عبد الجبار العتابي: نعت الاوساط الثقافية والفنية في العراق فنان الشعب يوسف العاني الذي رحل عن الدنيا في احد مستشفيات العاصمة الاردنية عمان عن عمر ناهز الـ 89 عاما .

والراحل من مواليد 1 /7 /1927 في محلة بغدادية شعبية قديمة تعرف بـ (سوق حمادة) وسط بغداد، تخرج من كلية الحقوق لكنه فضّل التمثيل الذي بدأ مزاولته هاويا في المدرسة الاعدادية لذلك كان يحتفل طوال السنين الماضية بصعوده خشبة المسرح المدرسي لأول مرة في 24 شباط عام 1944 ومثل يومذاك دور "يوسف الطحان" في مسرحية من اعداده واخراجه ، ومنها انطلقت رحلته الطويلة مع التمثيل كاتبا وممثلا ومخرجا في الاذاعة والتلفزيون والمسرح والسينما ونال العديد من التكريمات والجوائز العراقية والعربية والدولية في حياته الفنية التي امتدت الى نحو سبعين عاماً

وغادر الراحل العاني العراق بعد عام 2003 وعاش في الاردن لوجود الطاقة الكهربائية بشكل مستمر في الاردن وغيابها في العراق لاسيما ان زوجته ام وسن مريضة ، لكنه كان يزور بغداد كل سنة وطالما احتفت به الاوساط الثقافية والفنية بالشكل الذي يليق به .

اصوات تنعى العاني

نعى الفنان مقداد عبد الرضا الراحل العاني بكلمات قال فيها :ابو يعكوب : انتهى زمن المرح ، ثق لاول مرة لا اعرف ماذا اكتب، حاولت جاهدا، الرحلة لا تستوعبها الدنيا، ايها الاستاذ الصديق، الزمن المدور .. وداعا اغاتي انت.

اما الكاتبة سلوى زكو فقالت : اتمنى على المسرحيين ان يوقدوا شموعهم عند بوابة مسرح بغداد الخربة، هنا كان المعلم يعمل ويعيش ويصارع ويعاند الزمن ويصنع الجمال، رحل المعلم واخذ معه زمن المسرح الذهبي

فيما قال الفنان عزيز خيون مؤسّس ورئيس محترف بغداد المسرحي : يوسف العاني ...فنان الشعب وداعاً .ألموت حق ، هي هكذآ دورة الحياة ، بداية ونهاية ، لكن النهايات تختلف ، يوسف العاني غادرنا جسداً ، لكنه خالد في الزمن ، بإنجازه المسرحي بخاصة والثقافي بعامة ، خالد بيننا ، يشًدُّ من أزرنا ، وفي ذات الطريق ، الذي اخترناه منذ البدايات الأولىٰ، مسرحاً عراقيّاً ، وثقافة عراقية ، وبرغم كل الصعاب التي كابدناها حتىٓ هذه اللحظة، من أجل عراق واحد ، يوسف العاني بيننا كاتباً وممثّلاً ، وصحافيا ، وإداريّاً ، ومثقفاً وطنيّاً ، كان وما يزال .

من جانبه كتب الكاتب علي حسين قائلا : رحيل الاستاذ، بعيدا عن وطنه يرحل يوسف العاني ، بعيدا يغيب وهو يستحضر وجوهاً وشوارع واحداثاً وعادات لاتمحى.. بعيدا يموت المسرحي الكبير ابن بغداد وصورتها النقية ومرآتها التي انعكست فيها همومها واحلامها، بعيدا يغيب لكنه حتما هو اقرب منا الى أزقة مدينته وناسها .فحياته واعماله جزء من تفاصيل واقع وتاريخ تتغلب فيه الذاكرة على النسيان والوطن على المنفى من بعيد ينظر الكاتب الذي نسج ملحمته الوطنية وقال حكمته وهو اشد ثقة بنفسه وكلماته التي تخترق الواقع بلا اوهام او اكاذيب لانها معنية بالانسان، انساننا العراقي بنبضه ودمه، بمسيرته الشاقة وخبرته امام الاحداث بتفاصيل حياته واحلامه المنكسرة . فمن منا لا يتذكر (دعبول البلام) و(ام شاكر) و(نوار) و(حيرة) و(الخان) بشخصياته العديدة التي اصبحت وكأنها تعيش بيننا بملاحمها التي نعرفها وعذاباتها التي لا تزال تنشد الخلاص

غادر الراحل العاني العراق بعد عام 2003 وعاش في الاردن لوجود الطاقة الكهربائية باستمرار

وداع

 وكتب الكاتب والاعلامي عبد الستار البيضاني : وداعا ايتها الروح العراقية الدافئة...وداعا يوسف العاني، واخيرا رحل ظهر هذا اليوم اكثر انسان عرفته اصرارا على الحياة ومقاومة للموت...قاومه ، بالابداع والتأسيس الكبير لمساحة واسعة من المشهد الثقافي العراقي طوال 75 عاما ،مثلما قاومه بالتشبث بالحياة التي نظمها وعاشها على نحو دقيق لايعرفها إلا من كان قريبا منه...

رحل يوسف العاني الرائد والمؤسس والمبدع والانسان الذي يملأ الروح املا وبهجة..رحل جسدا وبقى اثرا وحضورا لن يتمكن الزمن على نسيانه..وداعا ابا وسن..

اما الفنان حسن حسني فقال : الحديث عن الاستاذ الراحل يوسف العاني يطول كثيرا لو اردنا الخوض في تفاصيل كثيرة فهو موسوعة عراقية فنية متنوعة فهو الفنان الرائد والناقد الكاتب والممثل المسرحي العملاق .. فتحنا اعيننا في بداية نشأتنا وكان امامنا هرما كبيرا في المجال المسرحي والسينمائي وكنا ننظر اليه بشغف في نهاية الستينات وما بعدها لنتمتع بما يمتلكه من قدرات هائلة في التمثيل المسرحي فهو المعلم بحق ... 

من اهم مسرحياته الشريعة والخرابة اني امك يا شاكر نفوس المفتاح ومسرحيات ذات الفصل الواحد قاربت العشرين منا راس اشلسله وتؤمر بيك وفلوس الدوه وست دراهم ،وكلما تذكر السينما العراقية يذكر اسم فيلم سعيد افندي ويذكر اسم بطله يوسف العاني.. 

وكنا منبهرين بتلك القدرات التي يمتلكها هذا الفنان الاستاذ .. وشاءت الظروف ان نقترب منه اكثر واكثر واذا به شخصية جبارة ومحبوبة له هالة ساحرة فهو المحب للفن المسرحي بشكل عجيب وكأن الله خلقه للمسرح لا لشيء اخر رغم انه درس الحقوق ..

من الملاحظ عنه عندما تراه في الحياة وتتحدث معه تستغرب بعدها ان رايته وهو يعتلي خشبة المسرح وقد تحول الى طاقة ملتهبة من النشاط والحيوية التي لا مثيل لها وكأنه شاب في العشرين .. فهو عاشق للمسرح بشكل كبير ... وكان مسرح بغداد الذي يقع خلف سينما بابل شاهدا على منجزاته ان كان كاتبا او ممثلا فهو بحق .. فنان الشعب .. ... فوداعا ايها الفنان الكبير رحمك الله وتغمدك فسيح جنانه والهم اهلك الصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون ..انتم السابقون ونحن اللاحقون.

رحم الله فنان الشعب العراقي الكبير يوسف العاني وعزاؤنا انك ستبقى رمزا فنيا لن يغيب