لندن: أقام المركز الثقافى العراقى يوم الجمعة 27 أيلول 2013 أمسية لعرض فلم (الظامئون) إضافة إلى حوار مع بطلته ناهدة الرماح حيث يحاورها المخرج والممثل العراقى جمال أمين. وقد كانت الأمسية فى بناية المركز فى شفربوش.المركز بإدارة عبد الرحمن الدليمى صهر وزير الثقافة ووكيل وزارة الدفاع سعدون الدليمى، ولا أدرى كيف تجتمع وزارتان متعارضتان وهما الثقافة والدفاع فى شخص واحد فيكون المقرب والمدلل من رئيس الحزب الحاكم ثم يجعل صهره رئيسا للمركز فى لندن تم عرض فلم (الظامئون) وهو من الافلام المهمة المشهورة والحائز على جوائز تقديرية عديدة ويستغرق ساعة ونصف ومن إخراج محمد شكري جميل، تم عرضه لأول مرة بتاريخ 25 أيلول (سبتمبر) 1972

يحكي الفلم قصة قرية عراقية تعانى العطش ويعد ابناؤها بالاتجاه إلى المقاومة والبحث عن الماء حتى يعثروا عليه، وتلتحم الشخصيات حول الشيخ زايد الراضى، الذى يواجه متاعب اعتاد عليها، فالأرض التى يعيش فوقها بالغة القسوة فجفت ينابيع المياه، يفكر أهل المنطقة فى الهجرة إلى أماكن بعيدة، لكن الشيخ الزاير لا يستسلم بسهولة، يقرر أن يحفر البئر بحثًا عن الحياة، لكن التجربة الأولى تفشل، يستكمل المحاولة مرة تلو المرة حتى تنحج المحاولات لايجاد المياه وبنجاح باهر أخيرا وهذا الفلم من تمثيل نخبة من النجوم الكبار وهم خليل شوقي، ناهدة الرماح، فوزية عارف ، سعدي يونس ، سلمان الجوهر، مي شوقي ، سامي قفطان ، طالب الفراتي

لازال الفلم العراقى فى ذاكرة العراقيين لما كانت تمثله المؤسسة العراقية للسينما وأفلامها المبدعة آنذاك ولما يحمله الفلم نفسه من رسائل عديدة وفيه كبار الممثلين وفيها تاريخ حقبة كانت السينما العراقية يشار لها بالبنان فيما نفتقده فى الوقت المعاصر والكثير من المفارقات والمقاربات فى الواقع العراقى المعاصر

يبدأ الفلم بصرخة امرأة حيث تجتمع كل القرية لصراخها حيث تبين قيم العوائل وحميتها ملبية صرخة امرأة واحدة وهى حليمة (ناهدة الرماح) نتيجة موت نعجتها من العطش ليدخل فى مشاكل القبائل فى الريف لاسيما العطش وأهمية المياه وسيلة الحياة عندهم لذلك تبدأ قصة حفر البئر لعلاج المشكلة وردود تفاعل أهلها حول الحدث

بعد الفلم تطرقت الممثلة الكبيرة ناهدة الرماح إلى أهمية الفلم وأثره الكبير آنذاك والمحن الطويلة التى عايشها الممثلون فى الريف لتأدية أدوار صعبة جديدة لاسيما حياة الريف وعاداتهم ومبيتهم فى الخيم الباردة وتعاملهم مع الحيوانات فى الفلم كما تطرقت إلى العلاقة الحميمية التى ربطتها مع أبناء الريف حتى بات بعضهم يمثل فى الفلم لأول مرة وهو لايعرف التمثيل مثل أم حسنة. وتطرقت إلى الفرق بين التمثيل المسرحى وتمثيل الأفلام وتطبيقها على الواقع العراقى. كما تطرقت إلى الفلم فى التعبير عن قصص واقعية للمجتمع العراقى والحياة الإجتماعية للريف الزاخر بالقيم وتطرقت إلى التصوير والإخراج آنذاك لنعيش أجواء السينما العراقية فى تلك الحقبة التاريخية

وأكدت ناهدة الرماح على مقص الرقيب الحالى الذى يحذف مقاطع كاملة وكذلك أجزاء عديدة من مقاطع مختلفة وذكرت الرماح أن قناة العراقية الرسمية عندما عرضت الفلم كذلك حذفت مقاطع كثيرة وأجزاء متعددة من مقاطع أخرى وهو غير مبرر. ويعتقد الكثيرون أن سيطرة الأحزاب الدينية كان وراء حذف المقاطع العديدة لاسيما علاقة الحب بين حليمة (ناهدة الرماح) وحسين (سامى قفطان)، حتى أن المركز الثقافى الذى يحتل موقعا كان حسينية وبات المركز حسينية فى الكثير من نشاطاته ففى رمضان الإفطار وبرامج من تحول فى دينه إلى الإسلام ولاسيما مقص الرقيب وحذف ما يعترض عليه الأحزاب الدينية الحاكمة ومنع الكثير من الوطنيين الشرفاء من أى دور فى المركز بينما يشغله أشخاص لاعلاقة لهم بالثقافة من قريب أو بعيد، ولو لم يكن مديره عبد الرحمن صهر وزير الثقافة لما حظى بهذه الميزانية الهائلة والفساد المالى والإدارى الكبير جدا

كان مقص الرقيب أسوأ حالة غير حضارية يعيشها المركز الثقافى وهى التى أساءت بشكل كبير للثقافة وما تعانيه اليوم من تخلف وتراجع أزعج الحضور كثيراأشارت الفنانة الرماح إلى مشكلة تعدد المخرجين الذين تناوبوا على الفلم لإخراجه حتى آلت أخيرا إلى محمد شكري جميل الذى قام بإخراجه أخيرا

أكدت الرماح على بعض الأخطاء الفنية حيث عرضت ما يعارض الفكرة من الغيوم والمطر المتزايد عدة مرات بينما الفلم عن العطش وعدم توفر المياه، وكون الموسيقى ملازمة للفلم كله وصوتها أعلى من المتحدثين، إضافة إلى تعدد اللهجات المختلفة لأهل الجنوب والغرب العراقيين لاسيما بعضهم اللهجة البغدادية والبعض لهجة الريف كما ذكرت الإنحياز إلى الجانب التجارى على حساب السيناريو الفنى مما جعلها ترفض ذلك العرض للخروج عن السيناريو المتفق عليههذا وقد ذكر الممثل والمخرج العراقى جمال أمين الذى أدار الندوة والحوار وجواب بعض المتداخلين أن لاتوجد سينما عراقية ولا صناعة سينما بل مجرد بعض الأفلام وذكر عدم انتاج أفلام منذ 1993 وحتى 2008 والتردى الموجود حاليا ولا توجد أى خطة عملية ولو خمسية لعلاج ذلك

إنّ الفلم يتطرق بجرئة عن المرأة وما تعانيه فى المجتمع الريفى لاسيما فى قصة عشق حليمة حتى باتت حاملا من خلال علاقتها بحسين بعد أن خلعت لباس السواد والحزن وكيف يمكن مواجهة القبيلة بالحمل وردود فعلهم ضد المرأة لا الرجل وما تعانيه المرأة الريفية من العار أو القتل ... وقصة حرق بيت حسنة وغيرها ويبدو لازالت المرأة تعانى الكثير من سيطرة الأحزاب الدينية اليوم

إن الفلم يطرح مشاكل أساسية من حيث الصراعات العشائرية والخلافات الجزئية التى تصبح كبيرة كذلك الفرق بين أصحاب الشعارات مع أصحاب الأفعال الحقيقيين الذين نزلوا إلى حفر البئر. إضافة إلى ما يطرحه البعض من مسأله الهجرة إلى المدينة لمعالجة المشاكل المعاصرة بينما يصر البعض على البقاء وتحدى الصعاب ومقاومتها حيث لازال الكثير من الشعب اليوم يعيش الهجرة والغربة بعيدا عن الوطن العاشق له كما يطمح فى الهجرة ملايين العراقيين المعانين فى الداخل والوطن يعيش المحن والفساد والإستغلال بينما يعيش البعض الإصرار والتحدى كانت نتيجة الفلم خروج الماء بعد المعاناة وفرحهم بعد إصرارهم ... فكم يعانى العراقيون اليوم حتى تنتهى مآسيهم التى تتزايد يوما بعد آخرإن قصة الظمأ تمثل الظمأ العراقى إلى يومنا هذا، الظمأ إلى الحرية والكرامة وأبسط الحقوق فلازال الشعب ظمآنا بعيدا عنها أشد البعدرغم ادعاء بغداد عاصمة الثقافة والميزانيات الهائلة جدا لذلك لكن عدم وجود برامج وخطط حقيقية لصنع ذلك فى القريبالفلم قد عرض أمام الحضور بشكل بدائى جدا من خلال موقع يوتيوب بتصوير ردئ جدا متقطع يتلاعب به صاحب الكومبيوتر مرارا وتكرارا لمراقبته ومتابعته وحذف بعض مقاطعه بشكل يعطى انطباعا سيئا حتى عبرت بعض الحضور عن سعادتهم بعدم حضور الشباب لأنه سوف ينفّرهم من العرض كليا وقد يعطى رسالة خاطئة حيث انزعج الحضور كثيرعلما أنّ ناهدة الرماح صرّحت أنها تملك نسخة جيدة كاملة للفلم كان يمكن عرضها بشكل أفضل بكثير جدا مما عرض اليوم