&
بدأ عام 2016 بداية حزينة في عالم الموسيقى الذي فقد اولا بيير بوليز ثم ديفيد باوي والآن الموسيقار البريطاني السير بيتر ماكسويل ديفيز الذي توفي عن 81 عاما بعد صراع مع سرطان الدم. تضم تركة السير بيار الموسيقية 333 عملا بينها 10 سيمفونيات و10 مما يُسمى ستراثكلايد كونتشيرتو و19 عملا موسيقيا للمسرح وعدد لا يُحصى من القطع التي كتبها ديفيز لموسيقى الحجرات. كتب ماكسويل &ديفيز اوبرا دكتور ميدفاي في غضون ستة اسابيع لم يتوقف خلالها إلا للأكل والنوم. &وفي منتصف العمر عاش حياة متقشفة اقرب الى حياة الناسك الذي نذر نفسه للتعبد في جزير اوركني النائية حيث كان عليه ان يسحب الماء من بئر ويمشي عدة كيلومترات لشراء قنينة حليب. &وعقد ماكسويل ديفيز هناك صداقات عديدة فيما اكتشف ضيوفه انه طباخ ماهر في اعداد أكلات الباستا الايطالية وهي مهارة اكتسبها من ايام دراسته في روما إبان الخمسينات. ويقول آيفن هيويت ناقد الموسيقى الكلاسيكية في صحيفة الديلي تلغراف انه كان في التسعينات كثيرا ما يستضيف ديفيز في برنامجه الاذاعي على راديو بي بي سي ـ 3 ولاحظ ان هذا الملحن الموسيقي الكبير يتعامل مع الجميع باحترام دون تمييز ، سواء أكان اكاديميا كبيرا أو شغيلا يقدم له الشاي. وبادر السير بيتر ماكسويل ديفيز خلال اقامته في جزيرة اوركني الى اطلاق برنامج سنوي ما زال مستمرا ، وكتب ايضا العديد من الأعمال الموسيقية للأطفال.&
&
كان ماكسويل ديفيز فجر فضيحة بعمله "يقظة القديس توماس" حين قُدم في لندن وأكثر من ذلك في المانيا. &وكانت اسوأ هذه الأعمال المبكرة صيتاً "ثماني اغان لملك مجنون" التي يستوحي فيها جنون الملك جورج الثالث باسلوب تعبيري ذي حدة تمزق الأعصاب ، على حد تعبير الناقد الموسيقي هيويت. سيكون من باب التسطيح القول ان ماكسويل ديفيز انقلب من شاب راديكالي الى كهل محافظ بل كانت تعابير وجهه تؤكد ان شيئاً لم يهدأ بقي يتململ فيه. & كان في داخله غضب انسكب لفترة قصيرة في العنف الساخر لهذا الأعمال التي كتبها في الستينات واوائل السبعينات. وكان الدين هدفاً لسهامه في احيان كثيرة، ولكنه كان مع ذلك يحترم الثقافة المسيحية اللاتينية للقرون الوسطى . &وفي السنوات الأخيرة من حياته بدا متصالحا مع الكنيسة &بل كتب حتى بعض القطع الطقوسية. &واختفت تلك الحدة الساخرة في الغالب بتأثير السلام الذي أدخله في نفسه هدوء الطبيعة في جزيرة اوركني وانهماكه المتزايد في التقليد الكلاسيكي للموسيقى. &وكان الغضب ينفجر في بعض المناسبات ولكنه تحول الى غضب سياسي. &وفي السبعينات كتب قطعة موسيقية موجهة ضد شركات استخراج اليورانيوم. &ويتذكر الناقد هيويت ان ماكسويل ديفيز حمل بشدة في آخر مقابلة اجراها معه على حرب العراق التي كانت موضوعا نسجه في بناء سيمفونيته التاسعة. وعلى ما للقطع التعبيرية والساخرة من روعة فان جوهر موسيقى ماكسويل ديفيز يكمن في تلك الأعمال المتألقة التي تتسامى بالغضب الى صفاء حارق، جليدي وساخن في آن واحد. وفي اعمال ماكسويل ديفيز الأخيرة تشع الطبيعة القاسية والخلابة لجزيرة اوركني من خلال العزف المتقشف للنص، وهو تأثير اشار اليه ماكسويل ديفيز نفسه.&
&
ويبين هذا الاحساس بالطبيعة ان ماكسويل ربما بدأ حداثويا اوروبيا قيد التكوين ولكن الموسيقار الذي ظهر لاحقا كان انكليزيا الى حد بعيد ، بحسب هيويت. وكان انكليزيا من نواحي اخرى. &إذ كان ماكسويل ديفيز صبيا نشأ في عائلة تنتمي الى الشريحة الدنيا من الطبقة الوسطى في شمال انكترا ، على غرار الأكاديمي ريتشارد هوغارت الذي غطت اختصاصاته السوسيولوجيا والأدب الانكليزي &والرسام والمصمم والمصور الفوتوغرافي ديفيد هوكني. &ولهذا السبب كان مصمما على نقل قيم الثقافة الراقية الى الجيل الناشئ. &فهو كان يعرف أهمية هذه القيم لأنه خاض كفاحاً شاقاً من أجل امتلاكها. &ونال بذلك هيبة نادرة في الحياة الثقافية اليوم ، وذلك سبب آخر لرثائه. &
&

السير بيتر ماكسويل ديفيز، هرطوقي الموسيقى الكلاسيكية البريطانية،&وضع، في مطلع سبعينات القرن الماضي، موسيقى تصويرية لأفضل فيلمين من اخراج صديقه كين روسل هرطوقي السينما البريطانية: "صديق الفتاة"، و"الشياطين" المقتبسة من رواية الدوس هكسلي. هنا متتاليات موسيقية من الفيلمين وقطع أخرى.

&