عبد الجبار العتابي من بغداد: صدر عن دار الشؤون الثقافية العامة في بغداد كتاب (مدن الضفاف العراقية) لمؤلفه الدكتور جمال حسن العتابي، وجاءت في هامش الغلاف اشارة بكلمات (بدايات التشكل.. النمو في العهود الاسلامية الاولى) كما حملت صفحة العنوان عنوانا توضيحيا: (علاقة الماء في الاستقرار الحضري / دراسة تاريخية)، وافتتح المؤلف كتابه بالاية القرآنية الكريمة (وانزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الارض وانا على ذهاب به لقادرون)، يقع في 375 صفحة من القطع الكبير، ويتميز بكونه بحث في نشوء المدينة العراقية وعلاقتها بالماء التي القضية الأساسية في حضارة العراق، والتشكل الأول لنمو المدينة وارتباطها بالضفاف واختيار الإنسان لموضوعة الماء والضفاف على الرغم من الأهوال والمخاطر والكوارث التي كان يسببها طوفانه،حيث ان الإنسان لم يبتعد عن الماء وظل يتناغم مع النهر، واُثر ذلك ايضا على علاقاته الاجتماعية والاقتصاد، ويذهب في جوللات استطلاعية الى تلك المدن التي تقوم على ضفاف الانهار وبحث في ملامحها وتفصيلات حياتها وهي تمد عروقها لتعيش زاهرة وتنتعش وترفع رأسها مفعمة بالسعادة التي يمدها بها الماء، فرسم بالكلمات صورا كاملا لتلك المدن التي تسمتد كينونتها من الماء.
وقد جاء في المقدمة التي كتبها المؤلف: ان حياة الناس في العراق ظلت على الدوام مرتبطة بالماء والارض وبالتحديد الحضارة في العراق بنهرين عظيمين جليلين هما دجلة والفرات فكان منارة الشرق وسرة الارض وقلبها، اليه تحاورت المياه وبه اتصلت النضارة، ففيها سر قيام الحضارة ونشوئها وديمومتها في كل عصور التاريخ، وما اصاب هذه البقعة من تراجع وتدهور انما يعود لحالات الجدب والجفاف او لسوء استخدام المياه على نحو صحيح او مدروس.
يقع الكتاب في ثمانية فصول موزعة على بابين، تضمن الباب الاول ثلاثة فصول، الاول: يركز على اصل المياه وتأثيرها، متناولا انواعها في الطبيعة وكيفية السيطرة عليها واساليب الارواء ووسائط استخدام المياه، اما الفصل الثاني فجاء مخصصا لدراسة الماء في التراث العربي الاسلامي بدء من القرآن الكريم لما احتواه من آيات تؤكد اهمية المياه للحياة الحضرية والاقتصادية، ثم الماء في السنة النبوية الشريفة حيث شرع الرسول (ص) نظاما خاصا وضع فيه الاسس الصحيحة في التعامل مع قضية الماء بارتباطها مع الارض وسبل الاستفادة منها، كما تناول الماء في الفقه والتشريع الاسلامي واللغة والشعر العربي والامثال، اما الفصل الثالث فشغل حيزا مهما بين الفصول لانه تناول دراسة مياه العراق في المصادر والمعاجم البدانية وكتب الرحلات.
اما الباب الثاني فتوزع على خمسة فصول، الاول والثاني تناولا اثر المياه في الاستقرار الحضري في العراق من خلال دراسة اهم الانهار وتفرعاتها، واثر التحولات النهرية على المستقرات الحضرية والمستقرات المرتبط وجودها بنهري دجلة والفرات وشبكة الانهار التي تنحدر في ارض الرافدين، اما الفصل الثالث فتناول اثر المياه في النشاط الزراعي اذ وفرت الطبيعة في وادي الرافدين كل الوسائل لتنمية مهارات السكان وخبراتهم في استثمار الارض والماء اللذين كانا العنصرين الاساسيين للحياة والثروة، اما الفصل الرابع فتناول دور المياه في النشاط الصناعي ودراسة اهم المراكز والمدن المحيطة بها، وجاء الفصل الاخير لدراسة المياه كنعصر مهم لتسهيل التواصل الحضري بين المستقرات البشرية من خلال تتبع المسالك الممتدة مع مصادر المياه واخرى عبر الممرات المائية.
وجمال حسن العتابي، كاتب وصحافي عراقي، حاصل على شهادة الدكتوراه في تاريخ الجغرافيا، عمل في الصحافة منذ سبعينات القرن الماضي، عين مديرا لدار الشؤون الثقافية ببغداد في أول وزارة للثقافة بعد العام 2003، ثم عاد ليشغل منصب مدير دار ثقافة الأطفال عام 2008.