سلوى اللوباني من القاهرة: كنت حاضرة في أمسية quot;بيروت 39quot; في القاهرة التي نظمتها مكتبة الكتب خان في المعادي بالتعاون مع مؤسسة هاي فستيفال، وهو مشروع يحتفي بمناسبة بيروت عاصمة عالمية للكتاب 2009 ليلقي الأضواء على كتابات الجيل الجديد في العالم العربي، دار النقاش من قبل الكتاب حول أزمة القراءة، البعض اعتبر أن القارئ في غيبوبة!! ومنهم من تطرق إلى ان هناك كاتبا للأدب الرفيع وآخر للأدب الجماهيري، وكان هناك لوم على القارئ بأنه لا يفهم ما يكتبه الكاتب ولا حتى يقدره!! السؤال الذي يطرح نفسه هنا إذاً لمن يكتب الكاتب؟ وتذكرت ما كتبه الروائي البرازيلي quot;باولو كويلوquot; في مقدمة كتابه quot;كالنهر الذي يجريquot; صفات الكاتب بناء على بحث أجراه بعد أن اخبر والدته بأنه يريد أن يصبح كاتباً فوجد ما كانه الكاتب في الستينات: quot;من واجب الكاتب ألا يكون مفهوماً من جيله وإلا فانه لا يعود عبقريا أبدا. وحدهم الكتاب الآخرون يفهمون ما يعنيه الكاتب ومع ذلك فهو يكره الكتاب الآخرين سراً لأنهم يسعون إلى الأمكنة نفسها التي يحفظها تاريخ الأدب عبر العصور. الكتاب الذي ينجح في أن يكون الأصعب يعد الأفضل. الكاتب يبرع في استخدام موضوعات ذات أسماء مخيفة.. سيموطيقيا، ابيستمولوجيا. عندما يدعى إلى الحديث عما يقرأه حالياً يذكر دائماً كتاباً لم يسمع به أحد. الكاتب يمضي نصف وقته غاضبا من كل شيء والنصف الآخر محبطاquot;. استطلعت إيلاف آراء مجموعة من الكتاب والشعراء بصفات الكاتب التي ذكرها quot;كويلوquot; وإذا كانت تنطبق على الكاتب العربي في الستينات وفي الوقت الحالي؟ ولمن يكتب الكاتب العربي إذا كان بالفعل هناك أزمة قراءة والقارئ لا يفهم ما يكتبه الكاتب لأنه في غيبوبة؟
بالنسبة إلى ما ذكره كويلو من صفات للكاتب، ذكر البعض أن جزءا من هذه الصفات تعد منطقية ومعروفة في الستينات عربياً، والبعض الآخر اعتبر أنها شكل كاريكاتوري لأنصاف المواهب! وأنها صفات مضحكة مبكية! وأيضا فيها نبرة سخرية من الكاتب!! وهناك من يرى أن هذه الصفات لا تنطبق على كويلو نفسه، فهو ممتع وواضح ومفهوم لمختلف شرائح القراء ولو كان الكاتب كذلك لانفض الناس من حوله!! فالكاتب الحقيقي هو الذي ينجح في أن يجد صوته الأصيل. ومن الأهمية أن نفرق بين من يمارس فعل الكتابة وبين الكتاب الفعليين. أما لمن يكتب الكاتب العربي فالبعض ذكر أن العملية الإبداعية هي عملية ذاتية في المقام الأول، فهم يكتبون لأنفسهم، والبعض اعتبر انه ليس من الأهمية أن يبحث الكاتب عمن يقرأ له! والبعض الآخر قال إن الكاتب العربي يكتب لقارئ لا يعرفه، قارئ مشغول بلقمة العيش. وبالنسبة إلى غيبوبة القارئ ذكر البعض أنها موضة بالية بلوم الآخرين على إخفاقه، وفي نهاية الأمر يجب أن تكون علاقة الكاتب بالقارئ علاقة احترام متبادل.

السؤال الذي يبقى للقارئ: هل يجب أن يكون الكاتب واضحا وممتعا ومفهوما لمختلف شرائح القراء؟؟

الأديب محمد توفيق: الأديب الحقيقي هو الذي ينجح في أن يجد صوته.
من حسن الحظ أن باولو كويلو لم يأخذ التعريف الذي توصل إليه لـ quot;من يكون الكاتبquot; بجدية وإلا لما أضاف للأدب العالمي ذاك الصوت العذب المميز الذي نعتز به جميعا، ولو حاول أن يحقق المعايير التي أشار إليها كان ربما سينضم إلى طابور مدعي الأدب الذين تكتظ بأسمائهم مكتبات العالم، ولعلك تلاحظين أنني في إشارتي لمساهمة باولو كويلو الأدبية لم أشر إلى كلماته أو قلمه أو أفكاره، إنما تحدثت عن صوته، فالأديب الحقيقي هو الذي ينجح في أن يجد صوته الأصيل، الصوت الذي ولد به، تلك الخاصية التي تميزه عن باقي البشر، فإن حاول أن يتقمص صوت شخص آخر قدم للعالم صورة مزيفة باهتة ممسوخة، ومهما صادفه من النجاح فلن يكون بمقدوره تقديم إبداع حقيقي أو إضافة ذات قيمة. لذلك فالأديب الحقيقي لا يختار طريقا إنما ينقب عن حقيقة موجودة بالفعل، يعيد اكتشاف عمل كان كامنا في نفسه نابضا في وجدانه، أما النشر والتوزيع وتعليقات النقاد وتقدير القراء، فهي كلها أمور منفصلة تماما عن العملية الإبداعية، لاحقة لها بالضرورة، ولا يمكن للمبدع الحقيقي أن يسمح لهذه الأمور أن تتدخل في العملية الإبداعية أو تؤثر فيها، فإن أسفرت جهوده عن عمل يروق لقارئ وحيد أو لمليون فالفارق ليس كبيرا،لأن الكاتب في الحالتين سيكون قد أتم مهمته. والكاتب الذي يحقق نجاحا جماهيريا اليوم قد يجد نفسه منسيا بعد سنة أو سنتين، والعكس طبعا صحيح، فالأدب الجيد وحده هو الذي يبقى. وأتعجب للحديث عن غباء القارئ أو غيبوبته، فما أتعس من يلوم الآخرين على إخفاقه.وختاما أستطرد لأؤكد أن البحث عن الذات هي رحلة وجدانية ضرورية لكل فنان، لكنها غير قاصرة عليهم، فكل إنسان عليه أن يجد صوته... أن يشعر بتميزه... برسالته الخاصة... والأدب الجيد سيكون دوما أخلص رفيق في هذه المغامرة التي هي الحياة.

الروائي والقاص طالب الرفاعي: أكتب لقارئ لا أعرفه.
بالنسبة للإجابة على سؤال كبير بحجم: لمن يكتب الكاتب، فيجب التنبه إلى أن فعل الكتابة كان على الدوام محل خلاف من كاتب إلى آخر، وأحيانا الكاتب نفسه تتغير قناعاته من عمر إلى آخر. لكن الأمر الواضح بالنسبة إلي، أنني أكتب لقارئ، لا أعرفه، هو موجود في مكان ما من هذا العالم، لكن يهمني أن أتعامل باحترام وتقدير مع عقلية هذا القارئ، محاولاً بناء علاقة بين النص وبينه، على أمل إيصال رسالة تخص النص، وتنبع من قناعاتي تجاه القضايا الحياتية، وتجاه هموم الإنسان حيثما كان. مع يقيني بأن الكاتب معنيّ ببيئته أكثر من عنايته ببيئات أخرى، وهو إلى جانب ذلك، في مغامرة كتابية دائمة، تجاه ابتكار لغة جديدة، يستطيع من خلالها اقتحام عوالم جديدة. أنا لا أوافق الروائي البرازيلي باولو كويلو، في آرائه وأرى أن على الكاتب أن يقدم مادته الإبداعية وفق فهمه للجنس الذي يكتب فيه، رواية كان أو قصة أو شعرا أو مسرحا، ووفق قناعاته الحياتية من جهة ثانية، واضعا نصب عينيه أن هناك متلقيًا لهذه الرسالة، وأنه سيتقاسم معه مهمة فهم النص. لذا فإن علاقة الكاتب بالقارئ يجب أن تكون علاقة احترام متبادل، ووصل متبادل، وإلا أصابها شيء من الخلل. دون أن يعني ذلك نزول الكاتب عند رغبات القارئ، بل عند مهمة الفن بأن يكون محركاً ومبشرا بحياة أفضل للإنسان، وأنه، أي الفن، قادر على تقديم ما تعجز الحياة الواقعية عن تقديمه للإنسان.

الروائي يوسف المحميد: الكاتب هو ضمير مجتمع، مسكون بالقلق والأمل معا
أعتقد أن جزءاً من مواصفات باولو تعد منطقية، ومعروفة في الستينات عربياً، وفي مطلع الثمانينات محلياً، من استخدام مصطلحات وأفكار كبرى، لكنني لم أحب نبرة السخرية في مواصفاته، فمن الطبيعي أن يغضب الكاتب ويشعر بالإحباط، ليس فقط كتاب العالم الثالث، بل حتى أبرز كتاب العالم الأول المتقدم يمتلكون غضباً وإحباطاً، هاهو الأميركي بول أوستر يشعر بالغضب دائماً، وغيره من الأميركيين الذين يعيشون في ما يسمى بلد الحرية والديمقراطية، كيف إذن سيكون حال الكاتب العربي؟؟ فالكاتب هو ضمير مجتمع، مسكون بالقلق والأمل معا. لست مع تجزئة الأدب، إلى أدب رفيع وأدب رقيع، هذا كلام فارغ ومراوغ، إنما هناك أدب جيد وأدب رديء، فالأدب الذي لا يحقق شروطه الفنية والجمالية، ويصنع جدّته وفرادته، سواء في موضوعه أو أسلوبه، لن يكون أدباً جيداً، حتى لو كُتب بلغة شعرية فخمة وإيحائية، غامضة أو واضحة، فروائع دوستويفسكي مثلاً، كانت مقروءة على نطاق واسع، وفي الوقت ذاته لا يمكن الشك بأنها ليست أدباً رفيعاً.. أما الكاتب العربي فهو يكتب حتماً لقارئ عربي مشغول في البحث عن لقمة عيش منهوبة، فضلاً عن نهب أي احتمال تنويري من شأنه أن يجعله ينمو ويفكر بشكل طبيعي.

الروائي محمد العشري: لم تشغلني كثيراً تلك الأسئلة.
هذا سؤال من الأسئلة الوجودية الكبرى، تلك الأسئلة المفخخة التي لا نجد لها إجابة على شكل واضح، مثل: ما الحياة؟!، لأنه كلما حاولنا أن نلمس جوهره، نجد أننا نبتعد عن لمس الحقيقة بعينها، وتبدو تلك المحاولات نسجا من الخيال. وما ذكره باولو كويلو ينطبق على كتاب قليلين في فترة الستينات وفي كتابات بعض أسماء ما تلاها من فترات حتى وقتنا الراهن، وكل من تصدى للإجابة عن هكذا أسئلة لم يلمس جزءا ولو بسيطاً من الحقيقة المختبئة في داخله، ولم يتعد القشور الأولى، وفي ظني أن من يكتب إذا وصل إلى جواب لسؤال على هذا النحو، ستغير تلك الإجابة في كيانه على نحو كبير. لم تشغلني كثيراً تلك الأسئلة، لأنني ببساطة، أبحث عن طريقة ما للتعبير عن نفسي، بكل ما يعتريها من متغيرات وأهواء وثوابت، وجدت ذلك في الكتابة بشكل عام، وكتابة الرواية على نحو خاص، وأحاول أن أكتشف بيئات جديدة، باختصار يمكنني أن أقول إنني ألهو وأستمتع وأتسلى بالكتابة، للخلاص بروحي من ضجيج العالم، وما نعيشه من متناقضات، والأهم أنني أحاول أن أجرب وأبتكر في اللغة وأعجنها بأشياء من الواقع، وأشياء من الخيال، وبعض من العلوم، مستغلاً خلفيّتي العلمية، لأحقق في الكتابة مخترعات تراودني من وقت لآخر، ولا أجد المناخ أو المكان المناسب لتحقيقها عملياً، أو التفرغ لها بشكل كامل. وبالتأكيد، أكون في منتهى السعادة إذا لمست تلك الأشياء قارئاً، أو عبرت عنه، أو تفاعلت معها بشكل أو بآخر.

الروائي إبراهيم فرغلي: يكتب الكاتب لكل صاحب عقل ووعي
الحقيقة أن ما يقوله كويليو في اغلبه مجرد خطاب تجاري يدغدغ به مشاعر قرائه من المراهقين، وهو خطاب يشبه الخطاب الذي يستخدمه كتابه الأكثر مبيعاً في مصر والعالم العربي الآن. لقد اطلعنا جميعا على إنتاج الستينات في الغرب وهناك مستويات عدة، كانت هناك قصة شعبية بسيطة يقرأها المراهقون مثل قصة حب، ونجحت بسبب الفيلم، وهناك أعمال مهمة كثيرة مثل أعمال هيمنجواي، وكونديرا، وسارتر، وألبير كامو، كلود سيمون، الان روب جرييه، جون فاولز، هيرمن هسه، جونتر جراس، د.ه.لورانس وسواهم كثر، ولمثقفين كبار أمثال تودوروف، سوزان سونتاج، رولان بارت، أندريه جيد، جان بودريار، وغيرهم. والأمر نفسه في العالم العربي الذي تجلى به العديد من الأسماء البارزة. الفكرة أن الإنتاج الروائي في الستينات كان استجابة لحركة عالمية من التحرر في الفكر من كافة الأفكار البورجوازية اجتماعيا وفكريا، وواكب ذلك حركة فكرية وأدبية ونسوية في أوروبا، ومنها إلى أرجاء العالم. وهو ما ساهم في خلق تيارات جديدة مثل مسرح العبث، ومحاولات الرواية المتخلصة من الأطر التقليدية الكلاسيكية، وهذا كان له صدى في العالم العربي، بعد إحساس جيل الستينات أن المنجز السردي الكلاسيكي قد أنجز مهامه، وانتهت فكرة الحدوتة التقليدية وخلق جيل الستينات بالفعل أنماطا جديدة من الكتابة، لا يعيبه إلا أن بعضهم خلط بين الإيديولوجي والسياسي وبين الأدب. ما يقوله كويليو هو شكل كاريكاتوري لأنصاف المواهب، الذين يدعون أنهم كتّابٌ، وهم ليسوا كذلك، ولا علاقة لذلك بالأجيال، بقدر ما له علاقة بمناخ يسمح بوجود أدعياء سواء ادعوا أنهم معقدون لا يفقه أحد ما يكتبون أو كانوا مسطحين ومباشرين، وهو نموذج صاغه الكاتب العراقي علي بدر ببراعة في روايته بابا سارتر. يكتب الكاتب لكل صاحب عقل ووعي، ولكل إنسان يعلي من قيمة العقل ويعرف أن الأفكار تنتج من عقل وتتحاور مع عقول أخرى، ويكتب أيضا لقارئ يهتم بكاتب يحترم عقله.


الروائي والشاعر أنور الخطيب: الكتابة الإبداعية هي عملية ذاتية في المقام الأول.
باولو كويلو لا يطبق هذه الصفات في كتاباته الروائية أو الصحافية، فهو واضح ومفهوم وممتع لمختلف شرائح القراء، ولو كان الكاتب كذلك لانفض الناس والكتاب والنقاد من حوله، ولا أعتقد أبدا أن كتّاب مرحلة الستينات يؤمنون بهذا أو ينطبق عليهم، إلا إذا تعلق الأمر بالمدرسة السريالية التي لم تعمّر طويلا، ولا شك أن هناك استثناءات، ولكنها لا تشكل قاعدة أبدا. أما سؤال لمن يكتب الكاتب العربي، فجوابه أن دافع كل كاتب يختلف عن الآخر، إلا أن ما يجمعهم هو أنهم يكتبون لأنفسهم في المقام الأول، أي إن الكتابة ولاسيّما الكتابة الإبداعية هي عملية ذاتية في المقام الأول، وإن تطرقت إلى قضايا عامة، لأن عملية الكتابة الإبداعية تسد ثقبا كبيرا في نفس الكاتب، وتبرر له حياته، وتوازنه أمام الخلل العام الذي يضرب الحياة العربية، فهو ليس كاتبا متفرّغاً، وهذا يعني أن فعل الكتابة لديه هو مناوشة للحياة وللذات، وهي مناوشة غير تلقائية بسبب ضعف مستوى حرية التعبير، وهي غير مدروسة بسبب عدم توفر الوقت للبحث، فالكاتب العربي تطحنه الوظيفة، ويتجاهله النقاد، وتؤرقه المطالب اليومية للحياة، فهل تجرؤ دولة على وضع نظام تفرّغ المبدع؟ وهل يجرؤ الناشر على تقديم كشف حساب لتوزيع كتب المبدع أو أي كتاب آخر.. لا أعتقد ذلك..

الشاعر إسلام سمحان: رسالة الكاتب أكبر وأعظم من التسويق والترويج.
بداية بالنسبة إلى باولو كويلو لا اعتقد انه حين كتابته تلك الصفات كان في نزهة وأظن انه كان يمر في أوقات عصيبة جعلته يقول ذلك ولو تابعنا نتاج كويلو لوجدناه عكس ما يقول فهو كاتب أممي ولا يكتب للنخبة عكس جوستاين غاردر مثلا وروايته المشهورة عالم صوفي والتي تدور حول الفلسفة وتاريخها.. وعكس درويش في بعض الأحيان إذ توصف قصيدته بالمثقفة والنخبوية في بعض المرات. وحول لمن يكتب الكاتب العربي فببساطة أقول إن العديد من الجمهور العربي يهتم بالقراءة وموضة القول إننا امة لا تقرأ هي بالية وقديمة وسوداوية ولو أردت أن اضرب أمثلة لروايات عربية صدرت حديثا فسوف تجدين أن معظمها قد فقدت من الأسواق لتزايد الطلب عليها وأريد أن أؤكد أن الرواية رائجة أكثر من أي جنس أدبي آخر إذ إنها تعبر عن حالة وجدانية أو سياسية أو اجتماعية بطريقة ممتعة أكثر من الشعر الذي غلب عليه الطابع التراجيدي والدرامي والفنتازي أحيانا ولكن لا بد من الإشارة إلى أن آلة الإعلام تعد سببا قويا في الترويج لبعض الكتاب ويرتبط معظمها بالعلاقات الشخصية والشللية الشيء الذي يجعل الكثير من الكتاب يبتعدون عن الوسط الأدبي لاعتقادهم بأن لا حصة لهم فيه. وأخيرا لا أظن أن من الأهمية أن يبحث الكاتب العربي عمن يقرأ له وليس من الضرورة أن يوجه الكاتب العربي نتاجه الإبداعي لفئة ما كما أرى انه لا يوجد داع لان ينشغل الكاتب بمثل هذه القضايا لان رسالته اكبر وأجلّ وأعظم من التسويق والترويج.

الشاعرة سمر دياب: أنا عن نفسي أكتب لي ولمن يقرأني.
من الصعب تحديد صفات جاهزة للكاتب وكأننا نتعامل مع وصفة سريعة التحضير، على الكاتب أن يكون كذا وكذا وعليه ألا يكون كذا، جلّ ما يمكننا فعله أمام تلك الصفات المضحكة المبكية التي ساقها كويلو هو الاعتماد على أنفسنا في مهمة التفريق بين من يمارسون فعل الكتابة وهم كثر، وبين الكتاب الفعليين الذين بدورهم لا ينتمون أيضاً إلى نسغ واحد، فالشاعر ليس هو الروائي وهذا الأخير ليس نفسه المسرحي، هناك خصوصية حادّة في التعامل مع أدوات اللغة والمخيلة والقارئ تحديدا ًً عند كلّ منهم، هذه الخصوصية هي التي تحدد شكل الخطاب الأدبي وهوية المخاطب بالضرورة. لا أعرف حقيقة كيف كان الكاتب العربي في الستينات ولا أملك فكرة كيف هو اليوم، ما أعرفه أن الكتابة بكل أشكالها هي فعل اختمار لرؤى قد تكون متجذرة في الواقع وقد تكون سابحة في عالم شديد المتخيل والتركيب. أميل إلى الاعتقاد أن هناك فعلاً كتابة جماهيرية وأخرى نخبوية وبالتالي هناك كاتب جماهيري وآخر نخبوي ولكلّ جمهوره ومريدوه هذا إذا كنا متفائلين جداَ وصدّقنا أن للكتابة جماهير اليوم. أما السؤال الأزلي لمن يكتب الكاتب العربي.. فإجابته باتت خارج السؤال نفسه نجد جزءًا منها عند كل كاتب. أنا عن نفسي أكتب لي ولمن يقرأني.

الكاتب والمخرج المسرحي كاظم النصار: الكاتب صاحب رسالة
دون مرجعيات جاهزة ودون الاستناد إلى تجارب أخرى لوظيفة الكاتب وماهيته، أرى أن الكاتب بالأحرى مثقف احتجاجي يقدم الشرف على الراحة كما يقول هيرمان هيسة، وهو لا ينظر إلى اللوحة فحسب إنما ينظر إلى الحائط الذي يحتضن اللوحة. انه مشروع الكاتب الرسولي أو الرسالي الذي لا يحتفي بالجمال ويصنعه إنما يدافع عن القبح وهو صانع رأي عام ومحرض جمالي. وتزيد هذه الوظائف والأهمية كلما اقتربنا من محيطنا العربي الذي يسوده القهر واستلاب الحريات وعدم المساواة والعدالة. وليست وظيفة الكاتب اليوم وظيفة تقنية أو مهنية انه يقدم رؤية متقدمة لميثولوجيا وثقافة ومناخ بلده وشعبه، بالأحرى انه مدافع عنيد عن القيم وخاصة الحرية والجمال وطبعا متسلح بالمعارف الأسلوبية والمضامين ليست المتضخمة ويقدم طبقا شهيا للمتلقي ليس بالضرورة متعاليا أو مقحما أو مستعرضا لمجمل المصطلحات التي ذكرها السؤال، إنها ليست وظيفة فحسب وليست تباري أساليب أيضا، إنها مسؤولية أخلاقية وتاريخية شجاعة تتصدى للظلام والجهل والأمية والعنف. واعتقد أيضا أن الكتابة هي لحظة تنويرية تكبر كلما كبرت أهداف الكاتب وكلما كان همه إزاء بلاده وأمته عاليا. لا اعتقد أن الجواب الذي نسمعه من كتاب أنهم يتسلون جادا، ليست الكتابة تسلية وليست لعبة، هذه إجابات مراوغة تريد التملص من المسؤولية.الكتابة في مجتمعاتنا قد تكون لعبًا في النار إذا كانت تستهدف الظلم والتخلف والتسلط والظلام. ولكن أليس الكاتب رسولا، لننظر إليهم إلى الرسل ألم يدفعوا حيواتهم ثمنا من اجل أن تكون الحياة اقل ظلما وجورا واقرب إلى الله.

[email protected]