الرؤية كيف نجعل السعودية شريك اقتصادي فاعل مع العراق، كيف يمكن أن نقنع السعوديين بعدم التقاطع بين الأمن القومي السعودي واستقرار الوضع الامني بالعراق".

ووافقت الخارجية العراقية مؤخرًا على افتتاح قنصليتين للمملكة في النجف والبصرة، تضافان إلى السفارة في بغداد والقنصلية بأربيل في إقليم كردستان، بعد تبادل الزيارات الرسمية بين كبار المسؤولين طوال الشهور الماضية، وإبرام اتفاقيات أمنية واقتصادية واعدة .

لكن مصدرا في وزارة الخارجية قال إن الاستعدادات لم تكتمل بعد لافتتاح القنصلية وانه يبدو ان الافتتاح سيكون نظريا حتى اكمال المبنى وإقرار ذلك في مجلس الوزراء اذ يتوقع أن يكون افتتاح قنصلية للسعودية في النجف حدثاً ذا رمزية بالغة.

فيما كشفت مصدر سياسية عراقية أن ولي العهد السعودي ولدى زيارته التي تحيط اجندتها ومواقيتها السرية إلى النجف فانه سيلتقي بزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر فضلا عن لقائه بالمرجع الديني الأعلى اية الله علي السيستاني.

وينظر للقائه بالسيستاني بأهمية بالغة تقرن بلقائه شيخ الأزهر أحمد الطيب والبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

علاقات ثنائية

يذكر أن العلاقات العراقية السعودية شهدت في الآونة الأخيرة حراكا رسميا، وذلك بعد زيارة وزير الخارجية السعودي عادل جبير إلى بغداد، ثم أتبعها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بزيارتين إلى السعودية التقى خلالهما بالملك سلمان.

وفي 21 أكتوبر أطلق المجلس التنسيقي بين السعودية والعراق، حيث عقد البلدين اتفاقيات غير مسبوقة برعاية العاهل السعودي الملك سلمان، ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، وحضور وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون.

وقبل ذلك، أجرى وزير داخلية العراق قاسم الأعرجي، زيارة إلى السعودية التقى فيها ولي العهد محمد بن سلمان .

وأعقب زيارة الأعرجي، وصول زعيم التيار الصدري في العراق، مقتدى الصدر، إلى المملكة العربية السعودية، التقى خلالها بولي العهد محمد بن سلمان، نتج عنها الاتفاق على افتتاح قنصلية سعودية في محافظة النجف.

وقبل نحو أسبوعين، قال رئيس الوزراء حيدر العبادي إن "العلاقات بين العراق والسعودية على الطريق الصحيح ونتطلع إلى توسيعها في جميع المجالات بما يخدم مصالح شعبينا الشقيقين، والتعاون من خلال المجلس التنسيقي الذي يعد قاعدة لنمو العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري والخبرات".

وكان المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، أشار في وقت سابق، إلى رئيس الوزراء العراقي تلقى اتصالًا هاتفيًا من الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، تعهد خلاله بإنشاء استاد لكرة القدم في العِراق، وذلك بعد المباراة الودية التي جمعت بين منتخبي البلدين، في محافظة البصرة نهاية الشهر الماضي.