ترجمة المؤلفات الإسرائيلية الى العربية يثير ردود متباينة فى مصر

محمد حميدة من القاهرة: أثار قرار وزير الثقافة المصري فاروق حسنى بموافقته على ترجمة مؤلفات إسرائيلية الى اللغة العربية ردود أفعال متباينة بين المثقفين المصريين. وفى الوقت الذي أيد فيه البعض قرار الوزير وحق القارئ فى المعرفة ون هذا ليس له علاقة بالتطبيع الثقافي، رأى البعض الأخر القرار بأنه مغازلة سخيفة من جانب الوزير لاسرئيل. وأعربوا عن خوفهم ان يكون مقدمة لتنازلات أخرى من اجل اليونسكو.

وكان فاروق حسنى المرشح لمنصب مدير عام منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم quot;اليونسكوquot; اعطى ضوءا اخضر للتعاقد مع دور نشر أوربية لترجمة مؤلفات للكاتبين الإسرائيليين عاموس عوز وديفيد غروسمان الى العربية. ويعتزم المركز القومى للترجمة وفقا لما جاء على لسان رئيسه جابر عصفور التعاقد مع ناشرين فرنسيين أو بريطانيين قبل بداية يوليو/ تموز، لترجمة الأعمال الإسرائيلية، تجنبا للتعامل المباشر مع الناشرين. وقال quot;أنه لم يكن من الطبيعي التعاون مع الناشرين الإسرائيليين تجنبا لعدم التطبيع quot;، quot;ولعدم إثارة الاحتجاجات في مصر والعالم العربي quot;.

واعتبر جورج اسحق المنسق العام المساعد لحركة كفاية واحد المثقفين المصريين قرار الوزير quot;مغازلة سخيفةquot; للدولة العبرية، مضيفا quot;رغم ذلك ومحاولته لكسب ودهم، لن يصوتوا له فى الانتخابات ولن يصل الى هذا المنصبquot;.. و قال إسحاق ف حديثه لquot;إيلافquot; ان الوزير حسنى لو فاز بمنصب اليونسكو quot;سيبقى مرغما على التعامل مع إسرائيل، لكن هناك اتفاقا واضحا بين المثقفين ضد التطبيع مع هذه الدولةquot;.

ولا يبدو ثمة تحرك يلوح فى الأفق ضد هذا القرار من جانب المثقفين، وفقا لما قاله إسحاق quot; فى وقت سابق أصدرنا بيان عندما تحدث الوزير بشكل ايجابي عن إسرائيل quot;.وتابع قائلا:quot; لن نقوم كل مرة بإصدار بيان quot;.

وبالرغم من اتفاقية السلام التي وقعت بين مصر وإسرائيل عام 1979، إلا ان المثقفين المصريين يقاومون التطبيع الثقافي مع إسرائيل احتجاجا على استمرار احتلالها للأراضي العربية ومجازرها الوحشية بحق الشعب الفلسطيني. وتسود مخاوف من أن تكون هذه الخطوة مقدمة لجملة من التنازلات التي يمكن أن تقدمها الوزارة، بغية وصول حسني إلى اليونسكو، حيث تعرض الوزير الى انتقادات شديدة عندما قال فى تصريحات سابقة بانه لو علم بوجود اسرائيلية بمكتبة الإسكندرية لأحرقها، لكنه سرعان ما ابدى اعتذاره لاسرائيل عن هذا التصريح.

وقد أعطت وزارة الثقافة موافقتها على تصوير فيلم يشارك فيه ممثلة إسرائيلية، لكن نقيب المهن التمثيلية أشرف زكي رفض التصريح للشركة المنتجة بتصوير فيلم quot;فير غيمquot;،بعد ساعات قليلة من إعلان قرار ترجمة الكتب، معتبرا أن quot;مشاركة فنانة إسرائيلية فيه يتعارض مع قرار اتحاد النقابات الفنية بعدم التطبيع مع إسرائيلquot;.ولم يكشف زكي النقاب عن اسم الممثلة الإسرائيلية، إلا أنه قال إن نقابة المهن التمثيلية تقف ضد التطبيع ولا ترحب بأي ممثل إسرائيلي وتمنع أعضاءها من المشاركة في أعمال فنية مشتركة مع فنانين إسرائيليين.

ومن جانبه يرى عبد الحليم قنديل الكاتب الصحفي ومنسق عام الحركة المصرية من اجل التغيير ان مغزى توقيت قرار الوزير فى quot;انه يصب فى إطار رغبته فى الوصول الى منصب اليونسكو quot;، مشيرا الى انه يحاول دعم حملته بهذا القرار لخدمة إسرائيل، لأنه يرى ان خدمة إسرائيل هى خدمة لليونسكو. وقال قنديل quot;ان محبة إسرائيل قضية وجود للنظام المصري، وإذا رغب اى وزير فى منصب فى النظام لابد ان يخدم إسرائيل quot;.ويرى ان قرار ترجمة أعمال الكاتبين الإسرائيليين ليس قرارا خاصا بالوزير فاروق حسنى، حيث قال quot;الوزير لا يعمل من تلقاء نفسه quot;،quot; وزير الثقافة مقرب من العائلة الحاكمة وتفاصيل شخصية للعائلة quot;.

ويعتبر قنديل المثقفون نوعان، نوع ولائه الأول للنظام وهؤلاء مرتبطون بالأجهزة الرسمية ويتقاضون quot;رشاوى هائلة quot; على حد وصفه من وزارة الثقافة تحت عنوان quot;مستشارونquot; للوزارة،بالرغم من أنهم ليس لهم مكاتب ولا يؤدون اى شيء، مضيفا ان هذا القسم لا يبدى اى رد فعل ولا يتوقع منه غير الالتواء والبحث عن تفسيرات وتأويلات لقرارات الوزير،وهذا أمر طبيعي لان حياتهم مركبة على أساس منحة الوزير، ويسميهم قنديل quot;مثقفو الحظيرةquot; نسبه الى تصريح سابق الى وزير الثقافة فى حوار مع رئيس القسم الثقافي لجريدة العربى لسان الحزب الناصري quot; انا أدخلت المثقفين الحظيرةquot;.

اما القسم الأخر حسبما قال عبد الحليم قنديل يتشكل من الجماعات الوطنية التى تناهض التطبيع وتدعو الى المقاطعة،وهؤلاء لا يعتبرون الوزير المشكلة، بل النظام او العائلة quot;. وطالبهم قنديل بفضح النظام quot; عليهم فضح عمالة النظام وخدماته لإسرائيل quot;.

ومن جانبه يرى الكاتب احمد ابو مطر أن ترجمة الإبداع من العبرية للعربية والعكس، لا يختلف عن أية ترجمة من لغات أخرى كالإنجليزية أو الفرنسية، ولا علاقة له بمسألة اسمها التطبيع الثقافي، لأن التطبيع يمكن أن يطلق على حالة واحده هي أن يستغل كاتب أو مبدع كتاباته وإبداعاته لتأييد وجود دولة إسرائيل بشكل طبيعي في محيطها العربي، بوضعها الحالي الذي يحتل أراض عربية ويماطل في إقامة الدولة الفلسطينية التي نصت عليها اتفاقيات دولية وقعت عليها الحكومة الإسرائيلية نفسها. وازدواجية النظرة العربية في هذا الميدان واضحة، فتركيا تحتل لواء ألإسكندرونة السوري، وإيران تحتل الأحواز العربية والجزر الإماراتية الثلاث،وأسبانيا تحتل مدينتي سبتة ومليلة المغربيتين، فلماذا نقيم مع هذه الدول الثلاث علاقات طبيعية في كافة الميادين ونترجم من وإلى لغاتها، دون أن نسمي ذلك تطبيعا مع دولة محتلة؟.