عبد الجبار العتابي من بغداد: انتهى المخرج السينمائي العراقي هادي الادريسي من فيلمه التسجيلي الذي يحمل عنوان (رقص العصافير) انتاج دائرة السينما والمسرح، وهو الذي رسم له السيناريو، معتمدا على اسلوب روائي في الطرح والاخراج وتصدى فيه الى تاريخ وطقوس الرقص الشعبي في العراق مستفيدا من رقصات فرقة الفنون الشعبية ومتصديا لرأي الدين في هذا الموضوع.
يقول الادريسي: الفيلم هو الاول من نوعه في العراق، يسلط الضوء على الفنون الشعبية والفلكور وممارسة الطقوس الشعبية من خلال الرقص الذي يعد احدى سمات التعبير الانساني للمجتمعات العراقية على مختلف العصور والازمان لما لهذه الفنون من اهمية تعبر عن طبيعة المجتعات وطرق تعاملها الحياتية وفيهها اشارات الى المستوى الحضاري الذي تكون عليه، وقداخذت المحور الرئيسي هو فرقة الفنون الشعبية العراقية ومن خلالها طرحت مرجعية الفن الشعبي التي نسبتها الى المجتمع الاول السومري والى ما بعد السومريين والى المجتمع العشائري من خلال ممارسته لطقوسه كالدبكات والرقصات الفرية والجماعية وغيرها، واخذت اكثر من بيئة كالبدوية والحضرية والريفية وطرق مارستها لطقوسها في الافراح والاحزان، كما اخذت جانبا اخر وهو تأسيس ومشاركات الفرقة القومية للفنون الشعبية العراقية، ويمكن الاشارة الى هناك اختراق حدث في الفيلم، كما أكد ذلك المدير العام لدائرة السينما والمسرح، واشار اليه بعض المختصين من انه لاول مرة يطرح في كل وسائل الاعلام والاعمال الفنية والدرامية والتسجيلية رأي الشرع والشارع الديني عموما في الفن وفي الرقص الشعبي، اخذته من خلال استضافة شخصية مفكر اسلامي تحدث في عموم الفن والفن الشعبي تحديدا، وكان رأيه ايجابيا، وهذا سماه الاخرون (اختراق) و (مجازفة) لان الكثيرين يخشون ان يناقشوا الامر من وجهة نظر دينية.
واضاف: الفيلم مدته 35 دقيقة، ولم تتجاوز ميزانيته وجبة عشاء مسؤول وهي ثلاثة ملايين دينار عراقي، اي نحو 2500 دولار، امضيت في انتاج الفيلم مساحة زمنية طويلة وصلت الى 360 يوما، ابتداء من التحضير له والتصوير والمونتاج، وفي الفيلم ازياء صيفية وشتائية،واعتمدت في الفيلم على وجهة نظري الخاصة اولا وعلى مصادر تاريخية مما حفظته لنا الكتب التي تتناول تاريخ الفنون في العراقية، كما استعنت بمدير الفرقة القومية للفنون الشعبية فؤاد ذنون الذي وضعت امامه نقاطا اساسية للتحدث عنها، كما كانت لي لقاءات مع شخصيات من عمق البيئات العراقية المختلفة فضلا عن مشاهدة اعمال قديمة مما حفظه الارشيف كذلك تعاون معي بعض الفنانين من خلال تزويدي ببعض اللقطات التي احتاجها، ولكن في المجمل اعتمدت على وجهة نظري.
وتابع الادريسي: نحن الان نفتقر للفيلم السينمائي الخام، لذلك لم اصور فيلمي على شريط سينمائي لكن هناك طرح سينمائي ورؤية سينمائية، الفيلم تسجيلي طويل لكنه يقترب من الاسلوب الروائي، كما ان اسلوبه سينمائي من خلال اللقطة والاضاءة والايقاع والمونتاج، ولكن نفتقر للكاميرا السينمائية والمونتاج السينمائي ولكننا نطلق عليه (سينمائي)، كما انني اشتغلت على توظيف اعضاء الفرقة لتمثيل ما اريده من خلال ادائهم لبعض الحركات والرقصات وبعض الاداء العادي في الحياة من خلال معايشتي معهم في الفرقة،كما شاركت في الفيلم شخصيات معروفة مثل د. شفيق المهدي والفنان سامي عبد الحميد ود. كريم عبود عميد كلية الفنون الجميلة في البصرة.
واختتم الادريسي حديثه بالقول: اسميت فيلمي رقص العصافير، وما اجمل العصافير حين ترقص، اجد ان فنوننا الشعبية ورقصاتنا الجميلة والمعبرة تشبه العصافير حين ترقص وتتناغم في حركاتها الجميلة، وأردت ان اقول للعالم من خلال هذا الفيلم ان هذا هو تراثنا الجميل، هذا هو عمقنا الحضاري،هذا هو رقصنا الشعبي الذي يتميز عن سواه بجماليات ايقاعاته ولوحاته وحركاته،ربما اردت ان اقول للعالم ايضا ان هذا هو رقصنا الذي يأتي من احزاننا ومن كبتنا الروحي ومن معاناتنا اليومية، ربما ينطبق علينا قول الشاعر(لا تحسبنّ رقصي بينكم طرباً / فالطير يرقص مذبوحاً من الألمِ)، وكما نعرف هناك رقص النوارس حيث يقال ان النورس اذا ما غرقت حبيبته يطير الى عنان السماء ويغطس في الماء منتحرا، الاسم الذي اخترته هو ان رقصنا الشعبي في مجمله مثل رقص العصافير جميل بكل تفاصيله وان جاء من معاناة او عبر عن احزان، لكنه يبقى يحمل نكهته، يبقى يرمز لاشياء كثيرة في حياتنا كما انه يعني حبنا للحياة وتفاعلنا معها من خلال هذا اللون من الفن.