كامل الشيرازي من الجزائر: صدر للكاتبة والإعلامية المصرية quot;آمال عويضةquot;، مجموعتها القصصية quot;سيدة الأحلام المؤجلةquot;، وتقع المجموعة الصادرة عن منشورات مؤسسة شمس للنشر والإعلام في 172 صفحة من القطع المتوسط، وضمت عشرين قصة قصيرة.
آثرت الكاتبة تقسيم مجموعتها إلى ثمانية أقسام، وتجول بنا آمال بوجهها الآخر على عدة حكايا وتمظهرات بين دفتي المجموعة من رجل الحواديت، ورسائل مش قصيرة، وعنوان غير عامي خالص، وصولا إلى بهجة السحر، هدهد عابر وفراشات الحجرة، كما تعرضت آمال في قسم أوجاع ممكنة إلى ملائكة تتخبط، صور متحركة، والموسيقى لا تكف عن الدوران.
وتحفل مجموعة عويضة بشجن خفيف في صورة: أوراق ملونة، مفتاح حياة، وولع الأحجار، كما تلامس quot;شوكا محتملاquot; من خلال ثلاثية: جسد حاضر، عرق ملون، وروائح تسد الطريق، ولا تمنع ناظريها من تملي جماليات حنين ممكن عبر: أقاصيص لا تقرؤها الأمهات، أرض و قمر ومطاردة، لتنتهي إلى التشبث بولع دائم من خلال أيقونة quot;شجرة التينquot;.
مقتطفات من المجموعة:
شجرة التين
هنا أحمر، هنا أخضر، هنا أسود، هنا أبيض، وحولهم سور.
في غرفة السطح، كان (إياد) يمسك بألوان فرشاته، ويضع اللون والخط.
عندما دخل شقيقه الأصغر (صائب) الغرفة في غيابه، مزج ألوانًا ببعضها، وأمسك بفرشاته ورسم على الحائط ما تخيل أنه جملٌ من لحم وصوف وعظام، وجبلٌ من حجارة وأشجار، وأطفال يركضون ودخان يتبعهم. صرخ فيه (إياد)، فأخفى الصغير وجهه بين يديه وخرج يتعثر في دموعه.
مسح (إياد) بطرف quot;خرقةquot; عامرة بألوان شتى حدود لون زادت سطوته على صفحة اللوحة: أحمر قرمزي قان.
كانت شقيقته المُقعدة تسمع ما يقوله الصغير (صائب)، وتمضغ كتبًا وصحفًا، وترسم على حدود أوراقها أسلاكًا شائكة، بينما (إياد) يرسم في غيابهم ونومهم لوحته شجرة زيتون لم يغفل تفاصيل الحبّات التي قاربت النضوج تنتظر من يقطفها.
في عبوره على السطح، دخل إلى الغرفة الأب العجوز الذي أُحيل إلى التقاعد مؤخرًا، كان (إياد) منهمكًا في الأخضر على شجرة البرتقال، ويُنهي سطح بيتٍ مبني بالحجر، أثنى الأب على المشهد.
واصلت أصابع (إياد) زرع بيوت وبناء أشجار وعصافير ترفرف وراء السلك. ربتَ الأب على كتف الابن، وطلب منه ألا ينسى في الغد دفع فواتير الكهرباء والماء والتليفون وأجرة البيت.
وحدها أمه المنشغلة صباح ومساء في مطبخها لا تعرف ما يرسمه (إياد). عندما أنهت يومها، جلستْ إلى جواره لتواصل كما تفعل كل مساء سرد قصص قريتهم التي لن يزوروها أبدًا إلا في دفاتر التاريخ.
احتفظ (إياد) لأمه بمفاجأة تتجدد كل يوم، عندما وعدها بهدية تليق بها.
أخيرًا، وقّع (إياد) لوحته باسمه، ودون التاريخ: 15 مايو 2008.
عندما أراد (إياد) تثبيت اللوحة في صالة منزلهم، اغرورقتْ العيون بالدموع، ووقفت الكلمات في الحلوق الجافة، وحدها أمه اعترضت في شبه غضب:
- ويلك يا وليدي، نسيت التينة يا (إياد).