الأزمة الأخيرة بين تركيا واسرائيل يُعتَقد بأنها مفتعلة وقد تكون إحدى أهم الإشارات على الضربة ضد ايران والتي أصبحت قاب قوسين أو أدنى. السبب الأساسي لهذه الأزمة، حسب ما ورد في الصحافة التركية في الآونة الأخيرة، أنها جاءت كرد تركي على التصرف الاسرائيلي عندما منعت هذه الأخيرة وزير خارجية تركيا السيد أحمد داود أوغلو من الدخول الى غزة في ذروة المعارك أثناء العدوان عليها.

الأزمة بدأت أولاً بمنع اسرائيل من الإشتراك في المناورات العسكرية الجوية في الأجواء التركية، أي الأجواء المتاخمة لايران. هذه الخطوة التركية تستفيد منها أمريكا أيضاً عندما إنسحبت هي الأخرى من تلك المناورات، وبالتالي إلغائها. وحسب البعض تأجيلها. امريكا أيضاً ستسيرعلى نفس النهج التركي في غسل يدها من أية ضربة مستقبلية ضد ايران.

لماذا إنتظرت تركيا كل هذه المدة الطويلة حتى ترد الصفعة لإسرائيل؟. ففي العرف الديبلوماسي هناك وسائل لا محدودة للتعبيرعن السخط وردود الفعل بين الدول. هذا هو السبب في أن يظن المرء أن هذه الأزمة هي مفتعلة. أم أن القصد منها هو التسترعلى خطة هي قيد الإنجاز؟.

أكثر الظن أن هذه الخطوة التركية ماهي إلا تدبير وقائي لتثبت لايران في حال ضرب منشآتها النووية، أن لا يد لأنقرة في ذلك. أيران ستبقى جارة بحكم الجغرافيا وتركيا تحسب حساب المستقبل. الأسباب الأخرى التي تدفع المرء الى الشك بقرب الضربة العسكرية ضد المنشآت النووية الايرانية عديدة منها: الخلافات الداخلية الايرانية والتي كانت من نتائجها أنها أفرزت معارضة في الداخل لايستهان بها وتستطيع تسلم زمام السلطة بعد الإطاحة بالسيد أحمدي نجاد بعد الضربة العسكرية إذا ما صحت التوقعات. فأقطاب المعارضة لهم تجربة طويلة في الحكم سابقاً، ولن يحدث هناك فراغ في السلطة يهدد أمن المنطقة مثل الذي حدث في العراق. كذلك الظروف الدولية أيضاً صارت مهيأة حيث يجد المراقب أن العلاقات الامريكية الروسية هي في أحسن أحوالها، لاسيما عندما تخلت امريكا عن خطتها في بناء ما كان يسمى بـquot;الدرع الصاروخيquot; في اوروبا الشرقية، عدا عن التوافق الدولي الذي يكاد يصل الى حد الإجماع ضد الخطط الإيرانية النووية، اللهم......إذا إستثنينا quot;حزب اللهquot; وquot;حماسquot; وكوريا الشمالية......

هل التحرك السلمي التركي الواسع النطاق في المنطقة وفي جميع الإتجاهات من سوريا والعراق وإقليم كردستان وارمينيا هي تهيئة الظروف لإحتواء الصدمة بعد الضربة العسكرية؟.

ومن الدلائل الأخرى، تلك الضغوط التي مورٍسَتْ وتُمارسْ على سوريا على طريقة الجزرة والعصا والتي تبدو أنها نجحت لثني سوريا عن إرتكاب حماقات في وقوفها الى جانب أيران وزج العالم العربي في معركة هي في الأصل بين اسرائيل وايران. والتحسن الظاهر في العلاقات بين سوريا وبين الإتحاد الأوروبي وعلى رأسه فرنسا وزيارة العاهل السعودي الى دمشق كلها جهود تصب في نفس المجرى.

وقد يصل الشك الى أن النظام السوري هو بالذات الذي ساعد على الكشف عن السفينة الالمانية التي كانت محملة بالأسلحة الأيرانية والتي كانت وجهتها سوريا؟؟.

إلا أن الدليل الأقوى على إقتراب وقت الضربة العسكرية، إنما هو ذلك الصوت الخافت والنبرة الهادئة التي نسمعها من الرئيس الايراني عند تطرقه الى موضوع تخصيب اليورانيوم، بالعكس تماماً من عنجهيته السابقة.

د. بنكي حاجو
[email protected]