هدوء مخيف و وحشة سكنت وسط المكان .. &الأشجار المعدودة في حداد دائم ، أوراقها صفراء كأنها لم تعرف طعم الزاد منذ زمن ، العصافير التي بنت اعشاشها على تلك الأغصان الميتة في نوم طويل ، فلا تغريد هنا وكل ما حولي يبكي ، دخلت أجر خلفي الحزن والدمع بعيني يجر الدمع والرهبة تثقلني ، أحيي أهل القبور .. و أسألهم &عن حال قلبي الذي بات الليالي بينهم وأكمل العام ، هل سمعوا صوت أنينه &؟ فقد تركت هنا ولدي .. بعد أن أقسم لي بأن لا أذرف الدمع ولا يبكي قلبي لألمه .. وقفت على قبره و تحت أقدامي جمر ، و فوقي سماء تفتح صدرها لرجائي برحمته .. والدمعة التي احبسها في طرف عيني تحدثه :&

&" كنت أظن و أنا أسير بين هذه القبور بأنني سوف أسبقك إلى النوم تحت ترابها ، كما كنت أظن بأن الذي خرج من رحمي لن يخرج من قلبي أبداً ، عندما فتحت عينيك على الدنيا أشرقت الشمس وسكنت أيامي لتملأها دفاً لم أكن لأعرفه لولاك ، لذا كنت أقبل في كل صباح تلك العين التي أرى من خلالها وجه السلام للحياة التي تنبض بقلبك.&

كبرت على كفي وفي قلبي الذي أمتلئ بك وفاض ، أصبحت تدخل مع كل نور و مع كل صوت يذكر الخير ، تقبل كفي وأنت تجلس في حجري و تعدني كل يوم بأمل جديد يليق بعمرك .. و بشبابك الذي تستعجله لتحتضن مستقبلك الذي لم تفرح به ، كنت تحدثني كل مساء عن أحلامك حتى تنام على أمل ، و تصحو مع الفجر لتخلق فرصتك وتكتب &بجانب هدفك فعلتها ثم تأتي فرحاً لتبشرني بانتصارك على خوفك و بمحاولتك رغم اليأس الذي كان يراودك أحياناً بعد السقوط &، السقوط .. ذلك الذي تركتني به &ورحلت إلى آخرتك حيث الأرواح تلتقي بالسماء ، و أنا بين أهل الأرض &انتظرك كالضيف تمر بأحلامي العطشى لرؤياك تطمئنني بأنها ليست رحلة غربة ولا وحشة إنما وجدت بها راحة لقلبك وبدنك " .

فأسقطني الواقع بضربة موجعه فوق قبره لأبكيه , فالأموات لا تصل أصواتهم إلى اسماعنا فكيف أسمعه ؟ ، أخذت أشم تراب قبره ابحث في حباته عن &رائحة المسك التي كانت تفوح من جسده ، لكن حبات الرمل فقدت عطره , أخذت أبحث عمن يحمل اجابه تمسح على قلبي فرأيت رجل كبير في السن كان ينتظر يومه بينهم &مع مصحف صغير يلازم قلبه , فسألته إن كان يسمع صوت من قبره ينادي علي أو يسأل عني لكنه لم يجبني لأنه لم يسمعني فجوارحه معلقه بالسماء , وبقيت مع حسرتني بين نواح من فارقوا أحبابهم , عدت إلى ولدي فوضعت رأسي فوق قبره لأسأله من أي باب خرج كي ألحق به , فقد كنت أستقبل يومي به وأودعه وهو يغمض عينيه على صدري , والآن من يملئ القلب حباً ويمسك بيدي لأسير في هذه الحياة وقد فقدت نفسي ؟!&

&