تستقطب مهرجانات مزايين الابل فى منطقة الخليج وشبه الجزيره العربيه بشكل عام جماهير غفيره من مختلف الطبقات فى المجتمع.ولقد سبق للخيل ان احتلت ولاتزال بؤرة الاهتمام فيما يتعلق بهذا المجال ويبدو ان الابل الان اخذة هى الاخرى نصيبا مماثلا، من يعرف طبيعة التاريخ والجغرافيا العربيه لايستغرب ذلك البته، فهاذان المخلوقان هما اختزال حقيقى لذلك التاريخ وتلك الجغرافيا فهما رمزان مجردان للعربى وشجاعته وصبره، عليهما غزا وبهما انتصر ومن اجلهما ربما خاض الحروب واشعل الفتن، بل هما رديفين لشعره وادبه فاجمل بيوت الشعر ما تغنى بهما او باحداهما ولولا ذلك لاصبح الشعر العربى يعانى من النقيصة خاصة فيما يتلعق بباب الوصف.اشتغال العربى بهما ربما انساه نفسه الى درجه انه اصبح يعيش لهما بعد ان كانامسخران لخدمته،جميل ان يكرم ويمتدح الحيوان والاجمل ان لايسبق بذلك الانسان فتكريم الانسان خطاب الهى ومفهوم التكريم هنا لايمكن اختزاله زمنيا ولا جغرافيا وانما هو خطاب مفتوح طالما بقى هناك انسان على وجه هذه البسيطه وخيارات الانسان هى فى صلب كرامته واحترامها هو جوهر تكريمه ولب شعوره بانسانيته.


هناك مهرجانات للديمقراطيه ترتفع هنا وهناك فى دول المنطقه ولكنها مع الاسف لاترتفع الى مستوى مهرجانات مزايين الابل مثلا و ببساطه لان ليس فيها اصلا مزايين فلا المجتمع لديه القدره لفرزهؤلاء المزايين حيث غياب المجتمع المدنى ولم تساعده الحكومات على ايجاد الية فرز مدنيه بترك بذوره تنمو دون تدخل. فلا غرو ان تتفوق مثل هذه المهرجانات الحيوانيه على مهرجانات الانسان الخليجى المصيريه اقبالا ومشاهدة وعرضا اعلاميا وجوائز ماليه ومكانة اجتماعيه لاصحابها.


ماساة الانسان الخليجى انه نسى او أو نسى نفسه وكل ما يمارسه من احتفالات ومهرجانات بعيدا عن خياراته وارادته هى اقرب الى مهرجانات مزايين الابل ففى معظم دولنا العربيه مع الفارق فى الدرجه فان ركيزة كرامة الانسان وهى حريته السياسيه بالذات واحترام خياراته غير متوفره ولا تسعى لها الحكومات بالصوره المطلوبه والضروريه للعصر بل ان تكريس التبعيه والزبونيه والنفاق السياسى جار على قدم وساق وبشكل متطور ويظهرمنها بوضوح برامج مسابقات الشعر التى تتوج الوضع الراهن فائزا بكل الميزات والفضائل ولاتستشرف المستقبل ولاترقى حتى باللغه ذاتها ومنها كذلك مهرجانات مزايين الخيل والابل حيث مواكبه وتقليد وتماثلا ومحاكاه ليس اكثر فالمبالغه فى مثل هذه الامور اقرب الى الظاهره النقديه التى لاتقوم على انتاج حقيقى اذا اردنا ان نشبهها بما يحصل فى العالم اليوم.


الشعوب بحاجه ماسه الى الانتقال الى مرحله جديده تتوجها مالكه لخيراتها وهى التى اثبتت على مر العصور ولاء تاريخيا لقياداتها ولذلك ومن اجل ان يستمر مثل هذا الولاء ويتوج مشاركة فى صنع مستقبل الاوطان لابد من العمل على انتقال المواطن من ذهنية التقليد والمحاكاه الى ذهنية الابداع التى تتطلب شخصية قويه على ابداء الراى والجهر به وايجاد القنوات السياسيه والاجتماعيه المطلوبه والضروريه لتحقيق ذلك وهى موجوده ولكن يجب ان يسلط الضوء عليها وان يجرى تقنينها كذلك. اننا فى حاجه الى مهرجانات ديمقراطيه على جميع المستويات اكثر من حاجتنا الى مهرجانات المزايين الاخذه بالانتشار السريع و فى اعتقادى ان ذلك تسرب خطيرللكوادر والطاقات قد يؤثر على الاقتصاد فى المستقبل خاصة اذا اعتبرت مناسبات لاثبات الوجود والمكانه فبذلك ستنجذب الطاقات والامكانيات اليها تاركة مفاصل الاقتصاد والتنميه للغير من غير ابناء الوطن. على اصحاب القرار وصائغى الاستراتيجيات التنبه الى انه الشعوب التقليديه كشعوبنا مولعه بالتشبه والتقليد والمحاكاه املا فى التقرب والمنصب والجاه وما الى ذلك خاصة بعد ان اختزل العلم فى شهادات تباع وتشترى فاصبح اضافة قد يتطلبها الامر عند الضروره فلا اقل من ان يملى عليهم ضميرهم وواجبهم تبنى معايير انسانيه جديده تبنى الاوطان وتحترم الانسان وتعلو بالعلم واهله والمخلصين والشرفاء من اهل الوطن.

عبدالعزيز محمد الخاطر