&
& شهدت الساحة الثقافية ظاهرة غير مسبوقة تمثلت بجدل كبير حول كاتبة روائية شابة اختلفت حولها الاراء ونالت شهرة واسعة&
أثارت كاتبة روائية عراقية شابة الوسط الثقافي العراقي بل انها قسمته الى قسمين، قسم وقف معها وشجعها وقسم وقف بالضد منها واستغرب حالة الترويج التي حظيت بها ،لاسيما بعد ان اقيم للرواية حفل توقيع في نادي الصيد للتعريف بها حضرته وسائل اعلام متعددة ومختلفة وشخصيات ثقافية واعلامية ،فهناك من وجد ان الترويج لها مدفوع الثمن مشيرا الى (أن عصر الرواية التجارية بدأ يبرز على الساحة العراقية بشكل لافت هذه الأيام مع ترويج إعلامي مدفوع الثمن) فيما وصف البعض ما حدث بـ (ظاهرة شهد الراوي) ووجد في الاقلام المناهضة لها (ذكورية) او غير مصدقة ان روائية شابة تنال كل هذا الاهتمام والاضواء فكان الحسد ، فيما يرى المشجعون لها انها ظاهرة تستحق التأمل وان الكاتبة تستحق الوقوف معها لانها استطاعت ان تنتج رواية شجعت القراء لقراءتها ،ويشير البعض الى مقارنة بين هذه الرواية وروايات الكبار (ان تجد كتابا لدستويفسكي او كالفينو او كامو او ساراماكو او باولو كويلو او غيرهم تباع بخمسة آلاف دينار بينما كتاب ساعة بغداد لشهد الراوي في طبعته الثالثة خلال مدة وجيزة ومع انه اصغر حجما من تلك الكتب و يباع بعشرة آلاف فتلك ظاهرة غريبة !)، لكن المفاجأة الكبرى جاءت بطلب ثلاث دور نشر عالمية والسباق فيما بينها للحصول على حقوق " ساعة بغداد"،وتوزيعها حول العالم بترجمتها الانكليزية!!
ورواية “ساعة بغداد”، التي هي أولى إبداعات الكاتبة العراقية شهد الراوي، صدرت حديثًا عن دار الحكمة في لندن، وتقع في ٢٢٧ صفحة من القطع الوسط ، تدور أحداثها في محلة راقية من أحياء بغداد في عقد التسعينيات من القرن الماضي &ترويها طفلة تجد نفسها مع عائلتها في ملجأ محصن ضد الغارات الجوية الأمريكية، ومن هذا المكان يخرج عالم المدينة وتفاصيل حياتها المثيرة، أغانيها وموسيقاها وطموحات ابنائها ومصائرهم المختلفة &بأسلوب سرد يتطور كلما تقدمنا في الزمن، لينتهي بترك الحديث للمستقبل الذي يتبادل الدور مع الراوية وهو يضع &أمامنا كل ما مافاتنا معرفته في الماضي وكل ما سيحدث في القادم من الأيام.
&
صناعة اعلامية
فقد اكد القاص والروائي شوقي كريم حسن،على ان هناك روايات عراقية اذهلت العالم لكنها لم تلق الاهتمام المشابه، وقال :سمعت.. ووصلتني الكثير من الاستفسارات حول هذه الزوبعة التي اثيرت &وهي صناعة اعلامية ممتازة ولكني لااعتقد ان الرواية ترتقي الى مستوى ماحدث من ضجيج تقف وراء ذلك مؤسسة ما وخواص معنية بالكاتبة نفسها.
&واضاف: الرواية في العراق انتجت روايات اذهلت العالم لم يحتف بها المتلقي العراقي كما حدث في هذه السابقة.. لا اريد ان اقارن شهد الراوي باحد ولكني مضطر احيانا لهذه المقارنة من اجل الوصول الى الهدف والغاية والحقيقة.. من الاهم لطفية الدليمي ام تلك.. ميسلون هادي ام تلك.. عالية طالب ام تلك.. عالية ممدوح ام تلك والقائمة تطول.

ظاهرة غير مسبوقة
اما الكاتبة سلوى زكو ، فقد اكدت على دراسة الظاهرة كونها غير مسبوقة ،وقالت :لم اقرأ "ساعة بغداد" ولا اعرف كاتبتها لكنني اتابع ردود الافعال المتشنجة التي استقبل بها نجاح الرواية على صعيد التوزيع والانتشار وهذا ما كان ينبغي دراسته بوصفه ظاهرة غير مسبوقة.
واضافت : علينا ان نفهم سبب احتفاء جيل شهد الراوي بروايتها بدل محاولة تسخيف الحدث والبحث عن اسباب لا علاقة لها بالمنجز نفسه.لا أحد منا مكلف بحراسة بوابة الثقافة والادب.
وتابعت: قرأت تعليق شهد الراوي على الحملة ضد روايتها وهو تعليق يتسم بمنتهى الهدوء ويستحق الاحترام فعلا.
من جانبه استغرب الاديب عامر القيسي الهجمة على الكاتبة،وقال :لم اقرأ نص شهد الراوي "ساعة بغداد" ..قالت عنه رواية ـ ولا اعرفها أيضا، فشنت عليها هجمة ولا أغرب على أساس ان نصّها لاتنطبق عليه مواصفات الرواية !
واضاف: أود ان أسأل كم عدد دواوين النصوص التي يكتب على اغلفة كتبها "شعر" وهي ليس من الشعر بشيء ، والحال ينطبق على بقية انواع الفنون والآداب ..
وتابع : على شهد ان يتسع صدرها للنقد وان كان جارحا وغير موضوعي وشخصي ، فالنص لم يعد ملكها والناس احرار فيما يقولون فيه سلبا او ايجابا فهي قد قدمته لهم في النهاية...تحياتي لها ولكل من يكتب عنها ولها ، وعليها ان تفرح لانهم يقدمون لها دعاية مجانية !!
&
حراك ثقافي ام شتائم ؟ !
اما الروائي حميد الربيعي‏ هو الاخر استغرب من الضجة الحاصلة ، وقال : منذ اسبوع وانا اراقب هذه الحملة المسعورة ، في صفحات الجرائد او التواصل الاجتماعي ، وكلها تدور عن حدث واحد ، للمقتصر من الحياة الثقافية في العراق ، حاول البعض تصويره وكأنه الحراك المهم والظاهرة الفريدة .
واضاف: تتلخص الحكاية كلها بان ثمة رواية جديدة عقدت لها ندوة تعريفية ومن ثم حفل توقيع رافقها ، وهي حكاية عادية من الحكايات التي تمر غالبا دون اثارة زوبعة رمال مرافقة لها ، الجديد في الحكاية ان الرواية تم اقبال الناس عليها من باب الفضول او الاقتناء او نتيجة الدعاية التي رافقت الصدور او ان الموضوع برمته مرتبط بالشابة المؤلفة والتي تجيد الظهور الاعلامي ، نتيجة خبرتها التراكمية في القاء الشعر الشعبي العراقي والذي عادة له صيت وسمعة واسعة ، خاصة في دول الخليج التي تقيم فيها الشابة المؤلفة .كل ماحدث وما قيل لم يشكل ظاهرة مميزة في الحراك الثقافي البغدادي ، فلازال الحدث وما رافقه يبدو موضوعا عاديا ، غير مبتكر او مسلط عليه الضوء بهذه الكثافة .
وتابع : لم يكن يعن لي الكتابة في هذا الموضوع مادام لم يشكل ظاهرة - فريدة - في النشاط الثقافي ، لكني الذي دفعني لمتابعة الحدث هو ما كتب لحد الان من مقالات ، سواء عن الرواية او الظاهرة او الكاتبة الظاهرة ، وفي كل الاحوال تعد مثل هذه الكتابات تعبيرا عن الانفعالات التي ترافق الاحداث والتي تغرق فيها الساحة الثقافة العراقية اكثر من - غرقها - بالحدث ذاته ، ذاك ان الانفعالات المرافقة هي حتمية لما يدور في الساحة ، خاصة غياب النقد والرصد الحقيقي لاحداث الساحة وانتاجها الابداعي .بيد انما هو ملفت للنظر في هذه الحملة الاعلامية من تقولات ، تخرج اصلا عن الحدث وتدخل في مجال التطاول على الحقائق ، اولها الاسماء الرائدة في السرد او محاولة انكار اهمية او وجود الرواية العراقية .
&
شهد الراوي ترد ..
اما الكاتبة الشابة شهد الراوي فقد ردت على ما جرى بالقول : كتابة رواية هو ليس كل شيء في هذه الحياة ،هي تجربة قررت ان أخوضها ولست نادمة عليها ، انا احب الكتابة وجربت ان اكتب روايتي الاولى ،وهذا ليس ممنوعا علي ولا على غيري ، ليس هناك من لديه سلطة مثل هذه،فهناك الاف الروايات تصدر شهريا في العالم، ليست كلها عبقرية وبمستوى مدام بوفاري وانا كارنينا والحب في زمن الكوليرا على سبيل المثال ، هناك مستويات تمليها ظروف ثقافية وابداعية ، اذا كانت محاولتي لم ترق لك شخصيا لا تشغل وقتك الثمين بها، ابتعد وفتش عن غيرها ..هناك غيرك من احبها ، وهذا امر يحدث مع كل رواية تقريبا ونادرا ما يحب كل الناس رواية بعينها ، الرواية ليست كتابا مقدسا ، هي فن بشري ولد في مطلع القرن السابع على يد جندي إسباني اسمه ميغيل دي سرفانتس، عاد من الأسر وكتب اولى رواياته دون ان يستأذن احداً ما ، ولحسن الحظ لم يشتمه احد ما. ولم يصور احدهم الصفحة الاولى من روايته ويطوف بها شوارع مدريد تتبعه جموع من المطبلين وهم يصرخون ما هذا يا الهي ؟
واضافت :تعلمت من نقدكم وملاحظاتكم الكثير واشكركم على ذلك ، وتعلمت درسا اخر لن أنساه ، هو ان التجريح الشخصي الذي صدر عن البعض أمر مقيت جدا وفيه وحشية لا يقبلها الانسان المتحضر على نفسه ، لذلك سأكون حذرة اكثر مما انا عليه في اختيار مفرداتي مع الاخرين خشية ان أسبب لهم اي نوع من الالم . وهذا درس جيد أشكر من علمني اياه دون ان يقصد . البذاءة تعلمك ان تتجنبها ..
&وتابعت: وعد مني لكل الاصدقاء، لكل الصديقات ، بأنني لن انكسر ولن انهزم، ولن أتردد في خوض تجربة الرواية مرة اخرى واُخرى ، القبح والكراهية والشرور هي التي يجب ان تنهزم ، هي التي يجب ان تضيق مساحة وجودها ..