&

&

صدرت حديثاً عن دار المتوسط رواية للكاتبة العراقية ليلى قصراني بعنوان "الطيور العمياء"، وهي الثانية لها بعد رواية "سهدوثا"،2011.&وتنقل الكاتبة في روايتها "الطيور العمياء"، التي يمكن إدراجها ضمن الروايات التاريخية، الأحداث التي تقع في قرية وهمية تبعد مسافة يوم عن ديار بكر، الواقعة في جنوب شرق تركيا، حيث يتعرض أهالي القرية من الأرمن للتهجير في عام 1915، ليموت البعض منهم في البرية، ويهرب البعض إلى الموصل، بينما يصل البعض الآخر إلى بلاد الشام.&ليلى قصراني عراقية آشورية، ولدت في محافظة الأنبار عام 1967، وتقيم حالياً في الولايات المتحدة الأمريكية. &
&

مقطع من الرواية :
...ﺤﻠﻤت كوهار ﺒﺤﻘول اﻟﺤﻨطﺔ ﻓﻲ أطراف اﻟﻘرﯿﺔ واذا ﺒﻬﺎ ﻗد ﺘﯿﺒﺴت واﻤﺘﻸت ﺒﻘطﻊ ﻓﺨﺎر ﻤﻛﺴورة اﻤﺘدت ﺤﺘﻰ اﻷﻓق، ﻛﺎن ﻫﻨﺎك رﺠﺎل ﻤﻛوّمين ﻋﻠﻰ ﺠﺎﻨﺒﻲ اﻟطرﯿق ﻟم ﯿﺘﺒقَ ﻤﻨﻬم إﻻ ﺒﻘﺎﯿﺎ ﻤﻼﺒﺴﻬم اﻟﻌﺎﻟﻘﺔ ﺒﻌظﺎﻤﻬم. أﻤﺎ واﻟدﻫﺎ ﻓﻘد ذوى ﻋودﻩ، واﺨﺘﻔﻰ ﻓﻲ اﻟطرﯿق اﻟوﻋرة. رﻛﻀت ﻛوﻫﺎر ﺒﺎﺤﺜﺔ ﻋﻨﻪ وﻫﻲ ﺘﺘﻌﺜر ﻓﻲ ﺨطواﺘﻬﺎ. ﺤﯿﻨﻤﺎ ﺴﻘطت اﻨﻘﻀّت ﻓوﻗﻬﺎ اﻟطﯿور اﻟﺠﺎرﺤﺔ وراﺤت ﺘﻨﻬش ﻟﺤﻤﻬﺎ. ﻗﻔزت ﻛوﻫﺎر ﻤن ﻓراﺸﻬﺎ ﻓزﻋﺔ ﻓﺘﺤﺴّست &ﺠﺴدﻫﺎ وﻋرﻓت ﺒﺄن ذاك ﻟم ﯿﻛن إﻻ ﻛﺎﺒوس ﻓﻌﺎدت إﻟﻰ ﻨوﻤﻬﺎ. ﻓﻲ اﻟﺼﺒﺎح ﺴردت اﻟﻤﻨﺎم ﻟﺠدﺘﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻟت ﻟﻬﺎ وﻫﻲ ﺘﺨﻔﻲ ﻗﻠﻘﻬﺎ "أﻨت ﺘﺤﻠﻤﯿن ﻛﺜﯿرا ﻷﻨك ﺘﻨﺎﻤﯿن ﻛﺜﯿرا". ﻟﻛن ﻛوﻫﺎر ﺘﺴﺎءﻟت "ﻫل ﺴﯿﺘرﻛﻨﺎ واﻟدي وﯿذﻫب ﺒﻌﯿدا؟ "ﻛﺎﻨت ﻛوﻫﺎر ﻤﺘوﺠﺴﺔ وﻻ ﺘﻌرف ﻟﻤﺎذا ﺘﺘﻔوﻩ ﺒﻛﻼم ﻛﻬذا .ﻗﺎﻟت اﻟﺠدة ﻟﺤﻔﯿدﺘﻬﺎ ﺴﺎﺨرة"ﻤﻨﺎﻤك ﺒﺎطل، ﻷﻨك ﻟم ﺘﺤﻠﻤﻲ ﺒﻪ ﻓﻲ ﺴﺎﻋﺎت اﻟﻔﺠر اﻟﻤﺒﻛرة، واﻟدك ﻟن ﯿﺘرﻛﻨﺎ، أﻨﺎ ﻤن ﺘرﻛﻨﻲ واﻟدي ورﺤل دون أن ﯿﺼل ﻋﻤرﻩ اﻟﺜﻼﺜﯿن، ﻛﻨت أﺤب أﺒﻲ وﻫو ﯿﺤﺒﻨﻲ، ﻗﺒل أن أوﻟد ﺒﺴﺎﻋﺎت، &ﺨﺎف ﻋﻠﻰ أﻤﻲ اﻟﻤﺘﺄﻟﻤﺔ ﺒوﻀﻊ اﻟوﻻدة اﻟﺨطر، وﺼﻌد إﻟﻰ اﻟﺴطﺢ، وﻤن اﻟﻔﺘﺤﺔ اﻟﻤﺴﻤﺎة ﯿردﯿك، رﻤﻰ ﺒﺒﯿﻀﺔ ﻋﻼﻤﺔ ﷲ ﻛﻲ ﺘﻠدﻨﻲ أﻤﻲ ﺒﺴﻼﻤﺔ .ﻟﻘد وﻟدﺘﻨﻲ وﻫﻲ ﺠﺎﻟﺴﺔ ﻓﻲ اﻟوﻋﺎء اﻟﻤﺨﺼص ﻟﻠﻌﺠن اﻟﻤﻤﺘﻠﺊ ﺒرﻤﺎد اﻟﻔرن ﻛﻲ ﺘﺤلّ اﻟﺒرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﯿت، وﯿﻌمّ اﻟﺨﯿر ﻓﯿﻪ، ﺒﻌد ﺸﻬرﯿن ﻋﻤدّﻨﻲ اﻟﻘﺴﯿس ﻓﻲ اﻟوﻋﺎء ذاﺘﻪ. ﻫﻛذا ﻫﻲ اﻟﺒﻨت ﯿﺎ ﺼﻐﯿرﺘﻲ ﺘﺄﺘﻲ إﻟﻰ اﻟدﻨﯿﺎ وﺘﺠﻠب ﻤﻌﻬﺎ ﻛل اﻟﺨﯿر، ﺜم ﻛﺒرتُ وﺠﺎء ﺠدك ﻟﺨطﺒﺘﻲ ﻤﻊ واﻟدﻩ اﻟذي ﻗﺎل ﻷﺒﻲ "ﻓﻲ ﺤدﯿﻘﺘﻛم ﯿوﺠد وردة ﺠﻤﯿﻠﺔ وﻨﺤن ﻻ ﻨرﯿد ﺸﯿﺌﺎ ﻤﻨﻛم إﻻﻫﺎ. ﻟﻛﻨﻨﺎ ﻨﻌدﻛم ﺒﺄﻨﻨﺎ ﺴﻨﺤﺎﻓظ ﻋﻠﯿﻬﺎ، ﻟﻘد ﺠﺌﻨﺎ ﻟﻨﺄﺨذ ﺤﻔﻨﺔ ﻤن رﻤﺎد ﺘﻨورﻛم ﻟﻨﻀﻌﻪ ﻓﻲ ﺘﻨورﻨﺎ وﯿﺼﺒﺢ ﺒرﻛﺔ ﻟﻨﺎ ".ﻗﺎل ﻟﻪ أﺒﻲ ، ﺨذ اﺒﻨﺘﻲ، أﻤَﺘُك ﻫﻲ وﺨﺎدﻤﺔ ﻋﻨدك ﻤن اﻟﯿوم وﺼﺎﻋدا، ﺜم ﻗﺎل ﻟﻲ ﺒﻌد زواﺠﻨﺎ، ﻟو ﺨﺎﺼﻤتِ زوﺠكِ ﻓﻠﯿس ﻟك ﻤﻛﺎﻨﺎ ﻓﻲ ﺒﯿﺘﻨﺎ. ﻫﻛذا زوﺠّوﻨﻲ وﻟم ﯿﻛن ﺜدﯿﺎي ﻗد ﻨﺒﺘﺎ ﺒﻌد، ﻟﻛن ﺴرﻋﺎن ﻤﺎ ﺼﺎر ﻋﻨدي ولدي دﯿﻛران. ﻛﺎن ذﻟك ﻤن ﺴﻨوات ﻋدﯿدة وﻤﺎ زﻟت أذﻛر وﻛﺄﻨﻪ اﻟﺒﺎرﺤﺔ ﺤﯿﻨﻤﺎ ﻨﺎوﻟﻨﻲ اﻟﻘﺴﯿس ﺠرة ﺼﻐﯿرة ﻤن اﻟﻔﺨﺎر ، ﻛﺴرﺘﻬﺎ ﻋﻨد ﻋﺘﺒﺔ اﻟﺒﺎب ودﺨﻠتُ ﺒﯿت أﻫل زوﺠﻲ ﻷول ﻤرة.

"أﻛﻨت ﺘﺤﻠﻤﯿن ﺤﯿﻨﻤﺎ ﻛﻨت ﺒﻌﻤري؟"

"طﺒﻌﺎ ﻛﻨت أﺤﻠم ﺒﺄﻨﻲ ﻗد ﻛﺒرت وﺘﺤوﻟت إﻟﻰ ﺸﺠرة ﺘﻔﺎح ذات أﻏﺼﺎن ﻓﺎرﻋﺔ ﺴﺄﻀرب ﺒﻬﺎ ﺤﻔﯿدﺘﻲ اﻟﺼﻐﯿرة ذات ﯿوم ﻋﻨدﻤﺎ ﻻ ﺘﺴﻤﻊ اﻟﻛﻼم وﻻ تمتثل لما أﻗول "...ﻫﻛذا ﻗﺎﻟت اﻟﺠدة ﻟﺘطرد ﻛل ﻓﻛرة ﺸرﯿرة ﻤن رأس ﺤﻔﯿدﺘﻬﺎ ﺜم ﻏﻨت ﻟﻬﺎ :

"ﻏدا ﺴﺘﻛﺒرﯿن أﯿﻀﺎ وﺘﺘزوﺠﯿن.

وﺴﯿوﻟد ﻟك ﺼﺒﻲﱞ أﻤﺎ أﻨﺎ ﻓﺘزوﺠت ﺼﻐﯿرة،
&

ﻤن ﺒﻌﯿد، ﺠﺎء رﺠل ﻟﺨطﺒﺘﻲ ﻤﻊ أﻤﻪ وأﺒﯿﻪ،

وواﻓق أﺒﻲ ﻻ أﻋرف ﻟﻤﺎذا،

رﺒﻤﺎ رﺸوﻩ ﺒﻘﺎرورة ﻨﺒﯿذ ﻤﻌﺘّق، وأﻤﻲ ﺒﺜوب ﻤطرز،

أﻤﺎ أﺨﻲ اﻟﺒﻛر ﻓﻀﺤﻛوا ﻋﻠﯿﻪ ﺒﺨﻨﺠر،

وأﺨﻲ اﻟﺼﻐﯿر ﺒﻘطﻊ اﻟﺴﻛﺎﻛر اﻟﺸﻬﯿﺔ،

رﺠل ﻏرﯿب ﺠﺎء ﻤن ﻤﻛﺎن ﺒﻌﯿد وأﺨذﻨﻲ ﻤن أﻫﻠﻲ ،
ﺜم ﺒﻛﯿت وﺒﻛﯿت، وﻗﻠت ﻷﻤﻲ ﻤن ﻫو ﻫذا اﻟﻐرﯿب اﻟذي ﺴﯿﺄﺨذﻨﻲ ﺒﻌﯿدا؟

ردّت أﻤﻲ ﻀﺎﺤﻛﺔ، ﻻ ﺘﺤزﻨﻲ ﯿﺎ ﺒﻨﺘﻲ،

ﺴﯿﺄﺘون ﺒك ﻓﻲ ﻋﯿد اﻟﻔﺼﺢ إﻟﻰ ﺒﯿت أﺒﯿك وﺒﯿن ذراﻋﯿك ﯿرﻗد ﺼﻐﯿرك"...