يسود الكثير من العلاقات الزوجية التوافق والإنسجام تترافق مع الحب والنجاح والإستمرار بين الزوجين، ولكن هناك في المقابل علاقات زوجية يغلب عليها سوء التفاهم والتنافر إلى حد الكره، فتتفاقم معها المشاكل والخلافات الزوجية حتى تسد كل الطرق ولا تنفع جهود الأقارب والأهل في حل الخلاف وإرساء الصلح بين الطرفين فيؤدي بهم الأمر إلى باب الطلاق ويكون الحل الأنسب والوحيد في هذه الحالة.

هنا تدفع السعادة الزوجية ثمناً باهظاً بتكاليف الطلاق المعنوية والمادية من قبل الطرفين، وتدخل المساومة على الطلاق وكأن العلاقة لم تكن يوماً علاقة مودة ورحمة بل مجرد شركة تجارية يتنازع عليها كلا الطرفين من أجل الخروج بأقل خسارة ممكنة وكسب المؤخر وحضانة الأولاد!!.

وغالبا ما تكون المرأة العنصر الضعيف والمضطهد لأن السلطة بيد الرجل ولأنه الطرف الأقوى في مجتمعاتنا والعصمة بطبيعة الحال بيده، فيعمل على أساس تصور خاطئ وهو أن له الحق ويملك السيطرة على زوجته فيجيز لنفسه أن يضربها إذا ما غضب لأي سبب كان أو يشتمها وأهلها ويطردها من البيت إلى ما هناك من هذه الأمور. الخلاصة أنه يتعامل معها بطريقة غير أخلاقية وتصرفات سيئة وسلوكيات محرمة نتيجة لنزوة ما، فيتعدى بذلك على الأخلاق الزوجية في علاقته معها.

هذا الواقع أصبح منتشراً في الآونة الأخيرة كظاهرة إجتماعية ضاغطة من قبل بعض الرجال الذين يضيقون ويضغطون على نسائهم وتسعى المرأة إلى الصبر على أخلاق زوجها وتضحي بعمرها من أجل الأولاد ولكن إذا كانت الحياة الزوجية لا تحتمل من سوء خلق وأمور محرمة فإنها تتنازل عن كل شيء مقابل حريتها. هي لا تسعى إلى المساومة من أجل الطلاق إلا لأنها وصلت إلى طرق مسدود وحد متدهور للعلاقة لا تستطيع معه الإستمرار في حياتها الزوجية مع ذلك الرجل، حتى يضطر بها الأمر في النهاية إلى أن تبذل كل ما عندها من مال وإرث للتخلص من هذا الزواج وكأن الزوج يحتال بذلك على الشرع لكي يكسب الطلاق وما أنفق عليها والمؤخر في وقتٍ واحد، ويكون ذلك التنازل برضى الزوجة المقهورة على يد الزوج الظالم من أجل حريتها..

وفي هذه الأيام يحتل العامل المادي المركز الأول في قضايا الطلاق وخاصة في مجتمعنا اللبناني بنسبة كبيرة جداً، لتدخل المساومات على الطلاق التي تناقش في مرحلة الإنفصال، ولكن الأمر تعدى quot;تسريحا بإحسانquot; بل أصبح صفقة تجارية يضمن بها الرجل زواجه الثاني.

وفي بعض الأحيان ينتقل الأمر إلى الزوجة كذلك لأن هناك نوعا من النساء مستهترات وعابثات بأمور الحياة الزوجية وعدم الفهم لطبيعتها ومشاكلها فيضربن بعرض الحائط كل شيء ويسارعن إلى إتخاذ القرار بطلب الطلاق إذا ما حدث أي خلاف كان، ليكن هن صاحبات القرار الأخير وليكسرن هيبة الرجال بذلك. ولا ينفع معهن الوعظ ولا الهجر ولا حتى إدخال المصلحين بينهما فيتم الطلاق إكراهاً من قبل الرجل لأنه يسعى لصون كرامته حرصاً منه على الأولاد حتى يتربوا معه وفي بيئته.

ومن أهم أسباب الطلاق ضعف الثقافة الأسرية وعدم التوافق في الآراء بين الزوجين والتفاوت في وجهات النظر وعدم إعطاء المجال للمناقشة والمحاورة بينهما، ولو تفهم الطرفان نفسية الآخر وأعطوا بعضهما الحق في إبداء الرأي والحوار وصبرا على طباع بعضهما تحل مشاكلهما الزوجية، لأن كل زواج تتخلله المشاكل والخلافات ومعظمها تحل بطريقة عاقلة فيعودون بذلك إلى حسن العشرة والمودة والرحمة التي نص عليها الشرع ويدرسون المسألة جيداً ولا يأتي الطلاق لمجرد نزوة ما أو حالة مزاجية طارئة.

وإن كان لا بد للطلاق فذلك يتم بعد أن تنفذ كل الوسائل الممكنة التي تحفظ للعلاقة الزوجية صفاءها وإن كان من الممكن إستئصال المشكلة من جذورها ليحل بعدها الصلح. وكل ذلك يرجع إلى المناهج الخاطئة في الخلافات الزوجية هذه الأيام التي إنتشرت بكثرة بين الناس كالشعوذة والخيانة الزوجية وهجر البيت وضرب الزوجة والأولاد وإدمان الرجل الخمر والمخدرات إلى ما هناك من أمور منافية للأخلاق.

ونرى أنه عندما يعطي كل طرف بعضاً من الكرم الموجود في نفسه لأسرته ويعاملون بعضهم بإحترام ولطف ويجالسون أولادهم ويبتعدون عن الغضب والإنفعالات ويتحكمون بأعصابهم في أي موقف ومشكلة تعترضهم مهما كانت كبيرة، ويتنازل كل من الطرفين لبعضهما فالحياة الزوجية تستمر بسعادة وهناء ولا يشوبها أي شائبة كانت..

حنان سحمراني
http://hananhanan.maktoobblog.com/