في تصريح مباشر لا لبس قال جوزيف بايدن نائب الرئيس الامريكي لشبكة ABC التلفزيوينة ( 5 يولية ) ان واشنطن لا تستطيع ان تحدد للدول الاخري ذات السيادة ما يمكن وما لا يمكن ان تفعله، واضاف موضحاً quot; إسرائيل تستطيع ان تحدد وفق مصلحتها ما يمكن ان تقوم به فيما يتعلق بالبرنامج النووى الإيراني إذا رأيت انه يهدد أمنها quot;..

في نفس اليوم أعلن الأميرال مايكل مولن قائد أركان الجيوش الأمريكية المشتركة ضمن مقابلة أجراها معه برنامج Fox News Sunday أن شن هجوم عسكري علي المنشآت النووية الإيرانية quot; قد ينتج عنه زعزعة للاستقرار في المنطقة بشكل كبير quot;..

وفي اليوم التالي رفض ايان كيلي المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأمريكية التفسيرات المتعجلة التى قالت ان كلام نائب الرئيس يعني في مجمله quot; منح الضوء الاخضر لإسرائيل لكي تقوم بالهجوم ضد إيران quot;، مؤكداً أن خيار الحوار مع طهران الذي عرضه الرئيس أوباما لا يزا قائما.. وأضاف موضحا هو أيضا بشكل لا لبس فيه quot; علي إيران ان تبادر بالاستجابة ليد واشنطن التى لا زالت ممدودة ناحيتها quot;..

وقع بعض المراقبين والمحللين في حيرة..

من يصدقون نائب الرئيس ام المتحدث باسم الخارجية !!.. لكن الحقيقة الواضحة تقول ان تصريح بايدن الذي قالت الصحف البريطانية ( 7 يولية ) انه كرره ثلاث مرات لم ينكره أحد ولم ينفه هو نفسه، وهذا معناه ان الرجل يعني كل حرف جري علي لسانه.. لأنه ليس هناك خلاف علي ان إسرائيل دولة ذات سيادة !! وانها حرة في ان تُقدم علي فعل ما تراه في مصلحتها !! لكن هذا لا يعني موافقة أمريكية علي صفحة بيضاء لضرب المنشآت النووية الإيرانية إلا إذا !!..

هنا مربط الفرس الذي ابانت عنه تعقيبات المتحدث الرسمي باسم الخارجية الامريكية، عندما نفي ان تُفسر تصريحات نائب الرئيس علي انها ضوء اخضر يسمح لإسرائيل باالقيام بعمل عسكري ضد إيران.. لأن استعداد واشنطن لبدء حوار معها ( إيران ) لا زال قائما ولا يحتاج إلا لمبادرة من جانبها !! وفي حالة التقاعس والاصرار علي استنزاف الوقت في مهاترات، فلربما غضت الإدارة الأمريكية النظر عمن يستخدمون سيادة دولهم في الدفاع عن مصالح شعوبهم..

إذا فتحت طهران صدرها للحوار، فإن واشنطن تأمل منها وهي تسعي إليه أن تعي جيدا مسألة سيادة إسرائيل وحقها في الدفاع عن مصالحها، كما تعي سيادتها وهي تدافع عن مصالحها في العراق وفي غيرها.. اما إذا أصمت أذنيها وظنت انها تملك حق التسويف فعليها ان تعي جيدا حق الآخرين في عدم التسويف دفاعاً عن مصالحهم..

لا احد ينكر أن إيران تعي جيدا مبدأ السيادة وما يتطلبه من استراتيجية وما يحتاج إليه من تكتيك.. وتعي إلي حد كبير حاجة الآخرين ndash; ما عدا إسرائيل - وعلي رأسهم الادارة الامريكية للتباحث معها.. وهذا الوعي يَفرض عليها مراجعة حساباتها من حين لآخر، من هنا يأتي الاستخدام الأمريكي لورقة السيادة الإسرائيلية..

الولايات المتحدة تعرف مسبقا انها ( أي أمريكا ) الاكثر تضررا من اي طرف اقليمي آخر في المنطقة فيما لو تعرضت الاراضي الإيرانية لعمل عسكري من جانب اسرائيل.. ضرر سينعكس علي مصالحها من جهتين.. الأولي قواتها العسكرية التى تقول طهران انها في مرمي نيرانها، والثانية ابار النفط الخليجية التى تقول نفس المصادر ان تدميرها سيكون علي رأس اولويات ردها العسكري علي اي عملية هجومية تتعرض لها..

لذلك تواصل واشنطن الضغط لكي تستجيب طهران لفكرة الجلوس معها حول مائدة الحوار، ومن بين وسائل الضغط ان يسمع نظام الحكم في إيران منها مباشرة انها تعترف لإسرائيل بالسيادة والحق في الدفاع عن مصالحها، لكن دون موافقة ضمنية.. فهل يكفي هذا لكي يقنعها بالترتيب عن طريق فرنسا والمانيا لجلسة حوارية يتحدد في نهايتها محتويات اجندة الحوار في شكلها المبدئي؟؟..

ربما تتبلور بوادر هذا الاقتناع بعد ان تستقر أوضاع الداخل الايراني ويتمكن الرئيس المنتخب أحمدى نجاد من التفرغ للشأن الخارجي بنسبة اكبر من انكبابه علي الشأن الداخلي، خاصة وقد اعلن مرشد الثورة انه علي استعداد للعفو عن ابناء الوطن الذين اخطأوا في حق الثورة دون قصد.. وربما تتسارع دوافع الاقناع إذا سمعت طهران من واشنطن المعادل الموضوعي لحقوقها السيادية ndash; كما افاض نائب الرئيس في وصف سيادة إسرائيل ndash; وكيفية ربطها بالمصالح الأمريكية في المنطقة.

الدكتور حسن عبد ربه المصري

استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا [email protected]