بداية لابد لي من التنويه هنا انني لم اتعود الرد على كاتب باسمه الصريح -مهما كانت حضوته في المكان الذي يكتب فيه- لاسباب عديدة اهمها الابتعاد عن اثارة الخلافات الجانبية التي ربما لايتفهمها الطرف الاخر الا انها رد شخصي وليس تصويب لخطأ قد ارتكبه سواء اكان هذا الخطأ تاريخي او تحليلي او محاباة لطرف ما فيتوجب تنبيهه وهو من المفترض ان يصنّف في خانة تلاقح الافكار وليس تصادمها! لكن احيانا يجد المرء نفسه مضطرا للدخول الى هذا المعترك خصوصا لو ان المادة المحشوة لم تكن دقيقة وليست صحيحة وتحمل نفسا غير ماهو معهود في حالات البحث والتحقيق.

السيد غالب حسن الشابندر quot;الداعية المستقيل من حزب الدعوة الاسلامية-خط لندنquot; للاسف الشديد قد وقع في نفس الخطأ والمطب الذي وقع فيه صاحبه من قبل عبد الجبار الشبوط quot;الداعية المستقيل من حزب الدعوة الاسلامية-خط لندنquot; ايضا. وحتى اقطع الطريق على من يريد التصيّد بالمياه الراكدة شخصيا لا أميل الى منطق quot;المؤامرةquot; تبعا لان جذور الرجلين السياسية واحدة او لان انتمائهما الفكري المذهبي واحد او لانهما قد استقالا او تم ابعادهما من الحزب لاعتبارات حزبية داخلية ليس محل الحديث عنها. أقول لا اميل الى هذا المنطق المُشاع كله كما لا اميل الى ضرورة ان يكون قد تم التنسيق بينهما رغم وجود مشروع quot;الملفquot; الذي يضم الرجلين وهذا ليس بخاف على من يفهم ويعلم وعلى اطلاع ببعض الامور! مايهمني هو اشتراك الرجلين في خطأ تأريخي جسيم لااظن ان من كان مثلهما وفي موقعهما ان تفوته مثل تلك الحقائق البيضاء.

محمد عبد الجبار شبوط: مطلوب اعتذار عراقي

غالب الشابندر: هل هناك دوافع خفية من تردد المالكي على التوقيع؟

الشبوط وضع الشعب العراقي في خانة الشعبين الالماني والايطالي وطالب بمقالين وليس واحد الشعب العراقي والحكومة العراقية بالاعتذار للكويت! ولو كان قد طالب الكويت بنفس الشئ لقلنا ان الرجل انما ينطلق من منطلقات صحية انسانية اعتبارية ولكنه للاسف قد قفز على مسلّمات تأريخية وحقائق باتت متجلّية وواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، وقد رددناه بمقال كما فعل غيرنا واظن ان الرسالة قد وصلته والرجل اشهد له انه قارئ نهم ولانقول quot;قد اعتراه بعض الهتنا بسوءquot;! ردنا عليه عضّده الرأي العام والشارع العراقي والجميع اعتبر محاولة الشبوط لامبرر لها خصوصا وانها قد جاءت في وقت تقارب بين البلدين العراق والكويت وليس في وقت تباعد وكان المفترض بالشبوط وغيره ممن نعدّهم من العقلاء ان يكونوا فرسان خير وسفراء نوايا حسنة بين الطرفين لكن للاسف جاءت دعوته لطرف دون اخر فبدت مقالته مزايدة مفضوحة لاترقى الى مستوى الحدث وفتح صفحة جديدة من العلاقات الاخوية الطيبة ليس بين العراق والكويت فحسب بل ومع كل المحيط العراقي العربي وغيره من الجيران.

اما الخطأ التأريخي الذي وقع فيه الشابندر للاسف الشديد هو تعداده لما وصفه quot;الاخطاء الشيعية الجسيمةquot; وعدها سبعة كاملة بدأها برفض الشيعة لرئاسة الوزراء ايام الاحتلال البريطاني للعراق ثم تحريمهم الدخول الى المدارس تبعها بفتوى تكفير الشيوعية وقد وصفها بـ quot;العشوائيةquot;. اما الرابعة فيقول كانت (الوقوف ضد قانون الاحوال الشخصية والاصلاح الزراعي)، هكذا جملة واحدة! والخامسة على حد وصفه quot;دعم الشيعة لخط البكر/ صدام للاطاحة بحكم عبد الكريم قاسمquot;. اما الخطأ الشيعي السادس على حد وصف الشابندر فهو (المراهنة على ايران في اسقاط نظام صدام حسين)! وحتى لانظلم الرجل فهو ينتظر quot;المغامرة السابعةquot;، هكذا اسماها على يدي رئيس الوزراء الحالي نوري كامل المالكي. وبذلك تمت السبعة المحظوظة للسيد الشابندر!

حقيقة انا حائر في اية خانة اضع هفوة الشابندر وهو الضليع بالتأريخ العراقي عامة والشيعي خاصة وهو المتنقل بين امهات الكتب ومصادرها فضلا عن ثقافته الحزبية. أقول حائر لانني لا اريد ان اظلم الرجل لمجرد هفوة او كبوة فارس او نتيجة لوضع غير مريح مع حزبه! لكن هل يعني ذلك اننا لانناقش الرجل ونصوّبه حيث البوصلة التأريخية الصحيحة ونجامله على حساب الحقيقة والمعلومة البيضاء؟! الاخطاء التي سردها الشابندر قد بدت له quot;اخطاء جسيمةquot; ورغم انه لم يبين الكيفية التي تأتت له لوصفها بهكذا وصف عنفي فضلا عن انه لم يبرز لنا مصادره التأريخية التي تؤكد صحة ماذهب اليه وهو العارف ان اطلاق الكلام على عواهنه له مردودات سلبية ووخيمة خصوصا لو كان مطلقها يرمي الى مرام اخر! وهذا ردنا على ما اسماه quot;الاخطاء الشيعية الجسيمة السبعةquot; نعرضها متسلسلة كما جاءت به مقالته:

اولا: زمكانية الاحتلال البريطاني للعراق

تؤكد كل المصادر التأريخية ان الاحتلال البريطاني للعراق قد جرى مع بدء اندلاع الحرب العالمية الاولى في تشرين الاول عام 1914 عن طريق مايسمى منطقة رأس الخليج العربي بين الكويت والبصرة. بعدها بسنوات وتحديدا بعد ثورة العشرين تم تشكيل quot;المجلس التأسيسيquot; وهو احدى مقررات quot;مؤتمر القاهرةquot; الذي ضم بعض الزعامات العراقية نذكر منهم نوري السعيد باشا وعبد المحسن السعدون وجعفر العسكري ورشيد عالي الكيلاني وياسين الهاشمي وكما هو واضح فان الشيعة موجودون وبصمتهم واضحة على هذا المشهد، علما ان هذا المجلس هو الذي نادى بالامير فيصل الاول ملكا على عرش العراق وتم تتويجه في 23 آب عام 1921، حيث جرى ايضا انتخاب عبد الرحمن الكيلاني رئيسا للوزراء! تبع الكيلاني في رئاسة الوزراء السيد ياسين الهاشمي حيث شغلها مدة عشرة اشهر ليأتي خلفه عبد المحسن السعدون. الجدير بالذكر ان الهاشمي قد اسقط بانقلاب بكر صدقي المعروف في عام 1936 اي في فترة رئاسته الثانية عام 1935 ولولا هذا الانقلاب لاستمر الرجل في رئاسته للوزراء. اما السعدون فقد تولّى رئاسة الوزراء العراقية اربع مرات 1922-1929. جاء بعد ذلك على رئاسة الوزراء العراقية السيد رشيد عالي الكيلاني ثلاث مرات 1933، 1940، 1941. تبعهم نوري السعيد الذي تولّى رئاسة الوزراء اربعة عشر مرة 1930-1958. اي حتى ثورة 14 تموز بقيادة الجنرال عبد الكريم قاسم على الحكم الملكي، والبقية معروفة للقاصي والداني فمتى رفض الشيعة رئاسة الوزراء ياسيد شابندر؟!

ثانيا: فتوى تحريم الدخول الى المدارس

حقيقة اتمنى على السيد الكاتب ان يأتي لنا بنص الفتوى وصاحبها ومصدره والا فالكلام كثير وليس اكثر منه ولا اقول غير ذلك. هنا لابد من التنويه الى ان المرجعيات الاسلامية جميعا والشيعية ليست باستثناء انما تؤكد على اهمية التعليم والتعلم وذلك انطلاقا من اول اية قرانية نزلت على صدر الحبيب المصطفى (ص) quot;أقرأquot;، فكيف يحرّم دخول المدارس من يدعو الى العلم والمعرفة والاجتهاد؟! أيضا الاعتماد على مصادر تشويهية تتحدر من منطلقات ضيقة لايمكن الاخذ بها خصوصا في ملفات التوثيق المحترمة فعبارات من قبيل quot;يُقالquot; و quot;أشيعquot; و quot;يُذكرquot; وهلمجرا لاترقى الى اليقين المفترض في مثل تلك الادعاءات الخطيرة. علاوة على ذلك ان المرجعية الشيعية العليا في فترة المد الشيوعي كانت بزعامة اية الله العظمى السيد محسن الطباطبائي الحكيم (قدس سره) وهو المعروف عنه بتأسيس المكتبات وزياراته المتكررة لها وللعامة انذاك في خطوة عملية ميدانية كان ينتهجها لاظهار معارضته لاي فعل حكومي ينافي احكام الاسلام والثوابت الوطنية، والامر كذلك فلم يسجّل لنا التأريخ ان افتى هذا المرجع ولا من كان قبله او من جاء بعده بتحريم الدخول الى المدارس للتعلم. ولو افترضنا جدلا ان هناك روزخونا قد اصبح يوما وقال ماقال فهل ذلك يعني ان الشيعة كلهم افتوا بتحريم الدخول الى المدارس؟! شخصيا احمد الله اننا في القرن الواحد والعشرين ومن افتى بقتل quot;ميكي ماوسquot; ومن افتى برضاعة الكبير ليسوا من الشيعة والا لصارت الاخطاء تسعة تماما على عدد quot;الخرّاطاتquot;!

البقية تاتي غدا

رياض الحسيني

كاتب وناشط سياسي عراقي مستقل

www.alhusaini.bravehost.com

www.riyad.bravehost.com