لحكومة دولة رئيس الوزراء حجتان للتحشدات العسكرية و إرسال الجيش لأقتحام مدينة خانقين، الحجة الأولى تتعلق بحق الدولة و الصلاحيات الدستورية و القانونية للقائد العام للقوات المسلحة في تحريك الجيش الى أية منطقة من مناطق العراق، و الثانية هي حجة ملاحقة الأرهابيين في منطقة خانقين.


نحن هنا لانناقش الحجة الأخيرة لأنها ضعيفة ولا يؤيدها حتى أحد القادة في القوات المتعددة الجنسية الموجودة في المنطقة quot; مارك كوزرسquot; بل يؤكد هذا القائد نصاً، في أحدث تصريح له لصحيفة كوردستاني نوي اليومية التي يصدرها الإتحاد الوطني الكردستاني، أحد أبرز الأحزاب الكردية، بأن منطقة خانقين هي من أكثر المناطق العراقية أمناً و إستقراراً، مما يعني أنه لايمكن للحكومة الإتحادية أن ترسل الجيش بهذه الحجة، تبقى لها الحجة الأولى التي هي، في نظرنا، حجة قويمة و نعترف بها، أي أن من حق الدولة أن ترسل الجيش الى أي شبر من الأراضي العراقية ولكن ينبغي في الوقت نفسه أن تُحسَم مسألتين قبل الشروع في ممارسة هذا الحق، المسألة الأولى هي: هل أن تحريك الجيش و مكوثه في خانقين و المنطقة بشكل عام هو عملية وقتية؟ بمعنى هل ستُسَلَم مهمة حفظ الأمن للقوى الأمنية المحلية بعد المتابعة و الإستطلاع العسكري للجيش؟ أم لا، أن جيشنا ينوي البقاء في المدينة وحدودها الإدارية و يتمركز فيها و لا يغادرها حتى و إن لم يكن لديه أية حجة معقولة و موضوعية؟


إذا كان في نية جيشنا، الجيش العراقي، أن يستطلع المنطقة عسكرياً ولأيام معدودة، فعندئذٍ ليس الأمر طبيعياً فحسب وإنما يمكن لقوات البيشمركة أن تُنَسقَ معه و تكون دليلاً له في مواجهة الإرهابيين كما يحصل حالياً بين وحدات الجيش و الشرطة التابعة لأقليم كردستان في حدود ناحية جلولاء التابعة لقضاء خانقين، أما إذا كان ينوي البقاء في المدينة للأبد و يفضي عليها فضاءاً عسكرياً و يعلن فيها الإحكام العرفية و يقتحم المقرات الحزبية و بيوت الناس دون أي حساب لأدارة خانقين كما وقع ذلك في ناحية قرطبة التابعة لمحافظة ديالى و يقوم أمام أنظار الجميع بإنزال علم أقليم كردستان العراق بالقوة و يُهين البيشمركة و يحسب لها حساب الجيش المهدي و يجرده من السلاح سيما أن رئيس الوزارء كان قد أشار الى أمر من هذا القبيل في وقت سابق و قال أنه لم يقبل التمرد من الجيش المهدي فلا يقبله من البيشمركة، فعندئذٍ لا مراء من أن زعزعة الأوضاع ستكون أسوء بكثير مما هي عليها الآن، بل عندئذٍ يكفينا وحسب مساجلة بسيطة أو سحب للسلاح أو طلقات نارية لتُُفَجِر لنا الأوضاع و تُلَخط الجسد و الدم في مدينة خانقين و تتعرض بسببه العملية السياسية في العراق لضربة قاضية.


بإختصار، أن التفكير العقلاني في ظل مثل هذه الأوضاع الحساسة هو فقط أن يستمر الحوار بين الجانب الكردي و حكومة بغداد و أن تسعى الأطراف المعنية بتوضيح النوايا و المواقف و أن يتعرفوا على آليات تحريك الجيش كما و تُحدد أهدافه و مدة بقائه، و أن يكون هناك إتفاقاً على هذه المسائل. كما تكون قوات البيشمركة التابعة لحكومة أقليم كردستان العراق قوة مساندة للجيش العراقي لا أن تضطر، مع أي إعتداء للجيش، لأن تهاجمه و ترد عليه و تتشنج الأوضاع بسببه أكثر فأكثر.

عدالت عبـدالله
* كاتب و باحث كردي عراقي