کثيرة هي الانتقادات الداخلية الموجهة لمجمل عمل و اداء الحکومة الکوردية، وأکثر هي سهام الانتقادات المصوبة للعديد من الوجوه السياسية الکوردية التي للأسف و بداع من أنانيتها و حرصها الذاتي المغالى فيه، قد نسيت تماما خطورة و حساسية الوضع الذي تمر به التجربة السياسية الکوردية برمتها، کما أن الاصوات ترتفع هنا و هناك مطالبة بالتغيير و إنتهاج سياسية أکثر إنفتاحا و نفعا لصالح الشعب الکوردستاني، بيد ان الحديث عندما يکون عن الزعيم الکوردي مسعود البارزاني، فإن شکل و مضمون الخطاب الموجه يتخذ سياقا آخرا مختلفا تماما عن سابقاتها.

مسعود البارزاني، ذلك السياسي المعروف بتواضعه و زهده و تمسکه غير العادي بالقيم الاخلاقية في التعامل مع واقعه الموضوعي بشکل عام و الشعب الکوردي بشکل خاص، رجل ليس من الهين التشکيك بمصداقيته و إخلاصه لقضية شعبه الکوردي و کذلك سعيه الدؤوب من أجل ضمان مستقبل أفضل لأجياله القادمة، ولاغرو ان ترکيز قنوات أعلامية عديدة في المنطقة عليه بشکل غير عادي و تصويره ضمنيا بأنه معاد لأمان و طموحات الشعب الکوردي وانه يجري وراء منافع أو مصالح شخصية و فئوية محددة، هي في واقع الامر بمثابة شهادة جلية له على إخلاصه و تفانيه لقضية شعبه و العمل من أجل مستقبله بأفضل مايکون.

مسعود البارزاني الذي ولد تحت راية جمهورية کوردستان عام 1946، و عاش حياة النفي و الترشد و هو لم يزل طفلا رضيعا، وقضى خيرة سنوات شبابه وهو يعيش حياة الکهوف و البراري و الجبال و يحمل روحه على کفه من أجل قضية الشعب الکوردي، و شارك و بشکل مباشر في الکثير من العمليات العسکرية ضد قوات النظام البعثي المنهار، وتعود على حياة النضال و التزهد من أجل قضية شغلت کل فکره و همه، ليس من الممکن إطلاقا أن يستسلم لحياة الدعة و يصبح مجرد رقم مألوف على الساحة السياسية الکوردية کما حاول تلك القنوات الساردة الذکر أن تصوره.

صلابة البارزاني و شدة مراسه في کل مايتعلق بالشأن الکوردي، جعله وجها غير مرغوب فيه وحتى مرفوض الى حد بعيد من مختلف الاوساط السياسية و الاعلامية في المنطقة، وليس صحيح أن مواقف البارزاني تتجه وفق سياقات محددة وانه رجل براغماتي يساير الظروف و المراحل، ذلك أنه و على الرغم من إختلافه الفکري و السياسي مع حزب العمال الکوردستاني، لکنه لم ينصاع يوما للضغوط الهائلة التي وجهت ضده من أجل إنتزاع ولو مجرد تصريح يتيم بخصوص ما يقال زورا و دجلا و نفاقا عن إرهاب ذلك الحزب.

وعلى الرغم من أن مسعود البارزاني يشغل منصب رئيس الحزب الديمقراطي الکوردستاني، لکنه لم يؤثر يوما منصبه الحزبي على حرصه و إنتمائه القومي و خبره الشعب الکوردي مثلما خبرته القوى السياسية الکوردية بأنه رجل يمتلك أفقا و حضنا أرحب من ذلك الذي يتسع لمجرد حزب ومن هنا فقد نظر إليه الشعب الکوردي(وقواه السياسية) على أنه ممثل لآماله و تطلعاته بعيدا عن کل اشکال التعصب و الانغلاق الحزبي.

کما أن البارزاني، مع حرصه و تمسکه الاستثنائيين بأzwnj;ية فرصة متاحة تخدم قضية الشعب الکوردي، لکنه لم يفرط بمواقفه و إلتزاماته الاخلاقية عندما کان الشأن العراقي يعيش حالة من التخبط و صراع طائفي غير مسبوق تشترك فيه بقايا الفلول البعثية و دولا و أجهزة إستخبارية محددة، لم يستغل ذلك الظرف وانما عمل کل مابوسعه من أجل أن يستعيد المشهد العراقي عافيته ومن ثم طرح المسائل المتعلقة بالشعب الکوردي مع ممثليه. وان العديد من القوى و الشخصيات السياسية العراقية تشهد للبارزاني مواقفه المبدئية و الاخلاقية بهذا الصدد وانه شکل عاملا مهما و اساسيا في عودة الامن و الاستقرار الى الساحة العراقية.

ورغم ان العديد من الاطراف و الاقلام الکوردية قد إستغلت موقف مسعود البارزاني بهذا الاتجاه و إعتبرته خيانة لقضية الشعب الکوردي، فإن نفس هذه الاطراف و الاقلام تعود مجددا لکي تعزف على وتر دستور إقليم کوردستان و تصويره بمثابة سعي مباشر من جانب البارزاني ذاته من أجل منافع ذاتية خاصة بل وان بعضا من هذه الاطراف تذهب أبعد من ذلك عندما تفسر طرح دستور الاقليم بأنه بمثابة إعلان ضمني للإنفصال عن العراق!!

الخامس و العشرون من تموز يوليو الجاري قادمة و لاريب من ذلك، وإشتداد حدة الرهان و المقامرة على أن الزعيم الکوردي مسعود البارزاني سوف لن ينجح في إنتخابات رئاسة الاقليم، هي مجرد محاولات غير مجدية و عقيمة لن تکون في نهاية الامر سوى کالذي يحاول أن يحجب الشمس بغربال وانه ليس الشعب الکوردي وانما الامة الکوردية برمتها تدرك بفطرتها النقية ان خيارها الافضل و الاجدى لن يکون إلا بإنتخاب مسعود البارزاني رئيسا لإقليم کوردستان و سوف نعود لنحدثکم من هذا المنبر عن اليوم المشهود الذي سيصوت فيه الشعب الکوردي حتما للبارزاني، انه بنظرنا الصبح، أليس الصبح بقريب؟

نزار جاف