من الواضح أن ماقاله نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن من أن بلاده لن تمنع اسرائيل من القيام بعمل عسكري ضد ايران لم يكن موقفا شخصيا أو مجرد زلة لسان.

فالبيت الأبيض لم يحاول تصحيح ما قاله بايدن كما حدث في مواقف أخرى سابقة، والمتحدث باسم الخارجية الامريكية علق على ذلك بقوله إن امريكا لا يمكن ان تفعل شيئا لوقف أي هجوم اسرائيلي على ايران.

صحيح أن تصريحات نائب الرئيس الامريكي تتعارض مع مبادرة اوباما لفتح حوار مع ايران بشان برنامجها النووي، كما تتعارض مع ما اعلنه قائد هيئة اركان الجيوش الامريكية المشتركة الأميرال مايكل مولن من ان اي هجوم عسكري على المنشات النووية الايرانية سوف يكون له تداعيات خطيرة.

لكن من الواضح أن ما قاله بايدن يعبر عن موقف جديد للإدارة الأمريكية، فبعد فوز أحمدي نجاد بولاية جديدة في الانتخابات الأخيرة خلافا لكل التوقعات، وبعد تصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أن اسرائيل لا تستطيع الانتظار حتى نهاية السنة الحالية حتى quot;تقرر ما تفعله بشان إيرانquot;، يبدو أن واشنطن قررت أن تكون اكثر حزما في التعامل مع الملف الايراني.

هذا التغيير في الموقف الأمريكي دفع كبار القادة الإيرانيين للتهديد بتلقين اسرائيل درسا لن تنساه إذا ما لجأت إلى ضرب بلادهم وقال رئيس مجلس الشورى الايراني على لاريجاني ان بلاده تحمل امريكا المسئولية عن اي ضربة توجهها اسرائيل على اعتبار ان هذه الضربة لا يمكن أن تقع بدون ضوء أخضر أمريكي.

لكن المتحدث باسم البيت الابيض تجاهل تصريحات لاريجاني مكتفيا بالقول إن اسرائيل دولة ذات سيادة لا تأخذ ضوءا أخضرا من أحد، وأن امريكا سوف تواصل جهودها مع الشركاء الدوليين لحث ايران على التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لكن كل الخيارات مطروحة بما فيها الخيار العسكري.

الأهم من ذلك أن تصريحات بايدن جاءت متزامنة مع مناورات عسكرية واسعة قامت بها اسرائيل مؤخرا تحت اسم quot;نقطة تحول 3quot; وهي مناورات ركزت أساسا - وكما قالت صحف اسرائيلية - على نشاط سلاح الجو والغواصات النووية استعداد لعمل عسكري محتمل ضد إيران.

لكن المعضلة التي تواجه اسرائيل هي ضآلة المساحة الجغرافية التي تمنح الخصم سهولة توجيه ضربات سريعة بالصواريخ الي القواعد والمطارات العسكرية والمدن الاسرائيلية وفي مقدمتها تل ابيب لكن الصحف الاسرائيلية قالت ان هناك ترتيبات جارية لتجاوز هذه العقدة الجغرافية.

ومن الواضح ان هناك تصميما أمريكيا إسرائيليا على عدم السماح لإيران بتكرار طموحات الرئيس العراقي السابق صدام حسين بامتلاك اسلحة نووية تهدد السيطرة على منابع النفط وتعرض امن اسرائيل للخطر.

لكن على الجانب المقابل لم تبد إيران اي رغبة في تغيير موقفها فقد أكد الرئيس أحمدي نجاد ان بلاده سوف تواصل برنامجها النووي، وهدد قادة عسكريون إيرانيون بشن هجمات بالصواريخ على عمق إسرائيل واغلاق مضيق هرمز وإثارة المشكلات في الخليج والعراق وتفعيل جبهة جنوب لبنان واستهداف سفارات امريكية واسرائيلية حول العالم.

لكن هل تستطيع ايران الفوز في مواجهة عسكرية مع إسرائيل وامريكا؟! أحدث تقرير أصدره المعهد الدولي للتقديرات الاستراتيجية بلندن يقول أن ايران رغم كونها بلدا نفطيا ثريا إلا انها احد بلدان العالم الثالث ولا تتجاوز ميزانيتها الدفاعية 7 مليار دولار أي نصف ميزانية اسرائيل الدفاعية وحوالي 2% من ميزانية أمريكا العسكرية، كما ان قدراتها العسكرية محدودة باستثناء ترسانتها من الصواريخ.

والسؤال الآن هل سيتكرر في إيران ما حدث في العراق بسبب عناد واستخفاف النظام الإيراني؟

عبد العزيز محمود