منذ عدة ايام حدث خلاف بسيط بين شاب مسلم ازهرى وتاجر مسيحى فى احدى القرى المصرية.. تطور الخلاف البسيط بين الطرفين الى عراك بالايادى والسلاح الابيض نتج عنه وفاة الشاب المسلم بعد انتقاله الى المستشفى.

وفور وصول الخبر الى اهل القرية المسلمين تجمع المئات منهم بسرعة البرق وقاموا بحرق منزل التاجر واولاده والاعتداء على المسيحيين من أهل القرية وتخريب منازلهم وممتلكاتهم ومتاجرهم..

وجاء بعد وقت مئات من رجال الامن المركزى والشرطة بالمصفحات والاسلحة وقاموا بمحاصرة القرية ومنعوا الدخول والخروج منها حتى لاتتطور الامور الى الاسوأ ثم قاموا بالقبض على التاجر واسرتة ووجهت لة تهمة القتل.

هذة الحادثة حدثت مثلها وتحدث من وقت لاخر فى قرى ومدن مصر وينتهى الامر باحالة الاطراف المتنازعة الى القضاء حتى تاخذ العدالة مجراها اذا كانا الطرفين من ديانة واحدة او الطرف المعتدى عليه مسيحى.

ولكن اذا تصادف ان كان الضحية مسلم او مسلمة والجانى مسيحى فان الامر يتحول بسرعة عجيبة الى احتقان طائفى وحالة ثورة وغضب وهيجان واعتداءات من المسلمين على المسيحيين واحراق بيتوهم وتدمير ممتلكاتهم ومتاجرهم ومزارعهم.. بعدها نجد رجال الامن يتدخلون ويقومون بالقبض على عدد متساوى من الطرفين..وينتهى الامر بفرض المصالحات العرفية على الطرف المظلوم واجبارة على التنازل عن حقوقة القانونية!!

حادثة اخرى تكررت من قبل عشرات المرات فى ارياف وصعيد مصرى وتثبت بالدليل القاطع الى اى مدى وصلت حالة الاحتقان الطائفي فى مصر.. قرية صغيرة من قرى مصر غالبيتها العظمى مسيحيين ذهبوا للصلاة فى احد منازل القرية يوم الحمعة الماضى..بسرعة عجيبة انتشرت فى القرية اشاعة بان المسيحيين يريدون تحويل هذا المنزل الى كنيسة.. تجمع المسلمين على اثرها من كل شتات الارض وقاموا بحرق سيارة رجل الدين المسيحى وتخريب المنزل الذى كانوا يصلون فية والاعتداء على المسيحيين فى القرية ومزارعهم وممتلكاتهم!!!

وطبعا وكما جرت العادة تخاذل رجال الامن فى حماية اقباط القرية وردع المعتدين... وليس رجال الامن وحدهم الذين كانوا مقصرين بل وايضا رجال الدين المسلمين الذين كان من الواجب عليهم توعية المسلمين فى هذة القرية وغيرها من قرى ومدن مصر ودعوتهم وحثهم على احترام ديانات الاخرين وتعليمهم صحيح الدين وليس التطرف والتعصب وكراهية الاخر..

ورغم حدوث عشرات الاعتداءات الطائفية ضد المسيحيين فى مصر منذ تولى الرئيس مبارك حكم مصر الا اننا لم نسمع منة - ولو مرة واحدة - او اى مسئول كبير او صغير فى مصر شجب او استنكار لهذة الحوادث التى يرتكبها بعض المتطرفين المسلمين مما شجع على تكرارها وانتشار رقعة حدوثها على ارض مصر وزيادة خسائر الاقباط فى الارواح والممتلكات والحاق اضرار كبيرة بمصالحهم.

ولا ابالغ اذا قلت ان بعض قرى ومدن الصعيد والريف المصرى صارت اشبة بالمناطق المتاخمة للحدود الباكستانية والافغانستانية التى كانت تخضع لسيطرة متطرفى الطالبان وارهابين القاعدة الى ان فاقت الحكومة الباكستانية مؤخرا وادركت خطورة هؤلاء المتطرفين على النظام نفسة فارسلت الجيش لمحاربتهم والقضاء عليهم واستراد القرى والمدن التى كانت تحت نفوذ وسيطرة الارهابين.

ولو كانت الحكومة الباكستانية من البداية لم تمارس لعبة quot;الدين والسياسةquot; للحصول على بلاين الدولارات من الامريكان بحجة محاربة التطرف والارهاب لكانت القاعدة والطالبان فى خبر كان منذ سنوات بعيدة..ولما كانت هناك حاجة الى تهجير وتشريد اكثرمن ثلاثة ملايين باكستانى نتيجة للمعارك الجارية بين الجيش والارهابين.

ولكن بكل الاسف لم ولا يريد النظام فى مصر التعلم من تجارب واخطاء الدول الاخرى بل على العكس يصر على تكرار الاخطاء متعمدا وبغباء شديد ظنا منهم ان الهاء الشعب المصرى فى المشاحنات والمصادمات الطائفية بين المسلمين والمسيحيين سوف يوفر لهم فرصة البقاء على كرسى العرش الى الابد جنبا الى جانب تعاطف وتعضيد الدول الغربية!

ولعلنا نذكر الجميع بان ما يحدث فى صعيد وارياف مصر وبعض مدنها الاخرى ضد الاقباط هو مسؤولية رئيس الدولة ووزير داخليتة ومساعديهم مسئولية مباشرة وكاملة دستوريا وقانونيا وانسانيا واخلاقيا..

على اى حال اننا نناشد للمرة المائة المسؤولين فى الوطن الام وندعوهم الى وضع نهاية عاجلة للطائفية البغيضة فى مصر والقضاء على التطرف من جذورة والتوقف تماما عن اللعب والمزج بين الدين والسياسة.. كما اننا ندعوهم للتخلى عن المعالجات الامنية لمشاكل الاقباط والمصادمات الطائفية التى تحدث من وقت لاخر بين عنصرى الامة لانها لن تحل ابدا بهذة الطريقة بل سوف تزيد الامور سوءا ولكنها تحل بالقرار السياسى الشجاع غيرالمتحيز لفئة من المصريين على حساب فئة اخرى ووضع مصلحة البلد ومستقبلها فوق كل اعتبار اخر.

صبحى فؤاد

استراليا

[email protected]