&
تدفق ثناء النقاد على النسخة السينمائية الجديدة لمسرحية ماكبث من اخراج جاستن كورزيل وبطولة مايكل فاسبندر وماريون كوتيلارد بغزارة الدماء التي كانت تُسفك في اسكتلندا خلال القرن الحادي عشر التي اختارها شكسبير مكانا لأحداث مأساته الرائعة. وبعد عرض الفيلم في مهرجان كان تساءل الناقد السينمائي لصحيفة الديلي تلغراف روبي كولن إن لم يكن عمل كورزيل أفضل اخراج سينمائي لأحدى مسرحيات شكسبير حتى الآن. وينضم كورزيل الى قائمة من كبار السينمائيين بينهم رومان بولانسكي في عام 1971 واورسون ويلز في عام 1948، حققوا نجاحا باهرا في نقل مسرحية شكسبير الاسكتلندية الى الشاشة الكبيرة.
ومن النسخ السينمائية المتميزة للمسرحية فيلم "شوكة دم" (1957) للمخرج اكيرا كوروساوا. واعاد المخرج الياباني الكبير موضعة المسرحية في اليابان الاقطاعية حيث يُقال لساموراي انه سيكون سيدا قويا. وبتحريض من زوجته الطموح يشرع الفارس في مهمة انتقامية دموية معبرا ببراعة عن موضوعات المسرحية في الموت الزاحف والعنف والطموح المدمر. وكانت مسرحيات شكسبير المأساوية ألهمت منذ زمن طويل كوكبة من كبار المخرجين السينمائيين والمسرحيين في العالم وأعطتت الممثلين أدوارا مجيدة يقومون بها.
وفي عام 2009 دشن الكوميدي التلفزيوني البريطاني ليني هنري اول عمل مسرحي يشارك فيه بدور البطولة بمسرحية عطيل. وكانت خبرته المسرحية وقتذاك لا تتعدى الفن الايمائي وموسما صيفيا مع عمل استعراضي موسيقي. ولكن عندما تعامل هنري مع الدور الصعب دحض المشككين بقدرته الجسدية وحضوره المسرحي وتمكنه من النص. كما ساعد قيامه بهذا الدور في شفاء الممثل من النفور من اعمال شكسبير بسبب خبرته السلبية من تعلمها الاجباري في المدرسة. ويضاهي اول عمل اخراجي قام به رالف فينيس بتقديم مسرحية كوريولانوس (2012) عمل كورزيل في هاخراج ماكبث حين يتعلق الأمر بالمعالجة السوداوية الدموية لحكاية بطل من ابطال الحرب. وقدم جيرالد باتار وفينيس عملين رائعين يرويان قصة صراع واعتداد بالنفس وقسوة في نسخة فينيس التي أعد نصها للسينما جون لوغان.
وقُدمت هاملت مرات لا تُحصى على المسرح بقائمة تطول من الممثلين الذين قاموا بدور البطولة حتى وكأنها تبدو دليلا بأسماء الممثلين الكبار، ومنهم ديفيد كاريك الذي قام بدور هاملت في القرن الثامن عشر وادموند كين بعد قرن وعمالقة الحقبة الحديثة مثل لورنس اوليفييه وكينيث براناغ وآخرهم بنديكت كمبرباتش. وقام براناغ بدور هاملت اربع مرات على المسرح بينها عملان من اخراج ديريك جاكوبي وادريان نوبل، ومرة على الشاشة الكبيرة بنسخة سينمائية من اخراجه حققت نجاحا ساحقا باعتراف النقاد. ولاخراج فيلم ماكبث 1996 حشد براناغ نجوما بينهم كايت وينسليت وجولي كريستي وريتشارد اتنبرة وبراين بليسيت وجودي دينتش وروبن وليامز فضلا عن جون غيلغود وجاكوبي. وكان طول الفيلم الذي بلغ 242 دقيقة يعكس التزامه بكل كلمة في النص الأصلي للمسرحية ناقلا كل ما فيها من دراما المكائد النفسية والسياسية. وساهم حشد من النجوم للمشاركة في تقديم مسرحية "الحب مجهود ضائع" عام 2000. وأحيى هؤلاء النجوم بمن فيهم اليساندرو نوفيلا واليسيا سيلفرستون وناتاشا ماكيلهون وادريان ليستر واميلي مورتمر هذا العمل الكوميدي بتحويل قصة ملك واصدقائه الثلاثة الذين قطعوا عهدا على أنفسهم بألا يقتربوا من النساء لمدة ثلاث سنوات قبل ان يسقطوا بسرعة في الحب، الى عمل موسيقي هوليودي من الطراز القديم بأغان للمؤلفين الموسيقيين جورج غيرشوين وكول بورتر. وهام الجمهور في انحاء العالم بالاسلوب البصري والتقنية الصوتية الحديثة لمسرحية روميو وجوليت من اخراج باز لورمان (1996). وقام ليوناردو ديكابريو وكلير دينس بدور العشيقين الشابين في نسخة لورمان التي نقلت المسرحية الى شاطئ في فيرونا يكاد ان يكون حديثا حيث تلهو عصابات متنافسة وتطلق النار على بعضها البعض بأسلحة تحمل اسماء سيوف للحفاظ على نص شكسبير دون تغيير. وبلغت ايرادات الفيلم نحو 150 مليون دولار وأعادت وضع شكبير على الأجندة لجيل جيد من الشباب. كما كانت مسرحية روميو وجوليت الأساس الذي استند اليه فيلم قصة الحي الغربي. وما زال هذا الفيلم عملا سينمائيا موسيقيا قلَّ نظيره.
وقامت ناتالي وود بدور ماريا شقيقة زعيم عصابة من المهاجرين البورتوريكيين وريتشارد بامير بدور توني زعيم العصابة المنافسة. وفاز الفيلم بعشر جوائز اوسكار في عام 1962 بعد نسخته المسرحية الموسيقية التي قُدمت في برودواي عام 1957 قبل الاستمرار في عرضها فترة طويلة، أولا في برودواي ثم في لندن.
واستخدم المخرج الاميركي جيل جونغر في فيلم 10 أشياء اكرهها بشأنك (1999) استعارة مماثلة بتحديث مسرحية ترويض الشرسة لتدور احداثها في مدرسة ثانوية اميركية. وكان الفيلم ضربة مفاجئة صنعت نجوما من ممثليه الشباب الذين قاموا بالادوار الرئيسية.
ويدين اخراج الكثير من أعمال شكسبير في نسخ معاصرة بالكثير للممثل الكبير لورنس اوليفييه. وتبقى قدرته على ضمان بقاء هذه المسرحيات التي كتُبت قبل 400 سنة ذات صلة حية بعالم اليوم قدرة لا تضاهيها قدرة فنية أخرى. وكانت معالجته الكبيرة والتجريبية لمسرحية هنري الخامس التي أُخرجت قبل فترة قصيرة على انتهاء الحرب العالمية الثانية تعتبر عملا وطنيا متميزا في دعم حلفاء بريطانيا في الحرب. وكانت انتقالاته الذكية بين المسرح واجواء الحياة الواقعية انتقالات بارعة.& وسينمائيا لم يتفوق اداء حتى الآن على أدائه في القاء خطبة عيد القديس كريسبن عشية معركة آغنكورت الدموية إبان القرون الوسطى.
&