« إيلاف» من مراكش: احتفى مهرجان مراكش بـ"الملكة" إيزابيل أدجاني، فأهداها، في أمسية تكريمها، نجمة، مع هالة تليق بها، لأنها كما قال عنها المخرج الموريتاني عبد الرحمن سيساكو، الذي كان إلى جانب المخرج والممثل وكاتب السيناريو الفرنسي كريستيان أونوراي، كما حضر الممثل والمخرج والمنتج الروماني كريستيان مونجيو، أحد ثلاثة تحدثوا عن تجربة النجمة الفرنسية وقدموا لها نجمة تكريمها، إنها "تعكس جمالاً نادراً، يحلم به كثيرون"، وتتمتع بـ"شخصية عصامية"، فضلاً عن أنها "امرأة حرة، من طراز نادر، لم تؤثر الشهرة في معدنها".

النجمة إيزابيل أدجاني تتسلم نجمة تكريمها في مهرجان مراكش

استحواذ

تحدثت أدجاني عن أهمية المهرجانات في حياة السينمائيين، وقيمة مهرجان مراكش. كما قالت كلاماً جميلا في مدينة مراكش، المؤهلة، حسب قولها لأن تكون "عاصمة للفكر والروح"، مبرزة ميزة كرم الضيافة التي تميز أهلها. كما تحدثت عن عدد من المخرجين، أمثال كلود بينوتو في "الصفعة" وفرانسوا تروفو في "قصة أديل" وأندري زولاوسكي في "استحواذ" وجيمس أيفوري في "رباعية" وجون بيكر في "الصيف القاتل" ولوك بيسون في "سابواي" وبرونو نويتين "كامي كلوديل" وباتريس شيرو وجون بول ليليانفيلد في "يوم التنورة"، والتي قالت إنها كانت محظوظة بهم، وبالأدوار التي أدتها، والتي أثرت في شخصيتها.

مشهد من فيلم "يوم التنورة" لجون بول ليليانفيلد

 

جنون الرومانسية

تتحدث أدجاني، التي تم وصفها كأنها غامضة .. كأنه لا يمكن الوصول إليها، وكأنها لا تعرف الخوف، عن علاقتها بالقراءة، فتقول: "القراءة بالنسبة لي أفضل ملاذ ألجأ إليه. قرأت منذ سن الحادية عشر، كبريات الكتب ومؤلفات التحليل النفسي، كانت لدي رغبة في اقتحام العقل الباطن للكتابة، وفي سبر أغوارها. أعشق الرومانسية إلى درجة الجنون، لكني لا أخطط لأي شيء، استمع لما يتردد صداه في داخلي، لما أرغب في منحه الوجود. إن الخيارات التي تبنيتها كانت ترتبط على نحو متزايد بتلك اللقاءات الاستثنائية مع مخرجين يؤمنون بمشاريعهم".

 النجمة إيزابيل أدجاني، برفقة لويس جوليان بوتي، مخرج آخر أفلامها "كارول ماتيوه"، في أمسية تكريمها بمراكش

 

إنسانية

كما تتحدث عن ظروف نشأتها، فتقول: "نشأت في بيئة تخفي الأنوثة خوفاً من اتهامها بالبذاءة. كان علي، في يوم من الأيام، أن أقرر أن أكون جميلة لأنه لم يسبق أن قيل لي إنه يمكنني أن أكون جميلة. علاقتي بجسدي وتزمتي لعبا لي أدواراً قذرة. أنا من النوع الذي يهتم بالأمومة. ولكن أن أسمح لنفسي بأن أظهر ثم أختفي يتطلب مني رعاية خاصة. لا نرى ممثلة تكبر في السن بشكل جلي إذا كانت لا تغادر الشاشة. إن الطريقة التي ينظر بها إلى عملنا تجعلني أفقد الرغبة، شيئا فشيئا، في الاستمرار. لا شك أني شديدة الحساسية من هذه الحاجة المستمرة. أنا ممتنة دائما للممثل أو المخرج الذي يجعلني اكتشف جوانب غير معروفة في الإنسان. بالنسبة لي، من الضروري الاشتغال على عمل له علاقة بالإنسانية، سواء في معنى الجماعة أو في المعنى الإنساني المتفرد، وذلك من خلال تشخيص الجانب المؤلم من حياة شخص في محنة ما. أحتاج لأن أعرف وأن أفهم لكي أكون قادرة على أن أقرر في أمر ما، وألا أظل جامدة... أعتقد أن الأمر ينطبق كذلك على الجمهور. لقد قلت ذلك مرات عديدة، أنا لا أزاول وظيفة عادية، بل هي وظيفة على صلة بالعقيدة. أنا في حاجة للاعتقاد بأن هناك فائدة في ما أقوم به، أو على الأقل، أن أشعر بأن تمة متعة في ذلك. طموحي الأول هو إنقاذ العالم، هو العمل في المجال الإنساني".

مشهد من فيلم "الملكة مارغو" لباتريس شيرو

 

السعادة والمأساة

كما تتحدث عن علاقتها بالمسرح، فتقول: "في فترة الشباب، كان الفضاء الأمثل بالنسبة لي مرتكزا على الرغبة في اللعب، على نقل النصوص الكبرى، مثل السعادة والمأساة في الحب عند راسين. كنت أرغب منذ سن الثالثة عشرة في لعب راسين، كانت لغته هي لغتي. كنت أشعر بسعادة حقيقية في الحب، رغم كل شيء. وحتى إن اعتُبرت رؤية صوفية ساذجة، فأنا أعتقد أن لا شيء يتم بشكل جيد على خشبة المسرح أو على الشاشة إذا لم نقدم كل ما لدينا إلى درجة التضحية. ما كنت أحبه في التمثيل هو أن نلعب إلى درجة الاستنزاف. تشخيص دور "ماري ستيوارت" أخذ مني جهدا كبيرا. مع توالي التمثيل، تأتي الشخصية للبحث عني في الصباح الباكر، تتقلص كل يوم على نحو متزايد فترة الراحة التي تفصل بين لحظة ذهابي في المساء بعد العرض وعندما تسكنني من جديد. كنت أُنهش كل يوم، كان واقعي اليومي يبتعد عن الواقع، كان واقعي الحقيقي هو الخشبة، هذا الفضاء الفريد الذي يجعلني أتجاوز نفسي. كان وقع الرجوع إليها بما يشبه المخدرات، إنه أمر خطير، لكنه لا يقاوم، أمر مخيف فعلا. كنت أعلم أنه يجب إيقاف ذلك وإلا ربما كنت سأموت".

في أمسية تكريم النجمة إيزابيل أدجاني في مراكش

 

خطيئة التمثيل

بخصوص السينما، تقول: "أن تكون ممثلة هو نوع من الخطيئة. ومع ذلك، كان من السهل بالنسبة لي أن ألعب. كنت أقول لنفسي إنه من غير الطبيعي أن يكون الأمر بهذه السهولة، كنت أعقد الأمور عن قصد. كان فرانسوا تروفو أول من علمني ألا أشعر بالذنب من سهولة الأشياء. كان يحاول تخليصي من أسئلتي العديمة الفائدة، ومن كل تركيز بدون جدوى. كنت أعتقد أن علي لعب دوري في الفيلم كله في كل مشهد من مشاهده، كان يقول لي إن من واجبي فقط وضع حجر في البناء الكلي للفيلم. إن الهدم هو الذي يبقيني قائمة، وليس البناء. كنت أحب مجاراة فرانسواز ساغان، التي كانت تبرئني عندما أخطئ، وكانت تتفاجأ من منحوتاتي ومحظوراتي. كانت تقول لي: لماذا لا يحق لنا وقف الارتجاج؟ وتبقى المفارقة في أنه إذا كنت أحب هذا العمل بحماس، فإني سأقضي وقتي في الهروب منه".

 النجمة إيزابيل أدجاني في حفل تكريمها في مراكش

نزوات الآخرين

تستحضر أدجاني مسارها، وكيف أصبحت نجمة مشهورة في سن مبكرة، فتقول: "أن تصبح نجمة مشهورة عن سن 18 سنة، يعتبر كارثة حقيقية عندما نكون قد غادرنا حديثا منزل العائلة. بحيث تصبح ضحية نزوات الآخرين التي لا يمكنك فهمها. لم أكن أعرف شيئا عن المتخيل الاجتماعي، عن وسط النجوم. فقد أتيت من ثقافة كانت تعتبر حتى الصور الفوتوغرافية أمرا فاحشا. أريد أن أعمل أكثر لأكون راضية عن نفسي، وأفتخر بما أنجزته في مرحلة لاحقة. أود القيام بهذا التعاقد مع نفسي. أحب الدقة والصرامة، ولكن، أيضا، ما هو غير متوقع، أي الجانب غير المتوقع في التصوير: فغير المتوقع يغمرني سعادة. إذا لم يرافقك فيلم ما في اتجاه غير متوقع، ليصل بك إلى ما كنت تأمل وتتمنى، فمعنى ذلك أنك لم تصل إلى أقصى الدرجات. الممثلون والمخرجون الكبار ليسوا موظفين أو متاجرين، إنهم في حاجة لتتحرك فيهم مواهبهم وخبراتهم وذكاؤهم وبراعتهم".

مشهد من فيلم "يوم التنورة" لجون بول ليليانفيلد