(1)
في غرفة بلا نافذة، أمسكٌ على ما تبقى من رأسي
خشية سقوطه في ترعةً يابسة، في غابة مهجورة،
هنا، حيث ترتع بالقرب مني سكاكين الشبيحة، غثيان
بعيرها الأول، كوابيسه المليونية، أسنانه ومخالبه المعقوفةِ.
شقيقتي وبضعة نساء معها ذهبن اليوم لجلب المياه من
جبال عارية، من بقاع مغلقة، من أنهار تعوم على سطحها
جثث ربيعية.

(2)
في اليمن السعيد أخذني والدي من يدي والنعاس ما
زال يغوي عيني، سحبَ من جيبه بطاقة هويته العسكرية و
مزقها إرباً؛ لتعجل خطواتك يا أبني الوحيد ربما
سيعود سبع صنعاء إلى عرينه، تعال لترى الزهور في
ساحة التغيير، مكاننا ليس هنا، في جنة عدن أو قرب
نافورة الدماء الساخنة، بل هناك، حيث تتجذر عروق التربة
الثورة.

(3)
تمشي جدارية التحرير بوجوه ناسها الأليفة، أجل
أعرفهم من قمصانهم الملونة، أبناء المحلة، ماذا يريدون؟
الشمس، الحرية، ملأ بطاقة التموين بالأغذية، الغاء الدستور،
إعادة الأنتخابات، طرد المحتل، القفز في الهواء الطلق دون
تلقي أمطاراً من العصي الغليظة فوق ظهورهم، العدالة،
تبليط الشوارع، أطلاق سراح الشباب الأربعة.

(4)
جسر الشغور، درعا، قاسيون، هكذا تتلألأ الدمعة،
من يدٍ إلى أخرى بالكاد تصل لقمة الخبز، تنور المباغتةِ
خيم بيضاء تمتد من البلد حتى حدود الجارة، تمر طبول
وبساطيل الجيوش المنتقمةِ، يفتحون هنا مقبرة، هناك مقبرة،
يتبارون بأخذ الصور من فوق الأجساد الممددة، نسمع صرخة،
نصغي للرياح، للدمدمة، شيخ تعلكه طواحين القائد الشرسة،
آه
لم هذا الغضب على الربيع وحقوله بالكاد قد تفتحت؟ لمَ
تمسح آثاره مع صياح الديوك والأيادي الملوحة؟ سلمية
سلمية، يا تاريخ الأرامل، يا روزنامة القهر والمذلةِ
الله،
حرية،
سوريا
وبس.