لجأ العديد من الكتّاب على مر التأريخ إلى التخفّي وراء أسماء مستعارة. وقد تنوعت أسباب ذلك: لمجرد رغبة في النفس، أولبيع المزيد من أعمالهم، أوللتهرب من الرجولية، أولسبب إجتماعي.
من الصعوبة بمكان في أيامنا هذه كسب لقمة العيش خلف أسماء مستعارة، مع هيمنة سلطات الضرائب وإنتشار قراصنة الإنترنت في كل مكان. ومع ذلك، يتخلّى العديد من الكتّاب عن هويتهم الحقيقية لأسبابٍ متباينة، منها إقتصادية، وشخصية، أو محض رغبة. وقد أثارت قضية ايلينا فيرانتي (إسمها الحقيقي انيتا راجا)مؤخراً، جدلاً مثيراً في إيطاليا، ولكنها ليست الأولى التي أخفت هويتها الأصلية تحت إسم مستعار، حيث تعود ظاهرة الكتّاب الذين تخلّوا عن أسمائهم الحقيقية وإستعانوا بأسماء أخرى، إلى قرونٍ عديدة.
وكان أول من لجأ إلى التخفّي تحت إسم مستعار هو (فولتير)، الكاتب الفرنسي فرنسوا ماري أرويه. وقد عمد إلى ذلك لعدم الخلط بين إسمه وشاعر معاصر آخر كان يحمل ذات الإسم.
وفي القرن التاسع عشر، أطلق الكاتب الإسباني ليوبولدو غارسيّا – آلاس على نفسه إسم "كلارين"، بناء على طلب من رئيس تحرير إحدى الصحف التي كان يعمل فيها. فقد أراد الأخير من الكتّاب المساهمين في الصحيفة إستعارة إسم من الآلات الموسيقية، وإختار ليوبولدو "كلارين". وبعد سنواتٍ قليلة سطع إسم كاتب آخر هو خوسيه مارتينث رويث، الذي إختار إسم "أثورين" للتخفّي وراءه.
وأما تشارلز ديكنز فقد عُرف خلال أعماله الأولى بإسم مستعار هو "بوز". وكان من كتّاب الأعمدة السياسيين المشهورين، لكن لم يكن يأخذونه على محمل الجد.
ومن الغريب أنه لا يمكن العثور على إسم صاموئيل لانغهورن بين كتب اللغة والأدب، لأن مؤلف رواية "مغامرات توم سوير" بدأ يطلق على نفسه إسم مارك توين بعد أن عمل كقائد سفينة بخارية. و"مارك توين" هو تعبير بمعني "ذراعين"، يطلقه بحارة الميسيسيبي على الحد الأدنى للعمق الذي يمنع جنوح السفينة.
 
بسبب الخوف أو مجرد رغبة في النفس
تباينت أسباب التخلّي عن الهوية الحقيقية واللجوء إلى أسماء مستعارة لدى كلٍ من بابلو نيرودا وجورج أورويل. ووفقاً للصيغة الأكثر إنتشاراً، أن الشاعر التشيلي لم يكن يكتب تحت إسم ريكاردو نيفتالي بسبب رفض أبيه للشعراء. وحدث شئ مماثل لجورج أورويل، الذي لم يوقع أبداً تحت إسم إيريك آرثر بلير كي لا يزعج والديه.
أما تشارلز لودوغ دودغسون فقد كتب رواية الأطفال (أليس في بلاد العجائب) تحت إسم مستعار هو لويس كارول، ويعود سبب ذلك إلى أنه لم يشأ أن يقال أن معلم الرياضيات والمتدين يكتب للأطفال. وذات الشئ يمكن أن يُذكر عن ستيفن كينغ، الذي وقّع على البعض من كتبه بإسم ريتشارد باتشمان، لتجاوز رقابة دور النشر، التي لا تفضل أن يكون كاتباً غزير الإنتاج.
 
التهرب من الرجولية
في الوقت الذي إختار الكثير من الرجال أسمائهم المستعارة لأسبابٍ هشّة، نرى أن معظم الكاتبات المعاصرات (إبتداءاً من القرن الثامن عشر وحتى الآن)، إخترن أسماء مستعارة رجالية من أجل الصمود في عالم لطالما كان حكراً على الرجال. فقد إرتأت الكاتبة الإسبانية سيسيليا بوهل دي فابير أن توقّع كتاباتها تحت الإسم المستعار فيرنان كابالييرو، وهو إسم إحدى البلديات التابعة لمقاطعة سيوداد ريال في إسبانيا.
وذات السبب كان قد دفع كل من الشقيقتين برونتي، شارلوت إيميلي وآن، بعد نحو عشرين عاماً، للكتابة تحت إسم كيور، إليس وأكتون بيل، الأمر الذي لم يقف حائلاً دون بلوغهن الشهرة.
وأما الكاتبة الإنكليزية جوان رولنغ التي كانت قد فشلت في تحقيق النجاح عبر روايتها الأولى (منصب شاغر) الموجهة للبالغين، فقد إختارت أن تكتب تحت إسم جي. كي. رولنغ، عندما أرادت إطلاق روايتها (هاري بوتر) للمرة الأولى، بعد أن نصحها ناشري كتابها التوقيع بالحرف الأول من إسمها، لأن الفتيان ربما لن يحبذون قراءة رواية من تأليف إمرأة.