عبد الرحمن الماجدي من صقلية: الماء بسحره الشاسع يجذب السينما إليه كسحر مضاف، فيلتقيان على شاطئ المتوسط في ليالي الصيف الرطبة، ليكون المتلقى جزءًا من ا


رئيس مؤسسة هورشينوس أوركا غاتيانو جونتا
لمشهد، حيث تزيد متعته في متابعة الفيلم على مقربة أمتار قليلة من شاطئ البحر، وسط جمهور غاية في اللطافة وبيئة البحر الأبيض المتوسط الذي يربط أوروبا بآسيا وأفريقيا ويمتد نحو المحيط الأطلسي، حيث تحيلك تضاريس المكان من جبال وغابات وبحر يحيط بها من اكثر من جهة في العالم القديم الذي شهد ازدهار حضارة الاغريق والفينيقيين والفراعنة والرومان وصولاً إلى الحضارة الاسلامية.

عروض مهرجان هورشينوس أوركا الايطالي، في مدينة ميسّينا الصقلية الواقعة في شمال شرق جزيرة صقلية الايطالية، كرّست مشهديتها في صالة العرض المتخذة من الفضاء الليلي قرب البحر مكانًا لعرض أفلامها.

لكن هناك قصة أخرى للمهرجان الذي لم نكن نعرف عنه منذ نحو خمس سنوات سوى وجهه السينمائي من خلال فعالية بحر السينما العربية. ويتحمل الصحافيون العرب الذين غطوا فعالياته السابقة تغييب شموليته لفعاليات أخرى فنية واقتصادية وبيئية وحتى سياسية.

ففيه تلتقي بخبير الاقتصاد والناشط البيئي والفنان التشكيلي والموسيقي والأديب جمعتهم مؤسسة هوريسينوس أوركا في مدينة ميسّينا الصقلية، متوزعين على ساعات اليوم ضمن ندوات ومؤتمرات غايتها الخروج بأفكار خلاقة تخدم الانسان وذائقته والبيئة أيضاً.

رئيس مؤسسة هورشينوس أوركا غاتيانو جونتا قال لإيلاف إن المهرجان يستند في عمله إلى ثلاثة فضاءات أساسية هي البحث العلمي الخاص بتقنيات البيئة البحرية، حيث نجري الآن تقنيات جديدة لتوليد الطاقة الكهربائية من التيارات البحرية.

صالة كامل شياع -عدسة إيلاف

والفضاء الثاني الخاص بالبحر المتوسط والفنون التشكيلية، حيث نركز على الجانب السينمائي وعلى المسرح والأدب بشكل عام، لكونه يستقرئ مايحدث في المستقبل مثل حلم الشعوب بنيل الحرية الذي يتحقق الآن عربياً.

أما الفضاء الثالث فهو الاقتصاد ذو الطابع الاجتماعي وضمن إطار المايكرو كريتيت واخلاقيات المال.

ويضيف جونتا أن مايهمّنا هو العمل على تقاطع هذه الفضاءات الثلاثة مع بعضها بعضًا وضمن إطار البحر الابيض المتوسط كمكان يجمعنا.

وقد خصصت ساعات الصباح والنهار للفعاليات البحثية والاقتصادية، فيما كانت هناكساعات للسينما.
ما يميز المهرجان هو تخصيصه فعالية تمتد لأربعة أيام للسينما العربية دون غيرها. ويرى رئيس مؤسسة المهرجان أن ذلكنتج من اعتقادنا أن أمام دول البحر المتوسط خيارًا واحدًا هو أننا إما أن نغرق جميعًا أو ننقذ أنفسنا معاً.

أي إنها الجغرافيا التي تحتم على الدول المتشاطئة على البحر المتوسط اتخاذ قرارتها. ويضيف إن تقاربنا الجغرافي كان دافعًا في تخصيص فعالية السينما العربية في مهرجاننا. ونرى أن الدول العربية ومايحدث فيها اليوم من حراك ديمقراطي صاخب سيقربنا أكثر، خاصة حين تؤسس

المفكر العراقي الراحل كامل شياع

لنموذج ديمقراطي خاص بها، ليس مستنسخًا من الديمقراطية الغربية. وقد خصص المهرجان ضمن فعالته quot;بحر السينما العربيةquot; التي يشرف عليها السينمائي العراقي عرفان رشيد يومًا للحديث عن ثورات الربيع العربي.

مؤسسة المهرجان أطلقت على صالتها الكبرى اسم كامل شياع المفكر العراقي الذي اغتيل في بغداد، حيث كان يعمل كمستشار في وزارة الثقافة العراقية في الثالث والعشرين من شهر آب/أغسطس عام 2007.

والصالة عبارة عن قلعة أثرية تحوي أكثر من صالة عرض ومحاضرات، كان شياغ حاضرًا فيها، ولمّا يزل عدد من رواد المهرجان يحمل ذكرى حنونة ومؤلمة عنه، لعل السيد غاتيانو جونتا أبرزهم، حيث يقول لإيلاف إن سبب إطلاقه اسم كامل شياع على هذه الصالة هو أن هناك أكثر من سبب، أولها الاحترام الكبير، غمرنا به ونحن نلتقيه، إضافة إلى ثقافته العالية وحبه الكبير لوطنه، وقد أدرك كامل شياع في وقت مبكر أن الحل في بناء دولة عصرية مدنية في العراق، حيث تلعب الثقافة دورًا جوهرياً. فكل هذه القيم لدى شياع هي قيم كونية.

السبب الثاني أننا بقرارنا هذا أردنا أن نصرخ بوجه العالم ونقول إن كل الشهداء يحملون الصفة نفسها، خاصة في تلك الأيام من أيام العراق، الذي كان يشهد كل يوم المئات من الشهداء فيه، من دون أن يرفّ للعالم جفن، فيما يهتز هذا العالم لو قتل بالطريقة نفسهامواطن أوروبي.

فوق ذلك، فإن كامل شياع بالنسبة إلينا كإيطاليين هو شهيد المدنية تماماً مثل القضاة الايطاليين الشهداء الذين وقفوا في وجه المافيا كالقاضي جوفاني فالكوتي وباولو بورسيللينو وقضاة آخرين ناضلوا من أجل مجتمع مدني وحضاري.

يذكر أن فعاليات مهرجان هورشينوس أوركا تمتد منذ العشرين من شهر آب/أغسطس الجاري وحتى الثامن والعشرين منه. ويشاركفيه مبدعون ومتخصصون من دول عدة من أوروبا وآسيا وأفريقيا.